المواطن 'الدبوس' و'المحترم'!.. بقلم جعفر رجب
زاوية الكتابكتب سبتمبر 18, 2013, 12:53 ص 1916 مشاهدات 0
الراي
تحت الحزام / كيف تتعرف على المخبر؟
جعفر رجب
سؤال... كيف تفرق بين «الدبوس» والمواطن المحترم؟ والدبوس في عرف أهل الجزيرة العربية تعني «المباحث» وفي قول آخر مخبر، وقول آخر متعاون مع الأمن؟
هذا «البوس» لن تجده جالساً في المقهى بنظارة سوداء ويحمل جريدة مخرومة، أو «آي فون» مخروم، وقد لا يكون بالضرورة يعمل رسمياً في وزارة الداخلية، بل قد يكون معلماً، صحافياً، مهندساً، داعية، فناناً، محامياً... وقد يكون سنياً، أو شيعياً، أو صوفياً، أو سلفياً، أو اخوانياً، أو اباضياً، أو مسيحياً، أو بوذياً... فعند المباحث الكل سواسية في بيع الضمير!
القاعدة الرئيسية لتمييز المتعاون مع المخابرات من الإنسان المحترم هي التطرف، والمبالغة في إظهار المشاعر والآراء، والمبالغة في الشكل والمظهر العام... لأن اثارة قضايا التطرف المذهبي والعنصري بصورة فجة وصريحة، لا يخدم سوى جهة واحدة، وهي السلطات، والسلطات تعني المخابرات!
إذا قرأت لصحافي وافد- فلسطيني مثلاً-، وهو يسب ويشتم في الـ«تويتر»، ويتدخل في الشأن الكويتي، ويقف مع المتطرفين والقتلة، و«ماخذ راحته» في كل ما يقوله ويفعله، فاعلم انه مباحث مخضرم، معتق، عصرة أولى!
إذا سمعت «ناشطاً» سياسياً وهو يتحدث عن البدو والحضر، ويشتم ويسخر ويسب ويلعن، ويتطرف في إظهار مشاعر الكراهية، فاعلم انه مخبر أصلي يقتات على العنصرية، ويبيع بضاعة تالفة خدمة للسلطات!
وإذا تابعت متطرفاً، يدعو «للجهاد»، والقتل، ويعيش ويقتات على الطائفية، ويظهر نفسه كزعيم للمجاهدين، ويوزع صوره وهو يمثل دور المجاهد، وهو في شبابه كان سبباً في نقص مخزون «الباتكس» من البقالات، فاعلم انه مخبر محترم!
إذا دخلت المسجد، ورأيته يحمل مسباحاً أخضر بطول مترين، ويستذبح للجلوس في الصف الأول، وبيده تسعة خواتم من الفيروز والعقيق، ويبالغ في كل ما هو مذهبي، ويدعو بكل حرية إلى التطرف وكراهية الآخرين ومعتقداتهم... فاعلم أن هذا الفكر الذي يصدره لك، لم يستورده إلا من مخازن الأمن!
لو رأيت ناشطاً، يتحدث بتطرف عن أشرف القضايا، ويدافع عن الإنسانية، والمظلومين، والمستضعفين، وانت تعرف بأنه نصاب وحرامي كبير، يبيع ويشتري حتى أهله من أجل المال، والكرسي النيابي... فاعلم انه مازال مخبراً، أو ارتقى واصبح من كبار المخبرين!
واعلم أن تسعين في المئة من الأسماء الوهمية، في «التويتر» و«الفيس بوك»، والتي تتحدث بكل حرية عن كل شيء، دون أدنى خوف من الملاحقة القانونية، مخبرون يغررون بالشباب، وينفذون أجندات، وهم جالسون في مكاتبهم...!
أذكر في القرن الماضي، مع بداية عملي في «الراي»، كنت جالسا في مكتب المدير وبادرني «الريس» بالسؤال، هل أنت مباحث؟ يبدو انه سألني هذا السؤال وهو يتساءل مع نفسه، إما أن يكون هذا الجالس أمامه «مو صاحي، وبايعها» وإما أن يكون مباحثياً، فلا أحد يعمل ويكتب في الصحافة دون أن يستفيد من موقعه في العلاقات الاجتماعية، وأنا منذ اليوم الأول من الكتابة والرسم خربتها مع الجميع.... حالياً وأنا أعود بالذاكرة، «متحسف» لأني لو عملت مخبراً، لكنت الآن كاتباً برتبة لواء...!
تعليقات