بين جنبات اضلعنا ... ذكريات

من الجميل ان نحوي بين جنبات اضلعنا ذكريات جميلة لاناس قد غابت عنا ماديات اجسادهم وبقي طيف ذكراهم يداعب مخيلاتنا قد تكون هذه المقدمة بداية لمقال يحوي نكهة حزينة ولكنه ليس كذلك فالحقيقة ان معظم تلك الذكريات التي نحويها لغيرنا لا تعدو كونها مجرد سراب سرعان ما ينقشع مع اول تباشير صباح مليء بالمسؤوليات والمشاغل والطموحات الكبيرة هذا ما تحويه النفوس العزيزة السعي الجاد الطموح والثقة وليس مجرد العيش في خيالات الذكريات اتي قد يعتبرها البعض اساسا نتعايش معه مع غيرنا بدلا من ان يكون وهما نستذكره فقط في احيان محددة مستمتعين بعبق ذلك الماضي الذي عايشناه برفقتهم لا اكثر بدلا من ان نحزن على فراق اناس قد نكون مدرجين عندهم في قائمة النسيان لا يستذكرون من وجودنا شيئا حتى ولو كان مجرد ذكريات عابرة سرعان ما تتوارى ذاهبة مع طيف الذاكرة لتحل بدلا منها مشاغل الحياة اليومية ومادياتها مسؤولياتها والطموحات المرجوة منها لماذا ننظر هذه النظرة الضيقة للواقع المجتمعي هل لاننا نجسد مفهوم الانانية في تعاملاتنا ام ان غياب التواصل الاجتماعي وانحصاره في وسائله الاليكترونية قد ازال تلك العادات الحميدة المبنية على اسس التراحم والتكاتف بين افراد المجتمع قد يكون لكلا السببين جانب او لنقل دور في ما وصل اليه الحال ولكنهما ليسا اساسا في هذا الامر بل دعامتان للاشكالية الكبرى التي نعاني منها كثيرا الا وهو غياب الدور الاسري في تنشاة الاجيال ببساطة رابطا الابوة والامومة هما ابرز حلقتين من حلقات سلسلة الاسرة وغياب هاتين الحلقتين عن واجبهما تجاه تربية الابناء سيعني بحد ذاته شرخا في قد لا يندمل فمن غير المتصور ان نبحث حينها عن تقوية علاقة ذلك الطفل الذي نشا على تربية الخادمة بغيره من افراد المجتمع ان لم تكن علاقته بوالديه نفسيهما على عظم حقهما قوية ومترابطة واذا لم يقم كلا الوالدين بدوره في تعليم ذلك الطفل حقوق كبار السن وضرورة احترامهم وحقوق جيرانه واقرانه وجزء من معلميه واساتذته وضرورة توقيرهم وانزالهم منازلهم فان غابت تلكما الحلقتان او لم تستطيعا لتاثيرات خارجية او داخلية تكوين واقع ذلك الطفل وفقا لذلك التصور فمن الطبيعي ان يكون اساس الحياة وتعامل الافراد بينهم وبين بعضهم وفقا لما نراه الان من الواجب ان يقوم كل منا بدوره اتجاه هذه القضية فالابعاد المتولدة منها خطيرة وقد تنشاء جيلا غير قادر على تكوين اسر ملتزمة شرعا وفكرا وذات ثقافة عملية يمكن ان تاسس لمجتمع متامسك لا يعتبر ان للمادية مقاما اكبر من مقامها المتصور مما يعني اندثار تلك القيم البناء التي توارثناها جيلا بعد جيل والتي كان اساسها التراحم فاليكن كل منا خير راع فقد قال النبي عليه اصللاة والسلام :' كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ''

محمد سعود البنوان