سمو الأمير يؤدي صلاة العيد بالمسجد الكبير

محليات وبرلمان

تقدم جموع المصلين بمعية ولي العهد وكبار المسؤولين والشيوخ

2029 مشاهدات 0

صاحب السمو أمير البلاد

تقدم حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد جموع المصلين في المسجد الكبير في صلاة عيد الأضحى المبارك بمعية سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد وورئيس مجلس الأمه السابق جاسم الخرافي ومعالي كبار الشيوخ ومعالي نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح ورئيس مجلس الأمه بالإنابه يعقوب الصانع ونائب وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ علي جراح الصباح وكبار المسؤولين بالدوله
وأم وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميه بالإنابه فريد عمادي جموع المصلين في صلاة العيد التي سبقها بخطبة صلاة العيد أكد فيها إِنَّ حُبَّ الْوَطَنِ لَيْسَ شِعَارَاتٍ: تُرْفَعُ، وَلاَ حِكَايَاتٍ تُسْمَعُ، وَلَكِنَّهُ حَقِيقَةٌ تَحْيَاهَا الْقُلُوبُ، وَتَعِيشُهَا الأَرْوَاحُ، وَإِنَّ مِنْ مَظَاهِرِ حُبِّ الإِنْسَانِ وَطَنَهُ: أَنْ يَعْمَلَ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ أَجْلِ حِمَايَةِ مَكَاسِبِهِ، وَصِيَانَةِ خَيْرَاتِهِ، وَحِفْظِ مُقَدَّرَاتِهِ، وَتَحْقِيقِ مَصَالِحِهِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهُ، إِذْ لاَ يَكُونُ الإِنْسَانُ صَادِقاً فِي حُبِّ الأَرْضِ الَّتِي نَمَا فِيهَا وَنَشَأَ فِي مَغَانِيهَا إِلاَّ إِذَا تَفَانَى فِي الْعَمَلِ لَهَا، يَبْغِي رِعَايَتَهَا، وَيَسْعَى فِي خِدْمَتِهَا، يَدْفَعُهُ لِذَلِكَ حُبُّ إِقَامَةِ الْعَدْلِ فِي رُبُوعِهَا، وَالسَّيْرُ فِي ازْدِهَارِهَا وَنُمُوِّهَا وَإِعْزَازِ شَرْعِ اللهِ فِيهَا
وقال عمادي أَن الاِجْتِمَاعَ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الأَزَمَاتِ ضَرُورَةٌ شَرْعِيَّةٌ، لاَ سِيَّمَا عِنْدَمَا تَتَدَفَّقُ الرِّيبَةُ وَعَدَمُ الاِطْمِئْنَانِ إِلَى بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَلَى الْجَمِيعِ الاِتِّصَالُ الْوَثِيقُ بِاللهِ تَعَالَى لِلْعِصْمَةِ مِنَ الْفِتَنِ، وَالاِسْتِعَانَةُ بِاللهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِمَاعُ لِصَوْتِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، وَالْوُقُوفُ مَعَ الْغَيُورِينَ عَلَى الْبَلَدِ فِي خَنْدَقٍ وَاحِدٍ لِصَدِّ أَيِّ مُحَاوَلَةٍ لِزَعْزَعَةِ أَمْنِ الْبِلاَدِ وَاسْتِقْرَارِهَا.

واستهل وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلاميه بالإنابه المهندس فريد عمادي خطبة صلاة عيد الأضحى بقوله اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.
اللهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَمَاتَ وَأَحْيَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.
اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا ذَكَرَ ذَاكِرٌ وَكَبَّرَ، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا حَمِدَ حَامِدٌ وَشَكَرَ، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا تَابَ تَائِبٌ وَاسْتَغْفَرَ، اللهُ أَكْبَرُ مَا أَعَادَ اللهُ عَلَيْنَا مِنْ عَوَائِدِ فَضْلِهِ وَجُودِهِ مَا يَعُودُ فِي كُلِّ عِيدٍ وَيَظْهَرُ.
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً وَتَدْبِيراً، نَحْمَدُهُ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ حَمْداً كَثِيراً، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَدَّخِرُهَا لِيَوْمٍ كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ الأَبْرَارُ، وَصَلِّ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَبَّى الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ الْكِرَامِ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلاَ فَهِيَ وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِلأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ) وَلَقد وصَّينا الذينَ أوتوا الكتاب من قبلكم و إيّاكم أن اتقوا الله ( [النساء:131].
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ الكرام:
إِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ هُوَ يَوْمُ عِيدِ الأَضْحَى الْمُبَارَكِ الَّذِي عَظَّمَ اللهُ أَمْرَهُ وَرَفَعَ قَدْرَهُ وَسَمَّاهُ: يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرَ؛ لأَنَّ الْحُجَّاجَ يُؤَدُّونَ فِيهِ مُعْظَمَ مَنَاسِكِهِمْ، يَرْمُونَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَيَذْبَحُونَ هَدْيَهُمْ، وَيَحْلِقُونَ رُؤُسَهُمْ، وَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَوْنَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ يَنْتَظِمُ عِقْدُ الْحَجِيجِ عَلَى صَعِيدِ مِنَى، بَعْدَ مَا وَقَفُوا الْمَوْقِفَ الْعَظِيمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَرَفَعُوا أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ، وَذَرَفُوا دُمُوعَ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ، وَتَضَرَّعَّوُا إِلَى مَنْ بِيَدِهِ التَّوْفِيقُ وَالإِجَابَةُ ثُمَّ أَفَاضُوا إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَبَاتُوا بِهَا اتِّبَاعاً لِسُنَّةِ الْمُصْطَفَى r الْقَائِلِ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
هَذَا الْيَوْمُ الأَغَرُّ - يَوْمُ عِيدِ الأَضْحَى الْمُبَارَكِ - جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً، يَعُودُ بِخَيْرِهِ وَفَضْلِهِ، وَبَرَكَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعاً، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَوْلاَكُمْ مِنْ نِعَمٍ، اشْكُرُوهُ جَلَّ وَعَلاَ عَلَى بُلُوغِ هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، وَاسْتَعِينُوا بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ، تَذَكَّرُوا أَنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْفَعُ فِيهِ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
يَسْتَقْبِلُ الْمُسْلِمُونَ هَذَا الْيَوْمَ بِالْفَرْحَةِ وَالْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ وَالشُّكْرِ وَالرِّضَا وَالْحُبُورِ، فَالْحُجَّاجُ يُؤَدُّونَ فِيهِ مُعْظَمَ مَنَاسِكِهِمْ، وَغَيْرُهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِالصَّلاَةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالأَضَاحِي، فَهَنِيئاً لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ، هَنِيئاً لَهُمْ بِحُلُولِ هَذَا الْعِيدِ السَّعِيدِ.
وَاعْلَمُوا رَحِمَنِي اللهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ أَنَّ السَّعَادَةَ فِي الْعِيدِ لاَ تَكْمُنُ فِي الْمَظَاهِرِ وَالشَّكْلِيَّاتِ وَإِنَّمَا تَتَجَسَّدُ فِي الْمَعْنَوِيَّاتِ وَفِعْلِ الصَّالِحَاتِ، فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللهِ عَلَيْكُمْ؛ إِذْ تَنْعَمُونَ بِحُلُولِ هَذَا الْعِيدِ الْمُبَارِكِ فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ؛ فَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْنَا فِي هَذَا الْوَطَنِ بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ، وَدَفَعَ عَنَّا فِيهِ كَثِيراً مِنَ الرَّزَايَا وَالنِّقَمِ، وَجَعَلَهُ بَلَداً آمِناً يَأْتِيهِ رِزْقُهُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَأَطْعَمَنَا مِنْ جُوعٍ وَآمَنَنَا مِنْ خَوْفٍ، وَهَيَّأَ لَنَا سُبُلَ التَّوْحِيدِ وَالْعِبَادَةِ، وَقَيَّضْ لَنَا أَسْبَابَ الرَّاحَةِ وَالسَّعَادَةِ، عَيْشٌ نَاعِمٌ، وَأَمْنٌ قَائِمٌ، وَحَيَاةٌ هَنِيَّهٌ، وَعِيشَةٌ رَضِيَّةٌ.
معاشر المسلمين الكرام..لقد أرسى رسولُ اللهِ r في حجةِ الوداعِ في يومِ عرفةَ دَعائمَ الأمنِ و الأمان حينما حَرَّمَ سَفْكَ دماءِ المسلمين و الاعتداءَ على أموالهم فقال عليه الصلاة و السلام:'إنَّ دماءَكم و أموالكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا'.ولذا فإنه لا يختلف اثنان ولا يتمارى عاقلان أن هاتفَ الأمنِ والأمان، و هاجسَ الاستقرار والاطمئنان، هو المرامُ النبيلُ الذي تُنْشِدُهُ المجتمعاتُ البشريَّة، وإذا اختل فسطاطُ الأمنِ وزُعْزِعَت أرْكَانُه، واختُرِقَ سياجُه، فلا تَسَلْ عمّا وراءَ ذلك من الفتنِ و الفسادِ الكبيرِ، فالدين مُغْتَلَبٌ والنفسُ تُسْتَلَب، والعقلُ و المالُ مُنْتَهَب، و العرض مُغْتَصَب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإِنَّهَا لَمِنَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَنِعْمَةٌ كَرِيمَةٌ، أَنْ يَرْزُقَنَا اللهُ الأَمْنَ وَالإِيمَانَ، وَالْعَافِيَةَ وَالأَمَانَ، وَالنَّاسُ مِنْ حَوْلِنَا لاَ يَهْنَأُ لَهُمْ عَيْشٌ، وَلاَ يَهْدَأُ لَهُمْ بَالٌ، لاَ يَرَوْنَ الأَمْنَ وَلاَ يَشْعُرُونَ بِالأَمَانِ، فَهَلاَّ شَكَرْنَا الْوَاهِبَ جَلَّ فِي عُلاَهُ؟!
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ الْكِرَامِ:
إِنَّ مِنْ حَقِّ أَوْطَانِنَا عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ لِتَحْقِيقِ مَصَالِحِهَا سُعَاةً، وَلِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهَا دُعَاةً، وَلِوَحْدَةِ شَرَائِحِهَا وَأَطْيَافِهَا رُعَاةً، وَلأَِمْنِهَا وَرَخَائِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا حُمَاةً، وَلَوِ اقْتَضَى ذَلِكَ بَذْلَ الرُّوحِ وَالْمَالِ وَكُلِّ نَفِيسٍ، وَمِنْ حَقِّ الْوَطَنِ عَلَيْنَا أَنْ نَدْفَعَ عَنْهُ كَيْدَ الأَعْدَاءِ، وَنَحْرُسَ فِيهِ الْقِيَمَ، وَنَجْتَمِعَ عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ، مُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِ اللهِ، مُنَفِّذِينَ أَمْرَ اللهِ، مُجْتَنِبِينَ التَّفَرُّقَ الذَّمِيمَ؛ فَالْحِفَاظُ عَلَى الْوَحْدَةِ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ، وَوَاجِبٌ حَتْمِيٌّ، إِذِ الاجْتِمَاعُ عَلَى الْحَقِّ وَسِيلَةٌ لِقُوَّةِ الأُمَّةِ وَتَمَاسُكِهَا، وَأَدَاةٌ لِحِفْظِ كِيَانِهَا وَدَرْءِ شَرِّ أَعْدَائِهَا، وَهُوَ اسْتِجَابَةٌ لأِمْرِ اللهِ بِالاِعْتِصَامِ بِدِينِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ إِذْ يَقُولُ الْحَقُّ جَلَّ جَلاَلُهُ: )و اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا( [آل عمران:103] وَلاَ يُمْكِنُ لِلْوَطَنِ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ فِي الْحَيَاةِ وَبِنَاءِ الْحَضَارَاتِ إِلاَّ إِذْا كَانَتْ وَحْدَةُ شَعْبِهِ قَائِمَةً، وَصُفُوفُهُ بِالْحَقِّ مُتَلاَحِمَةً، أَلاَ وَإِنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا يَبْنِي وَطَنَنَا، وَيَحْفَظُ لَهُ وَحْدَتَهُ، وَيُبْقِي لَهُ قُوَّتَهُ، وَيُدِيمُ عِزَّتَهُ: التَّمَسُّكَ بِدِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كِتَاباً وَسُنَّةً، وَعِلْماً وَعَمَلاً؛ فَهْماً وَسُلُوكاً، آدَاباً وَأَخْلاَقاً؛ وَالتَّعَاوُنَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانِ، وَنَبْذِ الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْعُدْوَانِ ) وتعاونوا على البِرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثمِ والعُدْوانِ واتقوا اللهِ إنِّ الله شديدُ العقاب( [المائدة:2] كَمَا أَنَّ قِيَامَ الرَّعِيَّةِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِوَلِيِّ أَمْرِهَا لَمِنْ أَسْبَابِ رِفْعَةِ الْوَطَنِ وَسَعَادَةِ الْمُوَاطِنِ، وَبِالْقُلُوبِ التَّقِيَّةِ، وَالنُّفُوسِ الأَبِيَّةِ، وَبِالأَفْكَارِ النَّقِيَّةِ، وَالسَّوَاعِدِ الْفَتِيَّةِ: نَبْنِي الْوَطَنَ، وَبِحَمَاسِ الشَّبَابِ وَعَطَائِهِمْ، وَحِكْمَةِ الشُّيُوخِ وَإِرْشَادِهِمْ، وَإِحْسَانِ التَّرْبِيَةِ وَالسُّلُوكِ وَالْعَمَلِ: يَبْقَى وَطَنُنَا عَزِيزاً بِإِسْلاَمِهِ، قَوِيّاً بِإِيمَانِهِ، فَخُوراً بِأَبْنَائِهِ، شَامِخاً بِبِنَائِهِ.
قال الشيخ عبد العزيز الرشيد –رحمه الله-:' فإن في طاعةِ ولاةِ الأُمورِ من المنافعِ و المصالحِ مالا يُحْصى، ففيها سعادةُ الدينِ وانتظامُ مصالحِ العبادِ في معاشِهم، ويستعينون بها على إظهار دينِهم و طاعةِ رَبّهم'.انتهى كلامه -رحمه الله-
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ حُبَّ الْوَطَنِ لَيْسَ شِعَارَاتٍ: تُرْفَعُ، وَلاَ حِكَايَاتٍ تُسْمَعُ، وَلَكِنَّهُ حَقِيقَةٌ تَحْيَاهَا الْقُلُوبُ، وَتَعِيشُهَا الأَرْوَاحُ، وَإِنَّ مِنْ مَظَاهِرِ حُبِّ الإِنْسَانِ وَطَنَهُ: أَنْ يَعْمَلَ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ أَجْلِ حِمَايَةِ مَكَاسِبِهِ، وَصِيَانَةِ خَيْرَاتِهِ، وَحِفْظِ مُقَدَّرَاتِهِ، وَتَحْقِيقِ مَصَالِحِهِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهُ، إِذْ لاَ يَكُونُ الإِنْسَانُ صَادِقاً فِي حُبِّ الأَرْضِ الَّتِي نَمَا فِيهَا وَنَشَأَ فِي مَغَانِيهَا إِلاَّ إِذَا تَفَانَى فِي الْعَمَلِ لَهَا، يَبْغِي رِعَايَتَهَا، وَيَسْعَى فِي خِدْمَتِهَا، يَدْفَعُهُ لِذَلِكَ حُبُّ إِقَامَةِ الْعَدْلِ فِي رُبُوعِهَا، وَالسَّيْرُ فِي ازْدِهَارِهَا وَنُمُوِّهَا وَإِعْزَازِ شَرْعِ اللهِ فِيهَا، فَمَنْ أَخْلَصَ فِي الْعَمَلِ، وَحَرَصَ عَلَى مُقَدَّرَاتِ الْوَطَنِ وَأَعْطَى كَمَا يَأْخُذُ، وَأَحْسَنَ كَمَا أُحْسِنَ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ الصَّادِقُ الْمُخْلِصُ فِي حُبِّهِ، وَالْبَارُّ الْمُتَفَانِي فِي وُدِّهِ؛ كما أن مظاهرَ حُبِّ الإنسانِ وطنَه أن يدركَ مسؤوليّةَ الكلمةِ ولا سيما في هذا العصرِ، عصرِ التفجرِ الإعلامي وثورةِ المعلومات، فمسؤوليتُها من أعظمِ المسؤوليّات، فعلى العبدِ المسلمِ أن يراعيَ مسؤوليةَ الكلمةِ، وأمانةَ الحرفِ، وموضوعيةَ الطرحِ، وشفافيةَ الحوارِ، ومصداقيةَ الرُّؤى. قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمْلاً أَنْ يُتْقِنَهُ» [رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَحَوْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَّلَ الأَعْيَادَ بِالسُّرُورِ، وَضَاعَفَ لِلْمُتَّقِينَ جَزِيلَ الأُجُورِ، وَقَبِلَ مِنَ الْحُجَّاجِ وَالْعُمَّارِ سَعْيَهُمُ الْمَشْكُورَ، وَكَمَّلَ الضِّيَافَةَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لِعُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ، أَحْمَدُهُ عَلَى جَمِيعِ نَعْمَائِهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُعِزُّ أَوْلِيَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ سَيِّدُ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
مِنْ أَهَمِّ مُقَوِّمَاتِ الْعَيْشِ الْكَرِيمِ، وَنَيْلِ الْقُوَّةِ وَالتَّمْكِينِ، وَالرُّقِيِّ وَالتَّعْمِيرِ: الاِسْتِقْرَارُ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ، وَفِي كُلِّ مَجَالاَتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي الْمَجَالَيْنِ السِّيَاسِيِّ وَالاِقْتِصَادِيِّ؛ لأَنَّ مِنْ شَأْنِ اضْطِرَابِهِمَا اضْطِرَابَ حَيَاةِ النَّاسِ؛ ذَلِكَ أَنَّ الاِسْتِقْرَارَ ضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ الْعَيْشِ، وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ مِنْ الشَّرْعِ وَالتَّارِيخِ وَالْوَاقِعِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ.
وَكُلُّ بِلاَدٍ تَفْقِدُ اسْتِقْرَارَهَا، وَتَضْطَرِبُ أَحْوَالُهَا؛ يَفِرُّ النَّاسُ مِنْهَا، مُخَلِّفِينَ وَرَاءَهُمْ أَحِبَّتَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَدُورَهُمْ، يَتْرُكُونَ كُلَّ غَالٍ وَنَفِيسٍ يَنْشُدُونَ الأَمْنَ وَالاِسْتِقْرَارَ، وَلَوْ شُرِّدُوا وَطُورِدُوا، وَلَوْ عَاشُوا لاَجِئِينَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، مُغْتَرِبِينَ عَنْ بُلْدَانِهِمْ، مُعْدَمِينَ بَقِيَّةَ أَعْمَارِهِمْ؛ فَالدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لاَ تُسَاوِي شَيْئاً بِلاَ اسْتِقْرَارٍ فَلاَ قِيمَةَ لِلْقُصُورِ وَالدُّورِ وَالأَمْوَالِ إِذَا فُقِدَ الاِسْتِقْرَارُ، وَلاَ يَبْقَى فِي الْبِلاَدِ الْمُضْطَرِبَةِ إِلاَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الرَّحِيلِ عَنْهَا يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ كُلَّ لَحْظَةٍ، وَأَعْدَادُ اللاَّجِئِينَ وَالْمُشَرَّدِينَ فِي الأَرْضِ قَدْ بَلَغَتْ عَشَرَاتِ الْمَلاَيِينِ، أَتَرَوْنَهُمْ يَفِرُّونَ لَوْ وَجَدُوا قَرَاراً فِي بُلْدَانِهِمْ، وَاسْتِقْرَاراً لِعَيْشِهِمْ؟!
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ الكرام:
إِنَّهُ حِفَاظاً عَلَى الاِسْتِقْرَارِ الَّذِي نَنْعَمُ بِهِ فِي هَذِهِ الْبِلاَدِ الْمُبَارَكَةِ، وَشُكْراً للهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ: يَجِبُ عَلَيْنَا التَّوَاصِي بِتَغْلِيبِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِلْبِلاَدِ وَحَثُّ الْجَمِيعِ عَلَى بَذْلِ مَزِيدٍ مِنَ الْعَمَلِ وَالْجُهْدِ.
كَمَا أَنَّ الاِجْتِمَاعَ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الأَزَمَاتِ ضَرُورَةٌ شَرْعِيَّةٌ، لاَ سِيَّمَا عِنْدَمَا تَتَدَفَّقُ الرِّيبَةُ وَعَدَمُ الاِطْمِئْنَانِ إِلَى بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَلَى الْجَمِيعِ الاِتِّصَالُ الْوَثِيقُ بِاللهِ تَعَالَى لِلْعِصْمَةِ مِنَ الْفِتَنِ، وَالاِسْتِعَانَةُ بِاللهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِمَاعُ لِصَوْتِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، وَالْوُقُوفُ مَعَ الْغَيُورِينَ عَلَى الْبَلَدِ فِي خَنْدَقٍ وَاحِدٍ لِصَدِّ أَيِّ مُحَاوَلَةٍ لِزَعْزَعَةِ أَمْنِ الْبِلاَدِ وَاسْتِقْرَارِهَا.
حَمَى اللهُ تَعَالَى بِلاَدَنَا وَبِلاَدَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَأَدَامَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الأَمْنَ وَالاِسْتِقْرَارَ، وَالْعِزَّةَ وَالاِزْدِهَارَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى الرَّسُولِ الْمُجْتَبَى، وَالنَّبِيِّ الْمُصْطَفَى، وَالْحَبِيبِ الْمُرْتَضَى كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ جَلَّ وَعَلاَ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: )إنّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصَلّونَ على النّبِيِّ يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسَلَّموا تَسْلِيمًا( [الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا وَحَبِيبِ قُلُوبِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ الْفَارُوقِ، وَعُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ، وَعَلِيٍّ أَبِي السِّبْطَيْنِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعوات، اللهم آمنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاةَ أمورنا، اللهم وفق أميرَ هذه البلاد بتوفيقك، وأيّده بتأييدك، اللهم وفقه و ولي عهده إلى ما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما إلى البر و التقوى، ويسّر لهما البطانةَ الصالحةَ النافعةَ يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد سخاءً رخاءً و سائرَ بلادِ المسلمين، اللهم ادفع عنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم وحّد صَفّنا واجمع كلمتَنا، واخذل من أراد الشرَّ بنا، يا قوي يا عزيز، اللهم اكفنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل و النهار، يا عزيز يا غفار.
اللهم اجعل عيدنا سعيدًا، وعملَنا صالحًا رشيدًا، وأعِدْ هذا العيدَ على بلادِنا و أميرِنا وولي عهدِه وحكومَتِنا وشعبِنا وعلى جميع المسلمين بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ورافقتكم السلامة، وطبتم وطاب ممشاكم، وعيدكم مبارك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

الآن: محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك