الأسرة الحاكمة بعد التحية

زاوية الكتاب

كتب 7285 مشاهدات 0

مهند الساير

في الحقيقة إحترت كيف سوف تكون بداية المقال وهل سوف تكون المقالة موجهة لكافة الأسر الحاكمة في العالم أو أخص بها الأسر الحاكمة الخليجية التي تتشابه بكل التصرفات حتى تكاد أغلب التصرفات بنظام (الكوبي بيست) بينهم فوجدت الدخول مباشرة بصلب الموضوع أفضل ومخاطبة أسرنا الحاكمة .

مالفت إنتباهي وجعلني أُقدِم على هذا المقال هو مَن له الفضل على مَن ، هل الأسر الحاكمة لها الفضل على الشعب بأن قبلت أن تحكمه أم الشعب هو من له الفضل على تعيين هذه الأسر عليه ، فذهبت إلى أقدم الأسر الحاكمة في بعض البلدان كاليابان والسويد وبريطانيا فرأيت كيف هو التعامل المتبادل بين هذه الأسر الحاكمة وشعوبها فوجدت بعض الأمور المهمة ، أن هذه الأسر لايكون عددها بالآلاف وكذلك لم أجد هناك من يتفاخر لديهم بأنه من إحدى هذه الأسر الحاكمة وأنه متفضل عليهم في ذلك بل تجد الإحساس بالإمتنان والتواضع وتجده مترجم في الكثير من التصرفات كما حدث مع إمبراطور اليابان عندما تنازل عن سلطته المطلقة وعن إمتيازاته إلى الشعب بعد فشله في الحرب العالمية ووضع دستور يتحكم به الشعب ، وكما حدث أيضًا في بريطانيا قامت الحكومة على إجبار الملكة على خفض إنفاقها العام كما ذكرت صحيفة 'إنديبندانت' أن الملكة أُجبرت على التخلي عن حقها المطلق في إدارة الشؤون المالية لقصرها وكذلك تم تعديل القانون بحيث يحق لنواب البرلمان مراقبة نفقات العائلة الملكية والتحقيق فيها وكذلك وجود لجنة تراقب نفقات التنقل سواء بالقطار الملكي أو نفقات الرحلات الجوية الملكية ومبالغ البرامج الترفيهية الرسمية وهذا التعديل الوارد بالقانون يعطي الحق بإستدعاء كبار المسؤولين بالقصر للإستماع لشهادتهم بموضوع مصروفات العائلة المالكة ، كما أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم ليست فقط من الناحية الشكلية بل إنهم ينظرون لها من الناحية الإقتصادية للشعب وتحقيق المنفعة له بإنعاش الإقتصاد ورفع السياحة كما هو الحال في بريطانيا بأن العائلة المالكة البريطانية ملزمة سنويًا بحضور مايقارب ألفان مناسبة وأن ترد على مائة ألف رسالة من وإلى الشعوب وأن يزورهم من الناس مايقارب السبعون ألفًا في قصورهم الملكية .
كذلك قصة قد يراها البعض بسيطة وهي تعود لملك السويد عندما أراد أن يتناول وجبة العشاء في أحد المطاعم الذي إعتذر منه بأن المطعم ممتلئ ، فإذا كان رأس الهرم في هذه الدول يعامل بهذه الطريقة كيف هو الحال بالنسبة لباقي أفراد الأسرة الحاكمة أو المالكة لديهم فأنا لا أرى في كل ماسبق تقليل من قيمة ملوكهم بل على العكس فهذا هو الأصل ، أن الأسرة الحاكمة يجب أن تشعر بالإمتنان لهذا الشعب الذي نصبها عليه ولولا هذا التواضع لما إستمرت هذه الأسر في كسب حب شعوبها .
أما لدينا في دول الخليج فالأمر مختلف تمامًا ، فبعض أفراد الأسر الحاكمه لدينا هم مثال سيء لهذه الأسر ، ولا يعني إذا كانوا لا يضعون حراسة شخصية بأنهم متواضعون أو أنهم يجلسون بمجالس باقي أفراد المجتمع بأنهم لا يترفعون ، فهذا كلام خاطئ لأن العدالة والمساواة ليست مقصورة على حضور المناسبات العامة والخاصة أو بعدم إصطحاب الحراس الشخصيين بل يجب أن يمتد إلى الكثير من الأمور وأهمها تطبيق القانون على الجميع ونحن نعلم وإن حاول البعض إخفاء بعض الحقائق ، إلا أنه في أوطاننا الخليجية البعض من أفراد الأسر الحاكمة لا يخضعون للقانون ومازالت أرصدتهم تتضاعف دون أن يثار السؤال الشهير من أين لك هذا ..!!
بل البعض منهم يولى المناصب القيادية كالوزارات حتى يتحول من شيخ فقير إلى شيخ غني ..
وحتى نكون منصفين ليس جميعهم هكذا بل فيهم من الأخيار أفضل من الكثير من أبناء الشعب خارج الأسرة الحاكمة ، ولكنهم لا يضعون حدود لأبنائهم ممن يشوّه صورتهم ويقلل قدرهم في أعين الشعب ، ومازالت الكلمة الشهيرة ترن في أذني (( أنا شيخ ولد شيخ ولد شيخ )) وكنت أتمنى لو أنه قال (( أنا شيخ ولد شيخ ولد شيخ بفضل هذا الشعب )) ..
وفي الختام رسالتي لأبناء الأسر الحاكمة الخليجية دون إستثناء وأخص بهم الأسرة الحاكمة في بلدي من لا يتعلم من تجارب الآخرين لايحصد إلا الخسائر حاولوا تحسين الكثير من العادات السيئة التي يمارسها البعض منكم حتى تفوزوا بحب الشعب وإخلاصه ..

وكما قال أبو العتاهية :

لَمْ يبقَ أهلُ التُقى فيها لبرِّهِمُ و لا الجبابرةُ الأملاكُ ما عَمروا

فاعملْ لنفسِكَ و احذرْ أن تورِّطَها في هُوَّةٍ ما لها وِِرْدٌ و لا صَدَرُ

 

الآن- رأي : مهند الساير

تعليقات

اكتب تعليقك