المطلوب تغيير وجهة نظر المجتمع للقضية المرورية.. برأي الدعيج
زاوية الكتابكتب يناير 5, 2014, 12:45 ص 662 مشاهدات 0
القبس
المرور قضية وطنية
عبد اللطيف الدعيج
الجهود التي بدأت باتخاذها وزارة الداخلية للتصدي لقضية المرور، جهود من المفروض ان يتم دعمها وتشجيعها لا السخرية منها، او محاولة عرقلتها، كما يفعل بعض مدعي الوطنية والعناية بالشأن العام. هناك قضايا وامور من المسلم به انها تبقى اعلى من الخلافات، واجل من الصراع السياسي المتواصل بين الاطراف السياسية او بينها وبين النظام. وقضية المرور ربما تأتي على اولوية هذه القضايا، لانها تعني الكويتيين جميعا، معارضين وموالين، وعلى مختلف فئاتهم وتعددهم. لهذا فانه ليس مبررا على الاطلاق معارضة الجهود «الحكومية» الحالية لمواجهة حوادث وأزمات المرور، باعتبار هذه الجهود هي جهود كويتية وطنية معنية برفاهية الانسان الكويتي وتأمين معيشته. يجوز، بلا شك، نقدها وابداء الملاحظات عليها، فالنقد والتصحيح ضروريان لأي عمل. لكن ليس من الحكمة او الوطنية التصدي لها وزرع العراقيل امامها بحجة انها من الحكومة، او انها كما يحاول ان يروج بعض السفهاء من «قوى الفساد»!..
ان ازمة المرور هنا ازمة اجتماعية، وليست فنية او هندسية او حتى قانونية. فمهما استخدمنا من تقنية ومهما اضفنا من وسائل آلية وميكانيكية جديدة للتحكم في الشوارع وانسياب الحركة المروية، فان الانسان يبقى في النهاية بعيدا عن تأثير هذه التكنولوجيا وخارج سيطرتها. ومهما وسعنا الطرق او اضفنا الجسور فان السائق الذي يستخدمها سيبقى هو نفسه لم يتغير، وسلوكه الذي خلق الخطورة في الشوارع الضيقة او المتعارضة هو السلوك نفسه الذي سيكون حاضرا ومسيطرا في حالة توسعة الشوارع وازالة عقبات انسياب الحركة المرورية. بل انه من البديهي ان تؤدي حركات التوسعة والاصلاح الى مزيد من تهور هذا السائق والى مزيد من التجاوزات والانتهاكات المرورية. وايضا مهما اجتهدنا واصررنا على تطبيق القوانين المرورية، فان رجال المرور في النهاية لن يكونوا حاضرين في كل مكان وكل زمان ترتكب فيه مخالفة.
لهذا، ومع تقديرنا لكل الجهود المبذولة حاليا من رجال المرور للتصدي للقضية المرورية، ومع مطالبتنا بدعمها وتكثيفها، الا انها تبقى عاجزة ــــ وحيدة ــــ عن مواجهة الازمة وحلها. اذ يبقى الحل في التثقيف الاجتماعي والتعليم الجاد لاخلاقيات وادبيات التقاليد المرورية التي مع الاسف يتم انتهاكها، لانها اول ما يواجهه المواطن المحبط او الموجه لكسر القوانين والتمرد على الضبط والربط الاجتماعي والسياسي الذي فاق الحدود.
ان المطلوب تغيير وجهة نظر الناس او المجتمع للقضية المرورية ولاستخدام السيارة التي هي وسيلة انتقال وليست اداة لاستعراض القوة او إظهار الذات. والمطلوب ايضا تغيير وجهة نظرنا في رجل المرور او الشرطة بوجه عام. فالشرطي المسؤول عن امن المواطن يجب ان يكون على درجة من الكفاءة والوعي بحيث يفرض احترامه ويفرض بالتالي احترام وطاعة ما ينفذ من قوانين. لهذا فانه يجب الارتقاء برجال المرور او الشرطة بشكل عام، والارتقاء ايضا برواتبهم فليس من المعقول ان نطلب من رجل الشرطة البقاء ساعات في مواجهة سموم الرياح او برودة المطر، في حين نساويه او نفضل عليه من يتربع على مكتب وثير بفضل شهادته المزورة.
تعليقات