لماذا نحن شعوب لا نحسن حكم أنفسنا؟!.. وليد الجاسم متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 821 مشاهدات 0


الوطن

حمار حمورابي

وليد جاسم الجاسم

 

المشهد: شاب عراقي يحتضن رقبة حماره المصاب في حادث والملقى على الأرض محتضراً في الرمق الأخير، الشاب العراقي يبكي بكاءً يقطع نياط القلوب، بكاء يتخلله نحيب من آن الى آخر، والناس من حوله يهدئون من روعه، ويواسونه لكنه لا يلقي لهم بالاً ويواصل النحيب والبكاء.
العربة البدائية التي كان الحمار يجرها موجودة في المشهد، والناس من حول هذا الشاب العراقي صنفان، صنف يواسيه ويقول له (اذكر الله).. و(روح البيت)، وصنف آخر رأى المشهد كوميدياً بما يكفي لتصويره وتبادله مع الأصحاب عبر الواتس آب للضحك والتندر.
تمعنت قليلاً في المشهد الذي وصلني عبر الواتس اب، وقلت بيني وبين نفسي.. الله الله.. هذه آخرة بلاد الرافدين.. هذه آخرة السومريين والآشوريين؟.. هذه آخرة من وضعوا أول شريعة إنسانية متكاملة على الأرض (شريعة حمورابي).. هذه آخرة العراق بلد الثقافة والقراءة والكتب.. هذه آخرة من وضع الكتابة المسمارية؟! هذه آخرة بلد امتلك يوماً حدائق بابل المعلقة.. إحدى عجائب الدنيا القليلة؟!
نعم.. تاريخ العراق دموي جداً ومن الطبيعي أن يواجه الكثير من المآسي، ولكن في تاريخ العراق أيضاً الكثير من العراقة والمعرفة والعلوم والأديان والحِكم والشعر والأدب لا ينكرها إلا جاهل.
كيف وصل بهم الحال الى هذا الدرك وهم يمارسون ديموقراطية العم سام؟ وكيف صار مصير الشاب العراقي وهو في مقتبل العمر معلّق بحمار؟! ويبكي بكاء اليائس من دنياه لمجرد أنه فقد حماره؟!
هذا الشاب العراقي لم يبكِ وينتحب حباً بالحمار ولا وفاءً له ولا دلعاً.. ولكنه كان يبكي على نفسه، وينتحب كلما تخيّل مصيره ومصير من هو مسؤول عنهم وقد فقد مصدر رزقه الوحيد.
كيف يصل الحال بالشعب العراقي الى كل هذا الدمار، وهم بلاد الرافدين؟ كيف جاعوا وعندهم الماء والتربة الزراعية؟ كيف افتقروا وعندهم هذا النفط الوفير؟ كيف اكتأبوا وعندهم كل هذه الطبيعة والجبال والتضاريس؟. دينارهم كان يضاهي الدينار الكويتي في يوم من الأيام.. واليوم صار أرخص من ورق الكلينيكس.
سؤال يحيّرني كثيراً.. لماذا لم يطرق الخير باب أي بلد عربي اعتمد الديموقراطية منهجاً؟.. لماذا حلّ الدمار في ليبيا..؟ لماذا حلت الفوضى في تونس..؟ لماذا تدهور العراق..؟ لماذا نحن شعوب لا نحسن حكم أنفسنا.. وإن أتيحت لنا الفرصة أحلنا بلادنا دماراً حتى تنعق على مبانيها الغربان؟!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك