وليد الجاسم يتمنى سقوط النظام السوري قبل 2014

زاوية الكتاب

كتب 726 مشاهدات 0


الوطن

2014؟.. يا بووووي!

وليد جاسم الجاسم

 

في أواخر مارس 2011 أو بدايات ابريل من العام نفسه، وبينما كان الأصدقاء منهمكين في تناول أسياخ الكباب وصحون الشاورما.. ويفتكون بريش الأغنام فتكاً، كان صاحب المطعم الذي جاءنا بالمشويات وعدة الشواء الي مخيمنا القابع وسط الصحراء يتجاذب أطراف الحديث معي بينما عماله يتولون أعمالهم مع الإخوة والأصدقاء.
انهمكت معه في حديث حول الثورة السورية التي كانت قد بدأت للتو ملامحها.. والتوقعات حول ما سيحدث في الأيام المقبلة من باب حب الاطلاع وسماع الآراء من مختلف الشرائح.
صاحب المطعم، وهو سوري سنّي كان يتمنى الثورة كثيرا، ولكنه يخاف منها أكثر لاعتقاده انها لن تؤدي إلاّ الى خراب بلاده، وقال بلهجته الشامية.. «أب ظالم ولا بيت مخروب»، وكل خوفي «نعلق بنص البير لا اللي نزّلنا تحت ولا اللي طلّعنا فوق»!
قلت له: أنتم ربما من أحوج الشعوب العربية الى الثورة على حكامكم وأنتم من أكثر الشعوب العربية معاناة من الظلم والبطش والتنكيل، وآن الأوان لكم لكي تنهضوا وتنفضوا غبار الذل عنكم.
فأجاب.. نعم كل ما تقوله صحيح لكن الواقع المؤلم أن بلادنا تقوم على توازنات من 16 فرقة عسكرية، وهذا النظام لن يسقط قبل أن يحلّ الخراب في كل مكان مع الأسف.
مضى عام 2011، ثم مضى عام 2012، ومضى معظم عام 2013، واقتربنا من دخول عام 2014..!! واقترب موسم التخييم فهل سنعيد نفس الحوار مع صاحب المطعم في المخيم قريباً؟.. أم ستكون الأمور قد حسمت وزال هذا «الجاثوم» عن صدور الشعب السوري؟!
أتمنى كثيراً أن تحسم الأمور ويسقط النظام خوفاً على أرواح الأبرياء من جهة، وحرصاً على نفوس من يكبرون ويترعرعون في ظروف الحرب فتعتاد أنفسهم وعيونهم صور الدمار والخراب، وتدمن أنوفهم روائح الدماء البشرية!
ولكن مع الأسف القلق يزداد في نفسي على هذا الشعب المظلوم خصوصاً بعد اتفاق نزع الأسلحة الكيماوية الذي يتطلب لإنجازه حتى منتصف عام 2014!!.. يا بوووووي!! الى منتصف عام 2014؟!
مع طول مدة الحرب والخراب والدمار فإن القلق الذي يساورني صار يتجاوز مجرد القلق على الأجساد والأرواح وصولاً الى القلق على العقول والقلوب السورية.
يساورني الخوف من أن تنتج لنا الحرب الدائرة حالياً جيلاً ينطبق عليه وصف حكيم العرب أيام الجاهلية الشاعر زهير بن أبي سلمى في معلقته التي قال فيها واصفاً ما تورثه الحرب التي دارت بين عبس وذبيان بالقول:

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم

كأحمر عاد ثم ترضع فتُفْطَمِ

وهو هنا يتجاوز الدمار المرئي للحروب وما تخلفه، ليصل الى الدمار النفسي الذي يصيب الأجيال التي تترعرع تحت ظروف الحرب وأهوالها، الى درجة أنهم سيكونون أكثر شؤماً من عاقر ناقة صالح الذي عاد على قومه بالفناء.
لقد رأينا إجرام النظام السوري في القتل والتفجير والتنكيل بالشعب بالأسلحة التقليدية وباستخدام الأسلحة الكيماوية ببشاعة ودونما تمييز بين مقاتل ومدني.. أو رجل وامرأة.. أو طفل وكبير، كما رأينا ردود الأفعال التي يمارسها بعض المتطرفين ممن دخلوا على خطوط القتال في سورية وما رافق ذلك من مشاهدات يستخدمها ويركز عليها الإعلام الغربي للتخويف من القادمين الجدد الى سورية سواء ممارسات قتل الأسرى أو مضغ القلوب وما الى ذلك من تصرفات يريدون منها إفزاع أعدائهم أزلام النظام السوري لكنها تؤدي الى إفزاع العالم منهم.
فهل يرزق الله العرب اليوم بسيّدين ينهيان الحرب ويحسمان الأمور مثلما فعل السيدان (هرم بن سنان) و(الحارث بن عوف) اللذان تمكنا من إنهاء حرب عبس وذبيان (بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم)؟!
٭٭٭
لنقرأ هذه الأبيات ونعرف ماذا قال حكيم العرب زهير بن أبي سلمى عن السيدين وعن الحرب وآثارها.

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

وما هو عنها بالحديث المرجم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمة

وتَضَرَ إذا ضرَّيتموها فتضرم

فتعرككم عرك الرحى بثفالها

وتلقح كشافاً ثم تحمل فَتُتئِمِ

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم

كأحمر عادٍ ثم ترضع فتفطم

هذا ما قاله في الحرب، أما إذا لم يتم تدارك الوضع السوري قريباً، فلا نستبعد أن من تطأ رجلاه هذا البلد بعد سنوات سيردد هذا البيت:
وقفت بها من بعد عشرين حجةَ

فلأياً عرفت الدار بعد التوهم

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك