الحساسية الدينية التي نماها 'الإخوان' إزاء المسيحيين لا يمكن إزالتها بالمناصب الحزبية.. بنظر خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 717 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  المرشد الإخواني.. والنائب 'النصراني'

خليل علي حيدر

 

ما ان تحل اعياد «الكريسماس» ورأس السنة الميلادية حتى يزدهر موسم الفتاوى المحذرة من تهنئة «النصارى»، والتي يتبارى في اصدارها بعض الاسلاميين، ولهذا الموقف المتشدد جذور فقهية، منها مثلا فتوى الشيخ المالكي «أحمد الونشريسي» من تلمسان، المتوفي 1508، وقد تورط الونشريسي في مشكلة، ونقمت عليه حكومة البلدة، فانتهبت داره، وفر الى «فارس»، وتوطنها الى ان مات عن نحو ثمانين عاما (الاعلام، الزركلي، جـ1).
يقول «د.الياس بلكا»، استاذ الدراسات الاسلامية بفاس في المغرب في مجلة «البيان الاسلامية»: «من مظاهر التغريب التي تنخر جسم الامة، وتهددها في شخصيتها وتميزها، تقليد الغربيين في الاحتفال برأس السنة الميلادية، ومجاراتهم في طقوس هذا الحفل، وقد عمت بهذا البلوى في ديار الاسلام، ويعظم الاثم بما يفعله بعض المسلمين اليوم من السفر اليهم في الاسبوع الاخير من شهر ديسمبر لمشاركة النصارى حفلاتهم وفي هذا مفاسد اخرى. (يناير 2005، العدد 207).
اما الداعية السعودي «سلمان فهد العودة»، فقد جدد قبل اعوام تأكيده على «جواز مشاركة المسلمين في الاعياد غير الاسلامية مثل عيد الميلاد، شرط الا تتعدى مظاهر الفرح نطاق الاصدقاء والعائلات، والا تكون المناسبة دينية يقتصر بالاحتفال بها على غير المسلمين. (القبس 2010/1/10).
حمل عام 2013 مفاجآت في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، كانت في بعض الاحيان خليطا من الرحمة والعذاب، فقد ترشح احد المسيحيين من البنجاب، ويدعى «اكرم وقار جيل» على لائحة الاسلاميين بلاهور في باكستان، ضمن جماعة «علماء الاسلام» جناح فضل الرحمن. اما «برويز مسيح» الذي انتخب في 2002 على لائحة «الجماعة الاسلامية» فهو مرشح هذه السنة ايضا على قائمة اسلامية، كما قالت الشرق الاوسط يوم 2013/5/11، مسيحيو باكستان الفقراء ضحايا التمييز لا يأملون سوى في شيء واحد من الانتخابات التي ستجرى اليوم، اضافت الصحيفة «وهو ضمان حماية افضل لهم في مواجهة صعود الاصولية»، ففي صباح 9 مارس 2013، قام نحو ثلاثة آلاف مسلم بتخريب وحرق نحو مائة منزل من منازل المسيحيين الفقراء بـ«لاهور» ويقول المهاجمون ان مسيحيا ادلى بتصريحات مسيئة للاسلام، لكن الضحايا يشتبهون في دوافع اخطر، ويقولون ان الحشد دفع بتحريض من تجار مسلمين يريدون الاستيلاء على اراضي المسيحيين المتواضعة، ويقول ربَّ احدى العائلات التي دمر منزلها: كان يوم رعب، مازال الاطفال مصدومين ويستيقظون ليلا بسبب الكوابيس.
على صعيد آخر، ومن اسطنبول اعلن المراقب العام السابق للاخوان المسلمين السوريين «أبوأنس» علي صدر الدين البيانوني، ان الاخوان سيطلقون حزبا سياسيا جديدا تحت اسم «الحزب الوطني للعدالة والدستور»، ويسمى اختصارا «وعد» وقد اسندت رئاسته للدكتور محمد وليد وهو طبيب عيون من محافظة اللاذقية على الساحل السوري، اما نائب رئيس الحزب الجديد فسيكون «نبيل قسيس» المنتمي الى المسيحية، على ان يضم الحزب في صفوف هيئته التنفيذية عددا اخر من المسيحيين وشخصيات علوية وكردية في حين ستكون لجماعة الاخوان المسلمين نسبة مؤثرة فيه تبلغ الثلث، وقد اعلن المراقب العام للاخوان المسلمين في سورية محمد رياض الشقفة «ابوحازم» في تغريدة على «تويتر» كما جاء في الشرق الاوسط «ان الجماعة ستشكل حزبا سياسيا جديدا يرسخ مفهوم المواطنة دون تهميش او اقصاء». وجاء الخبر «ان ثلث اعضاء الحزب سيكون من الاخوان، والثلث الاخر من الاسلاميين، والثلث الباقي من شخصيات وطنية ليبرالية»، واكد «البيانوني» ان الحزب الجديد «حزب وطني ليبرالي مفتوح لكل فئات الشعب، ولكن بمرجعية اسلامية» (2013/11/8).
ويلفت النظر وجود بعض التشابه بين رئيس الحزب الجديد د.محمد حكمت وليد – طبيب عيون والرئيس السوري د.بشار الاسد فقد ذكرت الصحيفة ان رئيس الحزب «نشأ في اللاذقية وتخرج في كلية الطب بجامعة دمشق واكمل دراسة الطب في بريطانيا».
وفي مصر اسند «الاخوان المسلمون» مهمة رئاسة وادارة «حزب الحرية والعدالة» الجناح السياسي للجماعة الى الناشط القبطي «رفيق حبيب»، بعد احالة رئيسه «سعد الكتاتني» الى المحاكمة الجنائية على خلفية ما بعد ثورة 30 يونيو.
واشارت اوساط المراقبين كما يقول بعض المحللين، الى ان الاقدام على هذه الخطوة وتولي شخصية قبطية قيادة «حزب اسلامي» قائم على مرجعية دينية» ليس بسبب افتقار الجماعة الى قيادات، بل بهدف «مغازلة» المجتمع القبطي، والمصالحة معه عبر الابواب الخلفية، وربما يكون مقدمة اخوانية لعقد صفقات مع الاقباط، وهي الصفقات التي يجيدونها – اي الاخوان – وامتصاص غضب الدول الاوروبية بصورة عملية بعد ان احتجت الغالبية منها على حرق الكنائس والنيل من دور العبادة، وفي سخرية وتهكم وجه القيادي الجهادي «محمد أبوسمرة» انتقادات عنيفة الى الاخوان المسلمين بسبب اختيارهم القبطي «رفيق حبيب» للقيام بهذه المهمة، ووصف ذلك بانه نوع من انواع العبث، وقال ان هذه هي المرة الاولى التي يتولى فيها قبطي رئاسة حركة اسلامية في تاريخ الحركات الاسلامية الحديثة، واكد في رسالة مفتوحة للاخوان انه «لا يجوز ولاية قبطي على مسلم» (الوطن 2013/9/14).
الحساسية الدينية التي نماها «الاخوان» والاسلاميون في مصر وبلاد الشام ودول الخليج إزاء المسيحيين لا يمكن إزالتها بإسناء المناصب الحزبية الرفيعة الى بعض المسيحيين، بل باعادة النظر في ثقافة الجماعة وكتبها وفكرها لا يجدي ان يزرع الاسلاميون الشكوك والكراهية والنبذ ضد غير المسلمين في الخلايا السرية والاجتماعات الخاصة، ثم يهدونهم باقات الورد.. في العلن!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك