زيباري يتحدث عن علاقاته الخارجية

عربي و دولي

تشيني لصباح الأحمد: أخشى أن تغرق بلادكم تحت ثقل المعدات العسكرية

2976 مشاهدات 0

ارشيفية

كشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن علاقته بعدد من الملوك والأمراء والرؤساء العرب، وذلك من خلال مهام عمله، وتحديدا فترة ما بعد وقبل إسقاط الطاغية صدام حسين.

واقتطفت جزءا من المقابلة المنشورة بصحيفة الحياة، وتحديدا علاقته بالعاهل السعودي وسمو أمير البلاد، وفي ما يلي التفاصيل:

عن علاقته بالعاهل السعودي يقول زيباري:

- أثار ما حدث في العراق مخاوف لدى الدول المجاورة خصوصاً أن التغيير كان كبيراً. تولد انطباع لدى القيادة السعودية أن لا دور لنا في صناعة القرار العراقي. التقينا الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد، والرجل كان يحترمنا لكنه كان يعتقد أن ليست لدينا إرادة وأن هناك مَنْ هو أعلى منا يقرر عنا، وهو يقصد الأميركيين. بعد تعييني وزيراً للخارجية العراقية التقينا في مؤتمر القمة الإسلامي في كوالالمبور في ماليزيا في 2003. طلبنا موعداً وبعض أعضاء مجلس الحكم عن طريق الأمير سعود الفيصل. جرى نقاش حول الوضع في العراق وكانت وجهات النظر متباعدة إذ كان ينظر إلينا كجهة عاجزة عن اتخاذ أي قرار (...).
هناك حادثة ثانية مع الملك عبدالله خلال القمة الاقتصادية في الكويت سنة 2008 حين كانت علاقته مع المالكي فاترة، وحضر القمة وأطلق دعوة للمصالحة وفتح صفحة جديدة وكانت دعوة مهمة ومفاجئة. وكنا في ترتيب الجلوس قرب الوفد السوري حيث حضر بشار الأسد وفاروق الشرع وكان الرئيس جلال طالباني يرأس الوفد العراقي. اقترحت على زميلي وزير المالية باقر بيان جبر الزبيدي، وهو من قيادات «المجلس الأعلى» وصديق وكان سابقاً وزيراً للداخلية، أن نتوجه للسلام على الملك عبدالله فرحّب بالفكرة وسألني إن كان بيننا معرفة سابقة فقلت له نعم. فور توجهنا نحوه وقف مدير المراسم ورحّب بنا وطلبنا منه السلام على جلالة الملك وشكره على كلمته. فوقف الملك عبدالله للسلام علينا ورحب بأهل العراق وسأل عن أحوالنا وقدمت إليه زميلي وزير المالية. فقال الملك عبدالله: ما شاء الله، إذا اتفق وزيرا الخارجية والمالية يسيّران شؤون الدولة. قلت له يا جلالة الملك أنت أجريت مصالحة سعودية - عربية فهل نحن مشمولون بهذه المصالحة فتكون مصالحة عراقية – سعودية أو لا؟ قال، ممسكاً يدي، ممكن لكنكم تعرفون المشكلة (...).
في القمة العربية في الدوحة حاولت أن أرتب لقاء أو مصافحة بين الملك عبدالله والمالكي عن طريق الأمير مقرن بن عبد العزيز لكن المحاولة لم تنجح.
جمعتنا لقاءات عدة مع الملك عبدالله وكان يخشى عدة مسائل: من الأميركيين حول تدخلهم بالقوة لإزاحة نظام، ومن الطرح الذي قُدّم حول النظام الجديد في العراق، وبعد ظهور نتيجة الانتخابات والتوازنات الجديدة بين المذاهب العراقية، ومن ثم بروز الدور الإيراني وتداخله وعلاقاته وأصبح ذلك الهم الأول للجانب السعودي. كان الملك عبدالله يعتبر أن الوضع في العراق غير طبيعي وغير مستقيم ويجب أن نعمل على تسوية الوضع وإعادة التوازن. إعادة التوازن كانت مسألة صعبة جداً لأن القوى الكردية كانت متحالفة مع القوى الشيعية. كان السعوديون يخشون أيضاً تقسيم العراق وأن ينفصل الأكراد عن العراق، وخوفهم من «القاعدة» ومن أن يصبح العراق مرتعاً للإرهاب وللمخدرات. مجموعة من الهواجس كانت تراود السعوديين. رأينا كان مختلفاً وكنا نرد أن الانفتاح على جميع العراقيين لا يجعل أي فريق منهم هدفاً للتأثير الخارجي من إيران أو غيرها. طبعاً معظم القيادات (الشيعية) عاشت في إيران ولها علاقات هناك، وفي سورية، ولكن بعد عودتها إلى العراق أصبحت شريكة في القرار فلماذا نجعلها تصبح مرة أخرى تابعة لقوة أخرى وكنا نشجع على عودة العرب إلى العراق وطمأنة الجميع. وهذا النقاش كان يجري مع الأمير سعود والأمير مقرن والأمير سلطان.
التقيت الأمير سلطان، رحمه الله، عدة مرات كان آخرها عندما عدْته في نيويورك إبان مرضه وسُرَّ بزيارتي جداً. مواقفه من العراق كانت متوازنة جداً وفي إحدى زياراتي له قال أنه يقترح عقد قمة عربية تخصص للعراق لا يبحث فيها أي موضوع آخر ولا حتى فلسطين. قلت له أن هذه ستكون أكبر خدمة تقدمونها للعراق. كان الأمير سلطان متفهماً وإيجابياً ومتابعاً.

وعن علاقته بسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد قال زيباري:

 والعلاقة مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد؟
- أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد من القادة العرب المتميزين والمتمكنين وأعتبره شيخ الديبلوماسية العربية في طرحه وجرأته في القضايا التي يطرحها في المؤتمرات وحرصه على حضورها. في أحد المرات قلت له يا سمو الأمير حتى الآن ما زلتم تقتطعون خمسة في المئة من النفط حسب ما قررت الأمم المتحدة، هل تحتاج الموازنة الكويتية إلى هذا الدخل؟ فما حدث كان في زمن صدّام وصحيح أن هناك التزامات دولية على العراق ونحن نلتزم بها ولكن كبادرة حُسن نية أخوية منك... فقاطعني مازحاً: هل رأيت يوماً شخصاً تصله مبالغ مالية من دون أي عناء ويرفضها؟
أمير الكويت كان من المشككين بجدية الأميركيين في إسقاط صدّام. قبل الحرب كانت مجازفة كبرى للكويت أن تسمح لكل تلك الجيوش بالعبور. ونحن أيضاً في المعارضة كنا نشكك في نوايا الأميركيين ومدى جديتهم. وروى لي الدكتور محمد الصباح، وزير الخارجية الكويتي، كيف كانت الأمور والاتصالات التي جرت قبل الحرب. وقال أن ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي، وفريقه قام بجولة قبل نهاية 2002 على الدول العربية لتهيئة الأجواء بعد اتخاذ القرار بالحرب. وصل تشيني إلى الكويت وسأله الشيخ صباح عن جدية الأميركيين في إسقاط صدّام، وقال إن الكويتيين يتمنون إسقاط صدّام بأي وسيلة فهو اعتدى على الكويت وطالما هو موجود لن يشعر الكويتيون بالأمان. شكك الشيخ صباح بجدية الأميركيين، فقام تشيني بتعديل كرسيه ومجلسه وقال: أنا لست خائفاً من جدية الأميركيين بل أنا خائف على بلدك من أن يغرق تحت ثقل المعدات العسكرية التي ستأتي إليه.
في كل المؤتمرات والاجتماعات كان أمير الكويت من الداعمين للعراق. حتى في مؤتمر سرت كانت المجادلة المشهودة التي جرَت بينه وبين القذافي حين قال له الشيخ صباح: يا أخ معمر أنا لن أغلق الميكروفون قبل أن تعطينا وتعطي العراق وعداً أنك ستحضر قمة بغداد كونك رئيس القمة، فقال له القذافي: الله كريم. وقال الشيخ صباح أنه سيكون أول الحضور سواء حضر الآخرون أو لا. مثّل السعودية في القمة ممثلهم الدائم، والبحرين أرسلت وزير الخارجية وقطر أرسلت ممثلها الدائم وعُمان أرسلت الشخص الثالث في الدولة.

الآن- الحياة

تعليقات

اكتب تعليقك