عن 'كبائر' مستشفى مبارك!.. يكتب جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 1291 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  'مبارك' يستغفر ربه

جعفر رجب

 

لو كنت مريضا - ابعد الله عنا وعنكم المرض - ولو كنت مضطرا للذهاب الى مستشفى مبارك - ابعد الله عنا وعنكم المبارك - فانك ستعيش لحظات ايمانية تتذكر فيها ذنوبك وخطاياك، وتنسى مرضك.
لأنك، ومع دخولك المستشفى ستشاهد لافتة مكتوب عليها «استغفر ربك» تتجه للعيادات الخارجية لتنتظر دورك، وكعادتك تصل قبل الطبيب، فالطبيب مثل الاسعاف والمرور والمحقق يأتي كالعادة متأخرا، ثم يستقبل المراجعين «vip» ومن يعرفهم ومن يعرف الممرضة والكاتبة والفراش، ثم تشتغل الارقام، واذا كنت محظوظا جدا جدا فسيصل دورك خلال ساعتين، بعد ان ينكسر ظهرك من الجلوس على الكراسي الحديد - الحكومة ماعندها فلوس تشتري كراسي مريحة - ولكن لا بأس هناك ملصق آخر مكتوب عليه «استغفر الله العظيم» وعندها تستغفر الله من كل ذنب عظيم، ومن نقد، ومن كل «حلطمة» على الوضع الصحي، فانت المذنب لأنك راجعت مستشفى حكومياً ولاذنب عليهم في ما اقترفت يداك، المهم الطبيب ينهي مهمته، وكعادته يعطيك الوصفة ويشخص حالتك في دقيقة واحدة فقط، بعكس من سبقوك!
تنتقل بعد ذلك الى الصيدلية، هناك على الجدار ملصق «استغفر ربك»، على الباب لافتة أخرى «اشغل الانتظار بالاستغفار» على العمود ملصق «استغفروا ربكم» على شباك تسليم الوصفات ملصق «استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم»... تسلم وصفتك، وتجلس ايضا على الكراسي الحديد - ولا فرق بينها وبين كراسي الانتظار في المخافر - وتستغفر الله كثيرا رغم يقينك ان لم تذنب في الدخول الى المستشفى، وانك دخلته مضطرا وليس على المضطر حرج ولا ذنب، ولاذنب لك في انتظار المريض وغالبيتهم كبار في السن، لساعة كاملة على الاقل ليتسلم دواءه، ولا ذنب للعاملين فهم يؤدون دورهم بإخلاص.
ملصقات دينية تذكر الناس بالاستغفار، لا بأس ولا اعتراض - نخاف نعترض ونكفر - وهو عمل محمود - ومحمد، وناصر، ومطلق، وجميع الاخوة الافاضل - غير المحمود هو ان تتحول الملصقات الدينية الى ملصقات تبرير عن اهمالنا في العمل، وبدلا من ان نستخدم النص الديني في تحريض الناس على العمل والمثابرة، نستخدمه في تبرير فشلنا وتخلفنا وسوء ادارتنا وأوضاعنا.
اذا كان الايمان «مقطع بعضه» - على رأي المصريين - لماذا لم يكتبوا بدلا من «اشغل الانتظار بالاستغفار» عبارة «بعد الحمد والاستغفار لن نطيل عليك الانتظار»...؟!، الجواب، لأنهم يشعرون بالفعل بعظم ذنوبهم، رغم ان الاستغفار اهم شروطه التوبة... وهذا المستشفى مازال مصراً على ارتكاب الكبائر قبل الصغائر بحق المرضى.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك