القضية الاسكانية..كما يراها فهد داود الصباح

زاوية الكتاب

كتب 970 مشاهدات 0

من الارشيف

رأى الخبير الاقتصادي، الناشط الاجتماعي الشيخ فهد داود الصباح ان'القضية الاسكانية في جوهره ليست كما يصورها بعض النواب على انها قضية طارئة، انما نتيجة طبيعية لعدم اداء مجالس الامة والحكومات السابقة والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، بالاضافة الى الذهنية الاجتماعية الكويتية، وبالتالي لا يمكن تحميل المسؤولية الى الحكومة الحالية التي للاسف يحاول بعض النواب ومن دون قراءة متأنية للقانون رقم 47 لسنة 1993 الذي حدود بوضوح دور المؤسسة والسلطات التنفيذية والتشريعية في هذا المجال، بل ان البعض منهم يتحدث عن مواد وفقرات واردة في القانون وهي ملغية جراء التعديل الذي طرأ عليها في السنوات الماضية'.

وقال:' ان القضية الاسكانية بدأت في التفاقم بعد تحرير الكويت في العام 1991، علما ان الدستور لم يكفل الرعاية السكنية للمواطنين انما كفل الرعاية الاجتماعية المختلفة في تفسيراتها عن الرعاية السكنية، ورغم ذلك الدولة بادرت الى تحمل اعباء الرعاية السكنية للمواطنين القائمة على اسس منح الارض للمواطن وقرض ميسر لبناء المنزل بما يسنجم مع المادة التاسعة من الدستور التي تنص على ما يأتي'الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة'، ولذلك فان الدولة حين اقرت الرعاية السكنية في قانون قصدت صيانة الاسرة الكويتية، وكان لازما على المجالس النيابية والحكومات السابقة ان تولي هذا الامر الاهتمام ليس من باب المناكفة افسدت الحياة السياسية في الكويت، بل انها خلقت العديد من المشكلات الاجتماعية التي باتت اليوم شبه معضلة'.

واضاف:' عندما تحمل الحكومة الحالية مسؤولية هذه المعضلة ففي الامر الكثير من التجني والكيدية، لان التطور الطبيعي بعدد السكان ومستحقي الرعاية السكنية لم يؤخذ في الاعتبار، يزاد على ذلك التجنيس الذي يتبعه ضمان هذه الرعاية، وزيادة على ذلك هناك التقاعس التاريخي عن المؤسسة المعنية دورها الطبيعي اذ في القانون المشار اليه اعلاه كان عليها وضع الخطط الضامنة لتأمين المساكن وفقا للقانون للمواطنين من دون اي تأخير والاستعانة تاليا بتجارب الدول الاخرى في هذا المجال'.

واوضح الداود 'ان هناك مسألة غير منظورة تتعلق بطبيعة ملكية الاراضي في الكويت، اذ ان الدستور في مادته الحادية والعشرين تنص على ان'الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة، تقوم على حفظها وحسن استغلالها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني'، ولان الكويت دولة نفطية وتعوم على بحر من النفط، ولان هذه الثروة الطبيعية ملك للدولة ولها طبيعة خاصة في استخراجها واستغلالها، فان ثمة معوقات عديدة لا يمكن لاي حكومة تفاديها الا من خلال سلسلة قوانين توافق بين متطلبات قانون الرعاية السكنية وبين حماية الثروة الطبيعية وسن استغلالها وتأمين الدخل الوطني، وللاسف فان مجالس الامة السابقة لم تلحظ هذه المسألة وتركت الامر على غارب المناكفات والرؤية غير العلمية، ولم تعمل على حلها بقوانين، بل ان الامر استغل ابشع استغلال من قبل معظم النواب، الذين تدخلوا بشكل او اخر في هذا الملف مما فاقم المشكلة اكثر'.

وشدد على ان' لا يمكن تحميل حكومة سمو الشيخ جابر المبارك المسؤولية عن هذه المشكلة التاريخية، لان الحكومة اولا لم تمارس دورها الطبيعي بسبب العطلة البرلمانية وتشكيلها بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، بل من الواجب ان يعمل النواب حاليا على سن مجموعة من القوانين التي تحفظ حق المواطنين في الرعاية السكانية مع المحافظة على الثروة الطبيعية للدولة التي هي عماد الاقتصاد الوطني، بل نها تكفل النسبة الكبيرة من الدخل'.

وفي سياق الافكار التي تكفل حل هذه المشكلة قال الشيخ فهد داود الصباح :' لا بد من قانون يساهم في تغيير مفهوم الرعاية السكنية، بمعنى ان التزايد الدائم في عدد السكان سيزيد من الحاجة الى المنازل، واذا استمر العمل على النحو الحالي سنصل الى يوم ليس بعيدا لا تكون فيه هناك اي مجالات لتأمين المساحات التي تضمن حرية استغلال الثروة النفطية من دون الاضرار بصحة الناس والتجمعات السكنية'.

واضاف:' ان السبل الكفيلة بحل هذه المشكلة يبدأ من القبول بالسكن في البناء العمودي، والبدء باقامة المدن السكنية المتكاملة وبخاصة في المناطق الحدودية، وتعديل قانون الرعاية السكنية بما يتوافق مع التطورات التي شهدتها البلاد، لان الاستمرار على النمط الحالي يعني ان بعد عقدين او ثلاثة عقود ستصبح الكويت بمجملها مدينة عملاقة، لان البناء يجري في مناطق قريبة من العاصمة، وحتى المناطق السكنية التي كانت تعتبر بعيدة قبل سنوات قليلة باتت متصلة بالحيز السكاني للكويت القديمة'.

وختم الصباح قائلا:' المهمة الاساسية في هذه القضية هي مهمة نيابية بالدرجة الاولى لان الامر في مجمله يتعلق باقرار قوانين تستند الى قواعد علمية وبمشاركة خبراء في المجالات كافة، وبعد اقرار تلك القوانين اذا لم تلتزم الحكومة تنفيذها يمكن تحميلها المسؤولية اما ما يجري اليوم هو مناكفة فيها الكثير من عدم الادراك لطبيعة المشكلة، ولن نقول ان اكثر من ذلك، فما حققته حكومات الشيخ جابر المبارك في هذا الشأن اكبر بكثير مما حققته الحكومات التي سبقتها'.

 

الآن - رأي: فهد داود الصباح

تعليقات

اكتب تعليقك