مركز دراسات الخليج يصدر تقريره الدوري:

شباب و جامعات

'إيران لن تطمئن دول الخليج إلا باتفاق مشابه لاتفاقها النووي مع الغرب'

987 مشاهدات 0

شعار المركز

عزمت إدارة مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت استحداث باب التقارير الدورية والتي ستنشر تباعا لأحداث الساعة الخليجية والدول المجاورة لها والقضايا المنوعة ذات الصلة، و قررت الإدارة أن يكون تقريرها الجديد تحت عنوان 'إيران لن تطمئن دول الخليج الا باتفاق على غرار اتفاقها النووي مع الغرب' والذي جاء على النحو التالي:
تسعى إيران الى طمأنة دول الخليج بان الاتفاق النووي الإيراني يخدم مصلحة دول المنطقة وأمنها، الا ان تاريخ العلاقات المشتركة طيلة العقود الثلاث الماضية والذي شهد عدم استقرار وتوتر لا يمكن ان يتغير فجأة في شكل نقلة ايجابية مرة واحدة بدون الالتفات الى هواجس الماضي والتي لأجلها التف دول الخليج معا في شكل مجلس للتعاون. التصريحات الايجابية التي خرج بها مسؤولون إيرانيون ازاء التعاون مع دول الخليج كانت تقريبا نفسها التي اطلقتها حكومة محمد خاتمي الاصلاحي عند وصوله رئيسا لإيران لكن على الرغم من الايجابية حينها لم تحسم اي قضية من القضايا العالقة بين إيران ودول الخليج بل على العكس عرفت في فترات لاحقة توترا وتصعيدا احتدم في العامين الأخيرين وأذكته الأزمة السورية ووقوف النظام الإيراني بشدة مع نظام بشار الأسد في مقابل دعم دول مجلس التعاون للشعب السوري والمعارضة.
فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دول الخليج وخصوصا المملكة العربية السعودية كان مطلبا سعى الى تحقيقه خاتمي وهاهو يسعى اليه ايضا روحاني لكن ما من ضمانات تذكر. تجدر الاشارة الى ان ممثل الحركة الاصلاحية في إيران محمد خاتمي لم يتم السماح له بخوض الانتخابات الأخيرة وذلك لسبب واحد تمثل في رفض النظام الإيراني مطالب تحقيق الاصلاح الداخلي في إيران وتعزيز الديمقراطية واطلاق سراح المعارضين. وفي ذلك رسالة واضحة لتشدد النظام ورفضه التغيير من الداخل، فكيف يريد تغيير علاقته مع الجوار اذا استمر الانغلاق السياسي الداخلي؟.
     ولئن مثلت مبادرة إيران لتعزيز التعاون مع دول الخليج خطوة جيدة بهدف تقليص التوتر القائم الا انها لا ترسم مستقبلا واضح المعالم للعلاقات الاستراتيجية التي تجمع الطرفين. وعلى غرار معالجة طهران لتوتر علاقاتها بالغرب لسنوات بسبب برنامجها النووي وذلك بإبرام اتفاق يلتزم فيه الطرفان، فان معالجة توتر العلاقات مع الخليج الذي هو أصلا لا يستند لخلاف حول أنشطة طهران النووية ولكن يرجع الى خلاف حول قضايا حدودية وسيادية، يستدعي من إيران ان تبرم اتفاقا ايضا مع هذه الدول على غرار اتفاقها مع الغرب.
التصريحات الايجابية وارسال النوايا الحسنة لا تعالج جوهر الخلاف وفق تجارب التقارب والوفاق السياسي بين الدول في العالم، كما ان تباين وجهات النظر بين إيران ودول الخليج ازاء معالجة الأزمة السورية ما يزال قائما. ويبدو ان قمة إيرانية خليجية على غررا القمة الإيرانية مع الغرب (5+1) يجدر ان تفكر فيها إيران بجدية لمناقشة جذرية لكل توجهات دول مجلس التعاون ونقاط الخلاف الأساسية والتوصل الى اتفاق ملزم للطرفين بضمانات دولية.
مخاوف دول الخليج المشروعة ازاء طموحات إيران في المنطقة
يبدو ان الخطوط الحمراء في إيران كثيرة اولها حماية مصلحة النظام وثانيها عدم التخلي أبدا عن مفاعل اراك المثير للجدل كما صرح رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي اكبر صالحي. يذكر ان مخاوف وقلق الغرب من نشاط مفاعل اراك يتمثل من الناحية النظرية، في امكان تزويده إيران بمادة البلوتونيوم كبديل لليورانيوم عالي التخصيب والذي يستخدم لصنع قنبلة نووية.
من ناحية اخرى نمت سياسة الانفاق الإيراني على التسلح. فإيران لديها الآن وفق آخر تقارير التسلح العالمي مليون و400 الف إيراني يلتحقون بالتجنيد سنويا، ونحو مليون ومائتي الف جندي نظامي واحتياط و2850 دبابة، ونحو 1900 طائرة مقاتلة، و 800 هيلوكوبتر، ونحو 408 آلية وسفن بحرية، واكثر من ذلك، تسعى إيران الى زيادة ميزانيتها الحربية بنحو 127 في المئة اي من 12 مليار دولار سنويا الآن الى 27 مليار دولار في الفترة المقبلة بحسب موقع احصائيات التسلح في العالم 'غولبال مان بور فاير'. هذه الرغبة في تكديس السلاح هي مؤشر يزيد من اثارة هواجس الأمن في المنطقة. فدول الخليج قاطبة لم تقم في تاريخها باي اعتداء على اي بلد من جيرانها بينما إيران خاضت حربا طويلة مع جارتها العراق. وكان أساس هذه الحرب ليس اقتصاديا او سياسيا في المقام الأول ولكنه كان نتيجة محاولة تصدير إيران الثورة للعراق. ومثلت طموحات إيران التوسعية اكبر هواجس الخليج التي دفعتها للتوحد لمواجهة اي خطر يهددها من إيران ولأجل ذلك بنت منظومة دفاعية موحدة وعززت من تحالفاتها مع القوى العظمى لأجل حماية المنطقة من قوة عسكرية لا تنفك في النمو.
يذكر ان القوة العسكرية الإيرانية التي تنمو بشكل سريع يبررها القادة السياسية في إيران بمواجهة الخطر الاسرائيلي والغطرسة الأميركية، لكن منذ قيام الجمهورية الاسلامية في إيران الى اليوم لم تقم طهران باي مواجهة عسكرية مع من تعتبرهم أعدائها (اميركا واسرائيل) وخاضت حربا فقط مع العراق وتدخلت في البحرين وخاضت نزاعات سياسية مع الامارات العربية لأجل عدم التفريط في الجزر الثلاث التي تعتبرها الامارات جزرا محتلة.
     يذكر ان دول الخليج كانت تتوجس خيفة منذ اندلاع الثورة الإيرانية في 1979 من انتقال الثورة التي دعا اليها الامام الخميني الى دول المنطقة وكانت استجابة بعض العراقيين لدعوته على سبيل المثال المحفز الأساسي لريبة صدام حسين آنذاك من نجاح انتقال الثورة الإيرانية والمد الشيعي الى العمق العراقي وهو الدافع الغير المعلن لخوض الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980.
وعلى اثر ذلك أسست دول الخليج تحالفا لدعم الدفاع المشترك عن اراضيها وانشئ بموجب هذه الرغبة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمواجهة الأخطار والمطامع الاقليمية. ولم تنكف إيران بعد الحرب العراقية الإيرانية من استفزاز دول الخليج خصوصا في مسالة الجزر الاماراتية الثلاث والتدخل في البحرين والعراق، وما زاد الأمر توترا هو اكتشاف خلايا تجسس تعمل لصالح الحرس الثوري في الكويت ودول اخرى مثل البحرين. كما مثل التدخل الإيراني في الأزمة البحرين عقب المظاهرات الشعبية ناقوس خطر استدعى تدخل قوات مجلس التعاون الخليجي لحماية استقرار النظام البحريني. كل هذا الارث من الأحداث وردود الفعل جعل طبيعة العلاقات غير مستقرة ولا تستند الى مرجعية واضحة في ظل اصرار النظام الإيراني على نفس المبادئ التي قامت عليها الثورة.
وما جعل مستقبل العلاقات تزيد ضبابية هو قيام إيران بمساندة حركة الاخوان في مصر ابان فوز الرئيس المصري المعزول محمد مرسي اضافة الى حركات اسلامية في دول العالم الاسلامي وهي حركات لا تدعمها دول الخليج لتهديدها استقرار الأنظمة الراسخة والمتصالحة مع شعوبها.
لا يمكن اغفال حقيقة الرغبة الإيرانية الجامحة في البقاء كأكبر قوة اقليمية وعسكرية واذا كان مبدأ الاتفاق الإيراني الغربي تخفيف نسبة تخصيب الإيرانيوم فان ذلك لا يعني تخفيض إيران لنسبة التقدم العلمي في تطوير اسلحة أخرى في ترسانتها الجوية والبحرية والبرية، واي تخفيض لترسانتها الحالية من الأسلحة مستثنى من الاتفاق وبذلك يبقى ميزان القوة صالح إيران مع عامل جديد هو تقلص حدة الضغط السياسي الخارجي عليها وهو في صالح إيران ايضا. بذلك يبقى التنافس محموما بين إيران ودول كبرى في المنطقة على التسلح حتى اذا تخلت إيران عن جزء من مراحل برنامجها النووي اذ ان هذا التراجع لا يعني انتهاء مخاوف دول المنطقة من إيران فالهاجس الحقيقي هو استمرار نمو التسلح الإيراني بمبرر ريادة المنطقة وموازنة القوة مع اسرائيل وضمان نفوذها في الخليج. فخلال الثلاثين عاما الماضية في تاريخ السياسة الإيرانية بدى منطق القوة في السياسة الإيرانية هو البديل لفشل الديبلوماسية، فمنذ سنوات لم تنجح الدبلوماسية الإيرانية في تطمين دول الخليج العربية حول الاشتراك في مستقبل مزدهر يجمع كل هذه الدول ولكن بقي الهاجس الدفاعي من خطر إيراني متصاعد هو محور علاقات خليجية إيرانية متوترة منذ سنوات وفق بيانات دول مجلس التعاون الدورية.
مواقف دول مجلس التعاون طرأ عليها بعض التغييرات خصوصا في مسألة التقارب الإيراني الاماراتي التي تريده إيران والدور الكويت الذي تأمله إيران في الوساطة مع المملكة العربية السعودية، والدور العماني في تقريب وجهات النظر مع إيران، الا ان كل هذه التحركات تنبع من مبدأ منصوص عليه في اهداف مجلس التعاون وهو تعزيز علاقات التعاون مع دول الجوار بما فيها إيران. و تجدر قراءة بعض المؤشرات بتمعن خصوصا مسالة التقارب الاماراتي الإيراني بعد زيارة وزير الخارجية الامارتية لطهران وتصريحات روحاني المشيدة بالأخوة مع الإمارات. مستجدات العلاقات الإيرانية الاماراتية قد لا تكون حاسمة في ترسيخ التعاون المشترك التي تبحث عنه الدولتان في ظل استمرار الخلاف حول الجزر الثلاث بالإضافة الى خلاف جوهري بين رؤية البلدين خصوصا فيما يتعلق بالحركات الاسلامية السياسة واهمها حركة الاخوان التي اعلنت الامارات عن تهديدها للخليج فيما تؤيدها إيران وتاريخ إيران والاخوان اثبتت من خلال تقاسم كل من الخامنئي والخميني وقيادات الاخوان لنفس وجهة نظر مشتركة حول أهمية تواجد الحركات الاسلامية في الساحة السياسية الاسلامية والعربية اقتداء بحركة الاخوان المسلمين والحركة الاسلامية الإيرانية. يذكر ان التقارب الإيراني مع الحركات الاسلامية اثبتته علاقات متشابكة مع كل من حركة حماس، حركة الاخوان المسلمين، حزب الله، وقد تجلت نقاط اشتراك بين النظام الإيراني وحركة الاخوان في كتاب 'الاخوان المسلمون وإيران' الذي تطرق الى حقيقة العلاقة بين الإخوان والشيعة الإيرانيين ومن بين المحاولات الجادة للإجابة عن تلك الأسئلة وكشف أسبار الحقيقة حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين بإيران كتاب الباحث محمد سيد رصاص كتاب «الإخوان المسلمون وإيران الخميني - الخامنئي»، نشر سابقا في الكويت، واشار الكاتب إلى اهتمام إيران بفوز الدكتور محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية في مصر، ووصول حدود الترحيب به إلى سقوف احتفالية. كما أورد كتاب رمضان سعيد 'الاخوان المسلمون والشيعة' خلاصة رؤية البنا للعلاقة مع الشيعة، وحسب سعيد يشترك الاخوان مع النظام في إيران في اعتبار 'أن الإسلام هو الحل لمشكلة الحضارة الحديثة، وهناك شعار أطلقه الخميني أو الثورة الإيرانية (لا شرقية ولا غربية)، وهو الشعار نفسه الذي يردده الإخوان، خاصة في مواجهة بقية التيارات السياسية 'إسلامية إسلامية، لا شرقية ولا غربية'.

الآن : المحرر الطلابي

تعليقات

اكتب تعليقك