فاطمة الشايجي تنصح النواب بحضور أمسيات جلال الدين الرومي

زاوية الكتاب

كتب 717 مشاهدات 0


الشاهد

حياك الله يا الرومي

د. فاطمة الشايجي

 

طلب النائب الفاضل محمد الجبري في العام 2013من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط مصطفى الشمالي السيرة الذاتية لكل أعضاء مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، وتساءل إذا كان أي منهم عضواً في مجلس إدارة شركة صناعة الكيماويات البترولية وقت الموافقة على المشاركة في الكي- داو. كما طلب السيرة الذاتية والاسم الرباعي لكل من تمت ترقيتهم في 2013/9/20من الأعضاء المنتدبين بالمؤسسة وشركاتها، وهو إجراء سليم يساعد النائب على معرفة الحقائق لكي يتخذ القرار والحكم السديد في شأن قضية الكي ـ داو، وإجراء يحصن النائب أيضا من الوقوع في خطأ قذف الناس بأي تهمة قد تؤثر على سمعتهم أو على مصداقيته هو كنائب يمثل الشعب ومخول بالحفاظ على ثرواته وموارده.

إلا أنه يؤسفني أن الجبري مؤخرا قد اعتمد على رسالة من أحد الأصدقاء مفادها أن الرومي صاحب خزعبلات ويعلم الرقص، وبناء عليه طالب الجهات المختصة بمنع وإلغاء إقامة أمسية تعرض لفكر جلال الدين الرومي وشعره، ولم يكلف نفسه أن يطّلع على سيرة الرجل التي إن قرأها لوجد أن فكره قائم على فضيلة يفتقدها المجتمع الكويتي حاليا وهي الحب، فالرومي يرى أن قوى الحب يمكن لها أن تغلب قوى الشر، والحب عند الرومي يتمثل في أن حب الله هو الطريق إلى حب خلق الله. وإذا كان هناك من بعث برسالة إلى النائب يطالبه أن يلغي هذه الأمسية فها نحن نبعث برسالة أخرى للنائب نفسه نعرض فيها جزءاً بسيطا من السيرة الذاتية لجلال الدين الرومي لعله يغيّر من موقفه ويعتذر لأصحاب الأمسية.

مولانا جلال الدين الرومي، هو محمد بن محمد بن حسين الدين البلخي ولد في عام 1207وتوفي عام1273، فيلسوف وشاعر وفقيه وصوفي، له عدة كتب من أهمها كتاب المثنوي في ستة مجلدات عبارة عن أشعار يلقيها بلا إعداد تعبّر عن عشقه لله، ويبدو فكره متأثرا بالغزالي وابن عربي والعطّار. ترجمت كتبه إلى عدة لغات أوروبية وتركية وعربية وهو مؤسس المولوية وهي إحدى الطرق الصوفية التي تتخذ من الرقص سبيلا لتطهير النفس. يؤمن المولويون بالتسامح غير المحدود، بتقبل الآخرين، والتعقل الإيجابي، الخير، والإحسان، والإدراك بواسطة المحبة. ويقومون بالذكر عن طريق رقص دوراني لمدة ساعات طويلة حول مركز الدائرة التي يقف بها الشيخ مصاحبا موسيقى تسمى السمع وتعتبر الرقصة رحلة روحية تسمو فيها النفس إلى أعماق العقل والحب لترقى إلى الكمال. وبالدوران نحو الحق، ينمو المريد في الحب، فيتخلى عن أنانيته ليجد الحقيقة ويصل إلى الكمال، ثم يعود من هذه الرحلة الروحية إلى عالم الوجود بنمو ونضج بحيث يستطيع أن يحب كل الخليقة ويكون في خدمتها.

ورغم منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف، إلا أن الجهات الرسمية في تركيا تستخدم مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركي ولا تزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا في مركزها الرئيسي في قونية. ويوجد لها مراكز أخرى في إسطنبول، وغاليبولي، وحلب، ونستطيع أن نقول إن رقصة التنورة التي تشتهر بها مصر هي من أصول صوفية تم تطويرها لتتحول إلى فن استعراضي يجذب السائحين.

المهم في فكر جلال الدين الرومي هو أنه اجتهد بنشر التسامح مع أهل الذمة ومع غير المسلمين أيا كان معتقدهم وعرقهم، وهذا ما نرجوه من نوابنا الأفاضل الذين يحاولون مسح التسامح وزرع الفتنة وإثارة البلبلة والسخرية من الآخر.لذا ننصح النواب بحضور مثل هذه الأمسيات ـ أتوقع أنها ستكون طريقة فعالة في زرع قيم نحتاجها من ممثلي الأمة.

 

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك