ذاكرة التاريخ حاضرة وحيَّة!.. فاطمة البكر مؤكدة
زاوية الكتابكتب سبتمبر 27, 2013, 12:52 ص 994 مشاهدات 0
القبس
وهج الأفكار / كانت نذير 'شر قادم'..!
فاطمة عثمان البكر
• أحفاد الفاتحين والقادة تركوا النخل يميل بدلاً من وقفات العز، طيره ينعق، والظلم والموت يسودان في بلاد المسلمين!
عندما نتصفح كتب التاريخ العربية القديمة نجد فيها الكثير من الأحداث والوقائع، مثل: انتصارات، انكسارات، إرث حضاري زاخر وكنوز مخبأة في جوف التاريخ، لا يهمله التاريخ مهما تباعدت الأزمان وتغيرت الأيام، فهو سجل الأمة الخالد، منه نستلهم العِبر والدروس، وهو ما يطلق عليه «الدروس المستفادة»، منه نستخلص مواقفنا ومواقعنا: أين أخطأنا، وأين أصبنا؟ متى نجحنا، ومتى، وأين أخفقنا؟ من كان له الخير فينا؟ ومن أساء إلينا؟ منه نستخلص وبالعدسة المكبرة خطواتنا، وبما يطلق عليه استشراف المستقبل، متفادين كل السلبيات التي تعيق مسيرتنا أو العثرات التي كانت سبباً في إخفاقاتنا، نبحث عن الإشعاعات التي أنارت طرقنا، مستهدين على خطاها نحو آفاق مستقبل أفضل.
من قصص التاريخ العربي القديم يروى أنه «كان العرب الذين يسكنون في الأراضي الزراعية عادة ما يتشاءمون من «النخلة المائلة»، ويعتبرونها «نذير شر قادم» يراها البعض أنها إذا مالت، فإن ذلك يكون حزناً على أصحابها، بما تخبئه المقادير في بطن الأفق، بينما يراها الآخرون أنها لا يعدو هذا الميل إلا لثقل التمر، ومن ثم لا يقلقه ذلك «الميل» الذي يحني هامتها، رغماً عنها، أو أن هذا الميل للنخلة لا يعدو سوى «مرض» من أمراض الشيخوخة التي تلحق بأشجار النخيل!
في التاريخ ومن قصص وأحداث التاريخ العربي والإسلامي كانت هناك «نخلة»، كانت هي الشجرة العربية الوحيدة في بلاد الأندلس، أثارت الشجون والأحزان في قلب القائد الكبير الفاتح العظيم عبدالرحمن الداخل، أول من دخل الأندلس من بني أمية، ربط بين هذه النخلة وبينه في الغربة والاغتراب، هو القائد الفاتح الذي حكم الأندلس في أول عهد العرب والمسلمين في مطلع القرن الثاني الهجري، ومكث أحفاده بعده هناك سبعة قرون كاملة، حتى كان ما كان!
عندما انتقلت بعد ذلك أشجار النخيل إلى أرض الشام، كانت الغرسة الأولى على يد عبدالرحمن الداخل، جعل منها «أمّاً» لحدائق الأندلس جميعها، وكان أول من بدأ بغرس النخيل في الأرض الجديدة، وجاء أحفاده من بعده ملوكاً وطوائف، وجاءت أقوام أخرى أحالوا الأشجار التي أبت أن تميل، وجعلوا من رؤوسها مرتعاً خصباً للغربان أن تنعق فوقها ما شاء لها الهوى أن تنعق، وقد نعقت.. ونعقت ونعقت.. ونعقت، وكان هذا نذيراً بشر قادم!
وما زالت تنعق، لا على رؤوس الطير ولا الشجر، وإنما على سفوح الجبال وأسفل السفوح والساحات والمدن والقرى، ما زالت تنعق اليوم على أكوام الجثث والبشر والحجر ما شاء لها، لا الهوى، بل الظلم الذي لم يشهده التاريخ من قبل، لا تنعق، بل ترقص رقص الطير الذبيح!
ذاكرة التاريخ حاضرة تسجل وتسطر ذاكرة حيَّة: ترقب، ترصد، رقيب دائم صادق أمين، كانت وستظل مهما تعاقبت الليالي والأيام، وطالت الأزمان,.
تعليقات