سعدية مفرح تكتب عن ليلة علاء الأسواني في باريس

زاوية الكتاب

كتب 1284 مشاهدات 0

سعدية مفرح


أسفار

 

ليلة الأسواني في باريس!

لم نكن من حضور ندوة علاء الأسواني الأخيرة في معهد العالم العربي في باريس، لنكون شهودا على ما حدث له تلك الليلة، لكن الحدث الذي جرى قبل عدة ليال صورته الكاميرات والهواتف الشخصية بالفيديو، ثم تكفلت وسائل التواصل الإلكتروني بنقله بعد دقائق قليلة من وقوعه، وبلقطات مختلفة الزوايا، ليكون في متناول جميع مستخدمي شبكة الانترنت، ولنكون من شهوده الافتراضيين.
 
بدا المشهد في أبرز زواياه مأساويا بامتياز، فقد فوجئ الأسواني، الذي كان من المفترض أن يتحدث عن روايته الأخيرة «نادي السيارات»، ببعض حضور الندوة وهم يطالبونه، قبل الانتهاء من الحديث الأدبي المقرر، ان يقول رأيه في أحداث مصر السياسية الأخيرة.
 
كان من الواضح تماما أن السؤال أو الطلب مجرد تمهيد لسلوك معين متفق عليه مسبقا، ينوي معظم جمهور الندوة القيام به تجاه الأسواني. فموقف الأسواني تجاه الأحداث في مصر كان واضحا، بل شديد الوضوح في كل تحولاته الزمنية خلال السنوات الثلاث، منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، مقارنة بمواقف كثير من زملائه الأدباء والمثقفين المصريين والعرب، حيث اختار الروائي المصري الأشهر راهناً أن ينحاز للحراك الثوري في مصر في البداية. ثم بقي في الخندق الثوري حتى بعد تسلم الإخوان للحكم، إثر فوز الرئيس محمد مرسي بأول انتخابات رئاسية بعد الثورة.. ولا ينسى متابعو الأسواني على موقع تويتر تغريداته الشهيرة قبل عام تقريبا حول ذلك، التي أنقل هنا بعضها، حرفيا، على سبيل المثال:
 
ـ الديموقراطية سلطة الشعب عن طريق الانتخاب. الرئيس مرسي الذي انتقده واختلف مع مشروعه هو رئيس منتخب.. من لا يحترم اختيار الشعب يكون فاشيا.
 
ـ هل كرهك للإخوان اكثر من حبك للثورة؟ هل كرهك للإخوان اكثر من اخلاصك للحقيقة؟ اذا كانت الاجابة نعم فلست ثوريا، بل قط أليف يتمسح في العسكري.
 
ـ هل نتخلى عن الثورة ونترك السلطة للعسكر نكاية في الاخوان؟ هل نطلب الحق بشرط الا يستفيد منه خصومنا؟ موقفنا ضد الانقلاب العسكري يجب ان يوحدنا.
 
لكن الرجل سرعان ما انقلب على نفسه وعلى أفكاره تلك، حيث أيد الانقلاب العسكري على النظام الديموقراطي الثوري وأيد حكمه. والأسوأ أنه لم يقل شيئا حقيقيا ضد قتل المتظاهرين المدنيين، ولا عن غلق القنوات الفضائية المعارضة للانقلاب، ولا عن خنق الحريات، فتحول في نظر كثير من قرائه الى ذلك «الفاشيست والقط الأليف المتمسح في العسكري»، وفقا لتعبيره الشخصي نفسه.
 
لم تكتمل ندوة الأسواني الباريسية في تلك الليلة، فقد أوقفها الجمهور المتحفز بهتافات ضد حكم العسكر، وضد كل من أيد ذلك الحكم. ولأن الأسواني لم يتمكن من الرد ولا الحديث في تلك الأجواء المشحونة، انساق للعبة الجمهور، ورد عليهم بطريقتهم الصاخبة وبهتافات مضادة، أضاف إليها بعض الحركات «البذيئة»، التي ظهرت في تسجيل الفيديو، وفوجئ بها قراؤه في كل مكان، والتي استمر بتوجيهها للجمهور حتى وهو يخرج من باب الطوارئ بحماية الأمن الفرنسي، في صورة لا أظن أن «مثقفا» يتمناها لنفسه.
 
بعد أن سمعت بخبر الاعتداء عليه في ندوته تلك، كتبت بعد دقائق، تعليقاً على الخبر، في صفحتي على تويتر تغريدات تقول: «إن الأفكار تواجه بالأفكار لا بالهمجية والاعتداء الجسدي. وما حدث الليلة في معهد العالم العربي في باريس للكاتب علاء الأسواني مرفوض تماما، نختلف معه في كثير من مواقفه الأخيرة بالذات، لكن هذا لا يمنعنا من رفض وإدانة ما حدث له الليلة في باريس، وهو يلقي محاضرته». لكنني بعد ان رأيت أكثر من تسجيل بالفيديو لما حدث ولردود فعل الأسواني غير اللائقة، أضيف على ما كتبته في تويتر: يا خسارتك يا أسواني.. مرة أخرى!
 

سعدية مفرح

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك