الاستجوابات الحالية مخالفة للدستور
زاوية الكتابفهد الصباح: تبعث على الفساد في المجتمع وتعطل عمل المؤسسات
كتب نوفمبر 8, 2013, 10:19 ص 867 مشاهدات 0
قال الناشط الاجتماعي والخبير الاقتصادي الشيخ فهد داود الصباح:' أن العمل على تسهيل العملية التشريعية بات ضرورة ملحة بعد سلسلة الأزمات الاقتصادية التي تسببت بها الأزمات السياسية المفتعلة في السنوات الماضية وادت الى تكبيد الكويت خسائر مالية مباشرة وغير مباشرة تصل الى أكثر من عشرة مليارات دينار، إضافة الى أن ذلك منع البحث في حل المشكلات الكبرى التي من الممكن أن تواجهها البلاد في السنوات المقبلة ولا سيما ما يتعلق منها بانخفاض دخل الدولة وتحملها اعباء الانفاق على الباب الأول من الموازنة العامة الاخذة بالتراكم جراء غياب سياسة اقتصادية واضحة'.
واضاف:' أن تصويب الرؤية في ما يتعلق بالحقوق الدستورية المتصلة بالعمل النيابي اصبح امرا ملحا بعد تكريس نهج العرقلة الكيدية وافتعال الازمات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، اذ رغم وضوح الدستور في ما يتعلق بالاستجوابات إلا أن ثمة محاولة لتقويض الدستور من خلال تعطيل بعض مواده وخصوصا 98 التي تنص على' تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، ولمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج'،ولان الانتخابات الاخيرة جرت في 27 يوليو الماضي، وعقد مجلس الامة جلسته الاعتيادية التي يجري فيها قسم النواب اليمين الدستورية وانتخاب رئيس المجلس، وبعدها دخل المجلس المنتخب في الاجازة الصيفية، فان الحكومة لم تقدم برنامج عملها إلا بعد انتهاء الاجازة الصيفية للمجلس، وذلك احتراما منها للمهل البرلمانية المنصوص عليها في المادة 86 التي نصت على ما يأتي'يعقد المجلس دوره العادي بدعوة من الأمير خلال شهر أكتوبر من كل عام وإذا لم يصدر مرسوم الدعوة قبل أول الشهر المذكور اعتبر موعد الانعقاد الساعة التاسعة من صباح يوم السبت الثالث من ذلك الشهر فان صادف هذا اليوم عطلة رسمية اجتمع المجلس في صباح أول يوم يلي تلك العطلة'، ومع بداية دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الحالي قدمت الحكومة برنامج عملها، وهي بالمناسبة حكومة جديدة،تعتبر دستوريا غير مسؤولة عن اعمال الحكومة التي سبقتها حتى لو كان رئيسها هو نفسه رئيس مجلس الوزراء السابق، وبالتالي فان الحكومة الجديدة لا يمكن مساءلتها عن إي عمل او حتى عن السياسة العامة للدولة، قبل مناقشة برنامج عملها، ولذلك فان الاستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء، والذي تلى جلسة افتتاح الدور العادي يتكنفه العوار الدستوري، وهو يعتبر فعلا القصد منه افساد الحياة السياسية وفقا للمفاهيم الدستورية لان تعطيل مادة من الدستور عبر استخدامها بطريقة غير صحيحة سيؤدي الى انهيار الدستور ككل، وبالتالي من يعطل مادة فهو يعطل الدستور ككل، اذ لا يمكن مساءلة رئيس مجلس الوزراء قبل مباشرته عمله، مباشرته عمله استنادا الى الدستور يكون بعد تقديم الحكومة برنامج عملها الذي يفترض بمجلس الامة اخضاعه للنقاش والاستفسار قبل إي امر اخر، واستيضاح الحكومة بشأنه او الطلب إليها توضيح بعض النقاط الواردة فيه او كلها، وهو ما لحظته المادة 98 ذاتها التي فرضت على الحكومة تقديم برنامج عملها الى المجلس، والقصد هنا من تقديم الحكومة برنامج عملها هو تحديد المسؤوليات الواقعة عليها غير تلك المنصوص عليها دستوريا، ولما لم تنفذ هذه المادة ولجأ احد النواب او بعضهم الى المادة 100 مباشرة فهو بذلك يعمل على تعطيل مادة دستورية، ولان الدستور ليس مواد منفصلة إنما هو وحدة متكاملة لتبيان هوية الدولة ودليل ايضا لعمل مؤسساتها فان عدم اتباع التدرج في مواده ليس حقا للنواب او غيرهم، لان ذلك يؤدي الى تعطيل الدستور وهذا التعطيل افساد للدولة، وهو ايضا سوء فهم لطبيعة الحقوق وسوء تعامل معها، كما قال الخبير الدستوري العربي ناصيف نصار في كتابه'فلسفة السلطة' فان'الحق السياسي واحد من الحقوق التي يتمتع بها الانسان الاجتماعي. ولانه كذلك، فقد وجب تحديد العلاقة السليمة بينه وبين سائر الحقوق التي يمكن أن يؤدي سوء التعامل نعها الى فساد كبير في حياة الانسان الاجتماعي'،
كما أن عدم التدرج واللجوء مباشرة الى الاستجواب يخالف المادة 99 التي نصت على ما يأتي' لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراءوإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم, وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة'، اذ قبل اللجوء الى المادة المئة لا بد من السؤال، ورغم أن الاستجواب يعتبر سؤالا مغلظا، إلا أن ذلك يجب أن ينسجم مع الدستور والتدرج في مواده، والا كان المشرع وضع مواد الدستور بعشوائية من دون تدرج، لكنه اتبع المنطق والعقلانية وما رسخت عليه الامم والدول في الدساتير ففصّل مهمات كل سلطة على حدا كي لا تتداخل في ما بينها وتهيمن واحدة على الاخرى، وهذا الأمر فرض ايضا التدرج في ممارسة الحقوق والواجبات، فمثلا لا يمكن لمجلس الامة أن ينهي دور انعقاده العادي قبل اقرار الموزانة العامة للدولة، والقصد من ذلك عدم تعطيل اعمال الدولة في الظروف العادية اما في الظروف الاستثنائية فقد حدد الدستور ما يمكن فعله في هذا المجال، واستنادا الى التدرج في ممارسة الحقوق والواجبات، وبخاصة اذا تعلق الأمر بالمشرعين فعلى هؤلاء الالتزام بالنص الدستوري وتتالي مواده كما حددها الدستور، والا اعتبروا مخالفين للدستور، والمخالفة هنا تفتح مجالا امام العامة لمخالفة القانون إي انهم يتسببون بمفسدة كبيرة وهو ما ورد اعلاه'.
استنادا الى هذه الحقائق الدستورية قال فهد داود الصباح :'ان الاستجوابات المقدمة الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء قبل استيفاء الشروط الدستورية مخالفة للدستور وتنطوي على عمل معطل للدستور، وباعث على الفساد في المجتمع، واذا راعت الحكومة هذه المخالفة فانها بذلك تساعد على تعطيل الدستور'.
وختم قائلا:' طالما أن هناك مخالفات دستورية واضحة في الاستجوابات فهي تعطل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية وتزيد من الخسائر الاقتصادية للدولة، المحتاجة حاليا الى اقرار القوانين المدرجة على جدول اعمال مجلس الامة للخروج من الازمة الخانقة التي يعانيها الاقتصاد الوطني.
تعليقات