'مقاصد الثورة وغاياتها' .. برأي فايز النشوان
زاوية الكتابكتب أكتوبر 10, 2013, 12:05 ص 1932 مشاهدات 0
رؤية واضحة
مقاصد الثورة وغاياتها
درج خلال السنوات الأخيرة مفهوم الثورة، واختلط عند الناس المعنى الحقيقي المقصود منها، خصوصا إذا تحدثنا عن الثورات ذات الطابع السياسي، ولعل ذلك يرجع إلى كون هذا المصطلح بحد ذاته حمّال أوجه في غايته، لذلك لا بد من الإشارة بشيء من التفصيل لمقاصد الثورة، سواء كانت سياسية أو غيرها من الثورات التي تناولها المفكرون في سياق حديثهم عنها.
الثورة بمفهومها الواسع هو التغيير الشامل لما عليه الأمر، فيقال إن شعبا ما ثار على نظامه أي قام بتغييره، ورغم أنه أمر قليل الحدوث ونادر الوقوع إلا أنه حدث في التاريخ، بأن بعض الشعوب بالفعل ثارت بشكل كامل على نظامها لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، لكن من النادر أن يثور شعب نتيجة لأسباب سياسية، إلا إذا كانت هذه الثورة تدار من قبل حزب أو جماعة تريد أن تحكم بعد انهيار النظام الحاكم، فتقوم بإشعال فتيل هذه الثورة واستدراج الناس للتورط بها معهم، ثم إدارتها لهم بشكل يضمن نتيجة إنهاء هذا النظام الذي عجز عن تلبية احتياجات الناس، وانحرف عن جادة الحق بنشره للفساد وتبنيه القمع، حتى عجز الشعب عن الاستكانة والرضوخ له.
أما الثورة بمفهومها الضيق فهي تعني تغيير واقع الحال، وليس بالضرورة أن يتضمن ذلك تغيير النظام لآخر، بل بإصلاح هذا النظام لينسجم مع تطلعات الشعوب، ويحقق غاية وجوده الحقيقية بإدارة شؤون الناس بالطريقة التي تكفل لهم المساواة والعدالة، والعيش الكريم الذي تحفه الكرامة الإنسانية، التي تؤدي لأن يكون للمواطن حق إبداء الرأي الناقد المحترم لنظام حكمه، لتصويبه إن أخطأ أو لتطويره إن هرم أو تباطأ في شأن تحتاج إليه الدولة.
والحقيقة أن الثورات الشاملة المصاحبة لتغيير النظم تبين أنها لم تنجح إلا بمرور سنوات، وربما عقود طويلة، بل إن دولة مثل فرنسا احتاجت ثورتها الأولى لثورات أخرى لتصويب المسار، وهو أمر تجاوزته بريطانيا على سبيل المثال، التي اختار شعبها الثورة الضيقة «الإصلاحية» التي أبقت على ذات النظام لكن بعد أن تم إصلاحه، بشكل جعل الأمة تختار من يدير شؤونها، مع الاحتفاظ بالنظام القديم ليسود عليهم لكنه لا يحكمهم بشكل مباشر.
ولو أسقطنا مفهوم الثورة على دول الخليج، فقطعا نحن لا نرغب بمفهوم الثورة الشامل الجالب للدماء والمدمر للبناء، لكننا أيضا لا نريد للأمور أن تبقى على ما هي عليه الآن، و ليس بالضرورة نريدها مشابهة لما كانت عليه بلدان الربيع العربي، وقد يقود هذه الثورة النظم نفسها من باب الإصلاح الذاتي، باستدراك الخطأ والوقاية من شر الفتن، كما أن على الشعوب أن تضطلع بدور يجعل من الرأي العام المحرك الأساسي لصاحب القرار السياسي الذي لا يجب أن يحجب عينيه عن تطلعات شعبه، وهي أمور ربما لا تصله إلا من خلال تمثيل سياسي لهذا الشعب، يأتي بالانتخاب الحر المباشر، وليس باختيار بعض المستشارين الذين ربما يكونون معول هدم حتى وإن علت مراكزهم العلمية أو الفقهية!!
تعليقات