بدر صالح العدواني ينتقد التراشق بين النائبين هايف وعاشور ، ويراه فصلا جديدا من فصول مسرحية الاحتقان الطائفي التراجيدية
زاوية الكتابكتب يوليو 21, 2008, منتصف الليل 1093 مشاهدات 0
محمد هايف وصالح عاشور.. فصل جديد من الاحتقان الطائفي!
كتب بدر صالح العدواني
كنتُ في جلسة مع زميلين في العمل أحدهما سني والثاني شيعي، وأثرتُ عن قصد موضوع المادة الثانية من الدستور ومطالبة الإسلاميين بإضافة أل التعريف لكلمة مصدر وبالتالي لكلمة رئيسي بالمعية...
قلتُ للزميلين وأنا أريد ملاحظة ردة فعلهما:
«إنني شخصيا اقترح تغيير المادة الثانية من الدستور بحيث تنص على أن يكون نظام الدولة علمانيا وأن الدولة تكفل حرية العبادة لكافة مواطنيها»!.
قال الزميل السني مستنكرا:
«صحيح أنني أختلف مع التيار الإسلامي ولكن مسألة أن ينص الدستور على علمانية النظام فهذا غير مقبول بالنسبة لي وأنا أؤيد ما جاء في الدستور من حيث أن دين الدولة هو الإسلام»!!.
فقلتُ له متسائلا:
«أي إسلام تقصد، هل هو الإسلام السني أم الإسلام الشيعي؟»!.
هنا تدخل الزميل الشيعي ووجه كلامه للزميل السني قائلا: «قل له إن الإسلام واحد»!.
أردتُ أن يكون هذا الموقف الذي مر بي شخصيا مدخلا لهذا المقال، فهل الإسلام فعلا واحد كما يقول السنة والشيعة في ساعات الصفاء المحدودة بين الطرفين!. وإن لم يكن الإسلام واحدا فهل مطلوب منه أن يكون كذلك؟ وهل مطلوب من الشيعة والسنة أن يكونوا إخوانا؟!.
عندما نتابع الحراك السياسي والاجتماعي في الدول التي تتمتع بدستور حقيقي وديمقراطية سليمة إذا ما قورنت بما هو معمول به عندنا فإننا سنجد طوائف مختلفة من دين واحد وسنجد أديانا مختلفة أيضا، لكننا لم نسمع كاثوليكيا يقول (إخواننا البروتستنت) أو بْرُوْتِسْتَنْتِيًّا يتحدث عن الأخوة مع الكاثوليك، ومع ذلك فإنهم يتمتعون بدرجة عالية من التعايش السلمي والانتماء لروح المواطنة التي منحتهم حقوقهم المكتسبة وضمنت لهم الاستقرار.
قال المخرج الراحل الأميركي الجنسية والسوري الأصل مصطفى العقاد:
« أنا أفتخر بتراثي كعربي ومسلم، لكنني كمواطن فأنا بالدرجة الأولى أميركي لأن أميركا هي التي منحتني الحرية واحترمت حقوقي»، إذاً فاعتزازه بدينه وتراثه أمر منفصل عن واجبات المواطنة وحقوقها، والمواطنة بالنسبة له هي اَلْمُقَدَّمَةُ فيما لو تعارض الأمران يوما ما...
أما ما يحدث عندنا في الكويت فهو عملية تحشيد طائفي تارة وقبلي تارة أخرى، والمواطنة لا تعني بالنسبة لكثيرين من حملة الجنسية الكويتية سوى تلك الوثيقة التي تعتبر وسيلة تَكَسُّبٍ.
وما التراشق بين النائبين محمد هايف وصالح عاشور هذه الأيام إلا فصل جديد من فصول مسرحية الاحتقان الطائفي التراجيدية في كويتنا الحبيبة!، فعاشور يطالب بتعديل منهج التربية الإسلامية للصف العاشر وهايف يتهمه بإثارة الفتنة!..
شخصيا كنتُ أتابع نشرة الأخبار في إحدى القنوات المحلية الخاصة حين أوردت الخبر حول هذا التراشق برفقة بعض السنة الذين أبدوا إعجابهم بموقف هايف وعبروا عن أنهم كانو على صواب حين صوتوا له، ولا شك أن هناك شيعة أبدوا أيضا إعجابهم بموقف عاشور واعتبروا أنهم كانوا محقين عندما صوتوا له!!.
السنة والشيعة يعلمون تماما أنهم جميعا لولا الله ثم الكويت لما تمتعوا بنعمة الأمن والاستقرار والرخاء وهي النعم التي تحرم منها أو من بعضها شعوب الدول التي تصدر لنا التطرف والاحتقان الطائفي وهما السلعتان اللتان نستوردهما نحن دون رسوم جمركية، لكن مع ذلك فإن الكويت لم تصبح أولا في حسابات كثير من السنة والشيعة، لكن الطائفة بالنسبة لهم أولا!!.
إذًا فإن هناك خللا ما في سياسة الدولة الكويتية أوصل الأمور إلى هذا الحد، فلو نظرنا إلى محمد هايف لوجدناه قد وصل إلى قبة البرلمان نتيجة تصفية قبلية، ولو نظرنا إلى صالح عاشور لوجدناه وصل إلى قبة البرلمان نتيجة تصفية طائفية!، والنتيجة هي ما يتفاعل اليوم في وسائل الإعلام بين الرجلين وبالتالي بين السنة والشيعة إلا من رحم ربي!!.
هذا يعني أن هناك مشكلة يجب معالجتها، وسوء التوزيع في الدوائر الانتخابية ونظام التصويت هو أحد روافد هذه المشكلة وليس السبب الوحيد لها، لكن لحل تلك المشكلة علينا مراجعة بعض ما ورد في وثيقة الدواوين بغض النظر عن موقفنا من مجملها أو تشكيكنا في نوايا من تبناها، ففي تلك الوثيقة إشارة إلى بعض الخطوات التي يمكن من خلالها حل المشكلة.
أما فيما يتعلق بالمناهج فإن التربية الإسلامية في مناهج مدارس التعليم العام ينبغي أن تحث على التمسك بالقيم والأخلاق الرفيعة والخوف من الله والإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبالنسبة للتعليم الديني المتخصص فإنه ينبغي استحداث إدارة عامة للتعليم الديني تنبثق عنها إدارة للتعليم السني وأخرى للتعليم الجعفري كي يكون لكل من الطائفتين معاهد دينية خاصة بها وتدرس فيها مناهج يعدها رجال الدين في كل طائفة على حدة مع مراعاة خطين أحمرين:
الخط الأول هو أن تنص المناهج في معاهد التعليم السني والجعفري على أن الكويت بقانونها ودستورها هي المرجعية الأولى لكل كويتي وأن أي فتوى تناقض ذلك فهي مرفوضة...
أما الخط الثاني فإنه يمنع تماما أن يتم إيراد عبارات في مناهج التعليم السنية والشيعية تحتوي على إساءة للرموز الدينية أيا كانت.
فيما عدا ذلك فليتعلم السني في معاهده فقهه وعقائده وليتعلم الشيعي في معاهده فقهه وعقائده، أما مدارس التعليم العام فليدعها هايف وعاشور لتكون ميدان تمازج بين أطفال الكويت وشبابها الذين لا يريد أولياء أمورهم إلحاقهم بمدارس التعليم الديني بعيدا عن عمليات التكسب السياسي ذات الصبغة الدينية، فليس مطلوبا من الشيعي أن يدرس الدين على المذهب السني ولا مطلوب من السني أن يتعلم أصول الدين على المذهب الشيعي، كما أنه ليس مطلوبا من السنة والشيعة أن يكونوا إخوانا ولا أن يتحدثوا عن وحدة إسلامية!، لكن المطلوب من كل كويتي أن يكون مواطنا أولا ثم بعد ذلك ليعتنق أي مذهب شاء ويعتقد بأي عقيدة شاء في إطار احترام التنوع واختلاف الرأي والرأي الآخر، ومن كانت في قلبه حرة على هذا الرمز الديني أو ذاك أو أراد التهجم على عقائد الآخرين بما يسيء لهم فليغلق عليه باب بيته وليقل داخل بيته ما شاء، لكن إذا خرج للدوام أو كتب في صحيفة أو جلس في أي مكان عام فليحفظ لسانه وقلمه وليعلم أن الكويت للجميع.
تعليقات