متى وكيف تم إختراع الشعب اليهودي؟
عربي و دوليالمؤرخون الجدد في إسرائيل ومواجهة مع أكاذيب الحركة الصهيونية
يونيو 22, 2008, منتصف الليل 466 مشاهدات 0
مازالت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة، تطارد الكتاب الجديد الذي صدر مؤخرا لبروفيسور شلومو زاند، وهو كتاب على قدر كبير من الأهمية والعمق، يدحض من خلاله العديد من المزاعم الإسرائيلية، وينتقد الكثير من الثوابت التي تعتمد على أساطير يهودية تم تحويلها إلى حقيقية أقرب إلى الخيال، وعلى أساسها يتشبث اليهود بما يعتبرونه حقا لهم. والكتاب يحمل اسم ( متى وكيف تم إختراع الشعب اليهودي ) ويعتبر محاولة لضرب الثوابت حتى المقدس منها بالنسبة لليهود، حيث يتنقل بين أزمنة مختلفه في التاريخ اليهودي، في محاولة منه
لإثبات أن معظم تلك الثوابت ما هي سوى خرافات بلا أساس، وكيف أن الذاكرة الجماعية لليهود مليئة بالأكاذيب التاريخية، التي أرادت فقط أن تحقق مصالح خاصة. ينقسم الكتاب إلى ستة أجزاء، مقدمة قصيرة يستعرض خلالها المؤلف ما وصفه بالظلم الذي تسبب في وجود دولة إسرائيل، والجزء الأول الذي يتحدث عن نظرة المؤلف لقضية القومية التي تعتمد على نظرية ( الجالية الافتراضية ) التي وضعها بندكيت أندرسون. كما يضم ثلاثة أجزاء يخصصها المؤلف للحديث عن الأساطير والحقائق في تاريخ الشعب اليهودي، وجزء أخير يتحدث فيه المؤلف عن مصطلح دولة يهودية ديمقراطية، ويعتبره أمرا غير معقول.
والكتاب ليس من هذا النوع المستقى من خيال كاتبه، ولكنه دراسة أكاديمية متعمقة. من جانب آخر تم اتهام الكتاب من قبل منظمات يهودية ووسائل إعلام بأنه عار من الصحة، وأنه يحمل هدفا متطرفا، أراد الكاتب الذي ينتمي لجيل المؤرخين الجدد، أن يوصله من قبل حتى أن يبدأ في تأليف الكتاب. كما تم اتهامه بأنه تجاهل أبحاث ودراسات سابقة بزعم أن تلك الأبحاث وضعت بواسطة خبراء ومؤرخين منحازين لليهود، أو مؤرخين يهود. وأنه في المقابل اختار بعض الأبحاث التي تؤيد نظريته، وهي أبحاث تعتبر غير دقيقة طبقا للاتهامات الموجهه ضد شلومو زاند. من جانب آخر يشكك الكتاب في أبحاث سابقة لبعض المؤرخين ومنهم ( هاينريخ جريتس، شمعون دوفيندوف، يتسحاق بعار، موشي هيس، بن تسيون دينور، شالوم بارون )، وهي أسماء تعود طبقا للكتاب إلى شخصيات شكلت الذاكرة اليهودية الخياليه، وذاكرة الوطن القومي على أسس أسطوريه.
ويعتبر شلومو أن اليهود لم يكونوا على الإطلاق شعب، ولكنهم كانوا مجموعات دينية منتشرة في العديد من الدول. ويعتبر أن مصطلح القومية يعتبر مصطلحا حديثا وجد في أوروبا في القرن الثامن عشر، ولم يكن لليهود نزعة قومية في العصور القديمة، وهو الرأي الذي يوافق رأي مؤرخين كبار أمثال أرنست جلنر. غير انه يناقض أراء أخرى ليست بالساذجة، مثل التي نادى بها أنتوني دي سميث، وأدريان هستنجس، حيث يؤكدان أن القومية فكرة قديمة، قامت عليها حضارات مثل الفارسية، اليونانية. كما بنيت عليها قوميات مثل الأرمينية، ولكنهم يمررون بينها اليهودية بشكل متعمد، لما لديهم من اتجاهات سياسية. ويزعمان أن اليهودية كقومية هي النموذج الأقرب للقوميات التي أنشأت في العصر الحديث. غير أن شلومو زاند يدحض جميع النظريات في هذا الشأن. ومن ضمن القضايا محل الخلاف، هو نفي شلومو للعلاقة بين اليهود الأشكناز، وبين اليهود السفاراديم، الأمر الذي يعني ضرب الكثير من النظريات في مقتل، حيث يؤكد شلومو أن أصول اليهود السفارديم هو القبائل البربرية الإفريقية التي تهودت، والتي احتلت أسبانيا في القرن السابع الميلادي. وأن تلك القبائل كانت سوداء البشرة، ويتجهال المزاعم التي تقول أن آلاف اليهود عاشوا في أسبانيا قبل القرن السابع الميلادي.
والمفاجئة أن بروفيسور شلومو يزعم أن اليهود الأصليين كديانة، هم الفلسطينيين كموطن، أي الذين سكنوا الأرض الفلسطينية عبر التاريخ. وقد واجهت تلك النظرية العديد من الانتقادات منها أن الفلسطينيين في العصر الحديث هم خليط من المهاجرين من دول عربية مجاورة. من جانب آخر يعتبر بروفيسور شلومو زاند أحد المحاضرين البارزين في كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، وحاليا يعمل كمحاضر تاريخ حديث في جامعة تل أبيب. وقد ألف العديد من الكتب التي ترجمت للعديد من اللغات، ومنها كتاب ( المفكر، الحقيقة، القوة ) عام 2000، وكتاب ( السينما كتاريخ ) عام 2002، وكتاب ( المؤرخ، الوقت والخيال ) عام 2004.
والكتاب الأخير الذي يحمل اسم (متى وكيف تم إختراع الشعب اليهودي ) يتتبع حياة اليهود كمجموعة دينية منذ الخروج من مصر، حتى اليوم، وكيف أن النزعة الصهيونية حاولت اختراع فكرة القومية اليهودية، والتي لم تكن موجوده قبل ذلك. ويؤكد أن اليهود اعتمدوا على أساطير العهد القديم، والعديد من الكتابات المسيحية من فترة التمرد الأعظم ضد الرومان ( 66 حتى 73 ميلادية )، قبل ستين عاما من ( تمرد بركوخافا )ومن خلال تلك الأساطير صدق اليهود أنفسهم واخترعوا قومية لم تكن لهم من قبل. ويؤكد أن اليهودية كانت حضارة دينية، ولم تكن تمثل شعب محدد، وأن من قام بطرح المزاعم بأن اليهودية تمثل قومية لشعب خاص يمتلك أرض فلسطين تاريخيا، هي الحركة الصهيونية نفسها، وأن الأمر عار من الصحة، فيهود اليمن على سبيل المثال جاؤا من حضارة حيمر، ويهود شمال إفريقيا وإسبانيا من البربر، فما الذي يجعل من حقهم أن يزعمون أن أرضا واحدة تجمعهم، ولماذا لا يزعم البوذيون مثلا أن لهم قومية واحدة وأرض تجمعهم.
تعليقات