الخوف من الاختلاف وراء شُح الإبداع في العالم العربي.. بنظر سعاد المعجل
زاوية الكتابكتب أكتوبر 28, 2013, 11:56 م 932 مشاهدات 0
القبس
الخوف من الاختلاف!
سعاد فهد المعجل
• الخوف من الاختلاف هو السبب الرئيسي وراء شح الابداع وندرة المبدعين في عالمنا العربي.. فهل سنظل نخاف من الاختلاف ام سنكون مبدعين وبكثرة؟
يحكى ان رجلا اعمى جلس على احدى عتبات عمارة، ووضع قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها «أنا اعمى ارجوكم ساعدوني»، فمر رجل بالاعمى ووقف ليرى ان قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة، فوضع المزيد فيها.. ومن دون ان يستأذن من الأعمى اخذ لوحته وكتب عليها عبارة اخرى! ثم اعادها مكانها ومضى في طريقه. لاحظ الاعمى ان قبعته قد امتلأت بالنقود، فعرف ان شيئا قد تغير وادرك ان ما سمعه من المارة كان بسبب ما هو مكتوب على اللوحة، فسأل احد المارة عما هو مكتوب، فكانت الجملة كالآتي: «نحن في فصل الربيع لكنني لا استطيع رؤية جماله»!
ان تكون مختلفا فهو امر يتطلب اولا جرأة.. وثانيا ثقة.. وعلى الرغم من اننا جميعا نريد ان نكون متميزين مختلفين عن الآخرين.. فان مثل هذه الرغبة تواجهها معوقات اجتماعية ونفسية وعقائدية.. وقد قادت شركة Apple الاميركية حملة دعائية بين عامي 1997 - 2002 كان شعارها Think Different «فكر بشكل مختلف»، وصاحب الحملة فيلم دعائي اسمته «المجانين» تضمن عدة شخصيات شهيرة برزت في عدد من المجالات من مختلف انحاء العالم، وقد كان ابرزها البرت اينشتاين، مارتن لوثر كنغ، توماس اديسون، مهاتما غاندي وبابلو بيكاسو، مشيرة الى ان كل واحد من هؤلاء فكر بشكل مختلف وصنع نقطة تحول في تاريخ العالم ما زالت البشرية تنعم بتأثيرها حتى يومنا هذا..
قد لا يكون من السهل على الانسان ان يختلف كثيرا عن النسق العام لمجتمعه، فالاختلاف في التفكير او في الشكل الخارجي او في رؤية الامور، والاشياء غالبا ما تصطدم بموروثات وتقاليد لا تحبذ كثيرا مثل هذا الاختلاف، بل وترى فيه خروجا عن العرف العام وجرأة غير مبررة، بل ان في امثالنا الشعبية ما ينتقد مثل هذا الخروج.. فالمثل القائل «خالف تُعرف» لا يرمز لايجابية الاختلاف اطلاقا وانما على العكس تماما! لذلك فان مساكننا متشابهة في تفاصيلها الى درجة التطابق، والموضة تصبح اشبه بالقانون غير المكتوب، فجميع النساء يرتدين الملابس نفسها، ويحملن الحقائب نفسها، ويتزين بالساعات والمجوهرات نفسها..
قامت مجموعة من العلماء بدراسة للخصائص النفسية والاجتماعية لمجموعات بشرية، فتوصلوا الى عبارة شهيرة تقول: «ان الانسان على نحو ما يشبه كل الناس، وعلى نحو آخر يشبه بعض الناس، وعلى نحو ثالث لا يشبه احدا من الناس». لكن القلة هم الذين يجرؤون على الافصاح عن اختلافاتهم، وهو ما عبر عنه جون ستيوارت مل بقوله: ان الخطر الرئيسي في العصر الحالي هو قلة من يجرؤون على ان يكونوا مختلفين!
الخوف من الاختلاف هو السبب الرئيسي وراء شح الابداع وندرة المبدعين في عالمنا العربي، فلقد نشأنا - وبكل اسف - على ان التفكير بطريقة مختلفة او التصرف بشكل مختلف هما اهانة للمجتمع ومخالفة للعرف العام.. فكانت النتيجة ان الاغلبية بقيت متسترة بعباءة التقاليد والاعراف.. تمارس اختلافها وتميزها ورؤاها المختلفة في الخفاء.. ويتم وصم المميزين والمختلفين بانهم فئة خارجة عن العرف والتقاليد.. ومخالفة للشرع والدين!
تعليقات