هل سنترك أثراً وعملاً طيباً يبقى بعد مماتنا؟!.. سامي الخرافي متسائلاً
زاوية الكتابكتب ديسمبر 27, 2013, 11:49 م 998 مشاهدات 0
الأنباء
جرس / هل تركنا أثراً؟
سامي الخرافي
بعيدا عن الأجواء السياسية وهمومها التي تمر بها الديرة هذه الأيام، وحالة الشد والجذب لكل فريق، والادعاء بأنه على حق والباقي على خطأ، أردت أن نعيش لحظات نستذكر فيها أمورنا الحياتية بشكل واقعي، ونتفكر فيما ستكون عليه أحوالنا يوما ما.
ما سمعته من صديق عزيز عن لقاء حار جرى بين والده المسن وصديقه، الذي هاجر من الكويت بسبب ظروف خاصة إلى دولة خليجية، لقاء ينم عن حب حقيقي صادق، لقاء تم بعد فراق دام أكثر من 60 عاما.. «عناق حار وبكاء ونحيب لم أشاهد والدي في حياته يبكي كما بكى في هذا اليوم».
حوار طويل دار بينهما استرجعا فيه جميع الذكريات التي كانا قد عاشاها بعضهما مع البعض، وبدأ بعد ذلك الضحك والبكاء، فتعجبت من ذلك، إنها لحظات لا يمكن لأي كان أن يصفها إلا بأنها لقاء حميم ومميز وكيف ان العمر يمضي بسرعة.
أمسكت القلم وبدأت أكتب ما جال بخاطري عن هذا اللقاء، وسأبتعد عما تعلمته من أيام الدراسة من استعارة وتشبيه.. الخ، فاللقاء فيه من العبرة ما يجب أن نحسب حسابه يوما ما، وفيه درس نافع لمن يرى أن الحياة مدرسة يمكن الاستفادة منها.
يقول الشاعر:
عن قليل أصير كوم تراب
وتقول الرفاق هذا فلان
صار تحت التراب عظما رميما
وجفاه الأصحاب والخلان
أنا لا أدعو إلى أن يجلس الإنسان في بيته وينتظر أجله، ولكنها دعوة للتفكير بأننا راحلون يوما ما، وكما يقول الشاعر:
فإن كنت لا تدري متى الموت
فاعلمن بأنك لا تبقى إلى آخر الدهر
ما أريد أن أقوله إن الدنيا فانية، ويقول سبحانه وتعالى (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى)، فالصراعات التي نراها بين هذا وذاك، وبين أفراد العائلة، وزيادة المرتشين والفاسدين... الخ، الكل يتنازع على أمور دنيوية فانية، وكما قال ابن عياض: «لو كانت الدنيا ذهبا يفنى، والآخرة خزفا يبقى، لوجب علينا أن نختار ما يبقى على ما يفنى».
ما نحتاجه في حياتنا جميعا هو الأثر الطيب والعمل الصالح، الذي يبقى بعد مماتنا، فـ(كل من عليها فان).
أيها الأحبة: هناك من أخذته الدنيا وعاش يلهو فيها، ونسي حساب يوم تشخص فيه الأبصار، حياة يعتقد ابن آدم بأنه مخلد فيها إلى الأبد للأسف، فهناك أناس رحلوا عنا لم يذكرهم أحد بالخير أبدا، وحتى اقرب الناس لهم يقولون «صخرة وانزاحت»، لا حول ولا قوة إلا بالله، وما دام الجسد فيه روح فهناك متسع من الوقت لتصحيح المسار للأفضل، وما هو شيء صعب ما دامت الرغبة موجودة. ويروى أن ملكا بنى قصرا، وقال: انظروا إن كان فيه عيب فأصلحوه، فقال له رجل: أرى فيه عيبين، فقالوا للملك هذا الامر، فقال الملك للرجل: وما هما؟ فأجاب: يموت الملك، ويخرب القصر، فقال له: صدقت، ثم أقبل على الله وترك القصر والدنيا.
وأخيرا.. لا نعلم متى نرحل عن هذه الدنيا، لكن قبل أن نرحل عنها، هل سنترك أثرا وعملا طيبا يبقى بعد مماتنا؟!
تعليقات