القطيعة بين مصر وتركيا لا مبرر لها.. بنظر شملان العيسى
زاوية الكتابكتب سبتمبر 8, 2013, 11:42 م 549 مشاهدات 0
الوطن
ملتقطات / الخلاف المصري – التركي
د. شملان يوسف العيسى
استمرار التوتر والقطيعة بين مصر وتركيا في هذه المرحلة لا مبرر ولا معنى له خصوصاً وأن الاستعدادات الدولية لضرب سورية من قبل دول التحالف الغربي تتطلب توحيد المواقف والرؤى بين الدولتين، فقد بادرت تركيا بإعادة سفيرها للقاهرة بعد أن تم سحبه، في 15 أغسطس الماضي.. لكن القاهرة أعلنت بأنها لن تعيد سفيرها في أنقرة في الوقت الحالي بالتزامن مع إعلان تركيا عن عودة سفيرها إلى القاهرة واشترطت مصر وقف التصريحات والمواقف العدائية التركية وتدخل تركيا في الشأن المصري.
الخلاف بين البلدين نشب بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي وقد وجه رئيس الوزراء التركي انتقادات للقيادة المصرية بمن فيهم شيخ الأزهر، من المفارقات الغريبة أن تركيا كانت من أوائل الدول التي دعت إلى أن يسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة تأتي عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة وقد دعمت تركيا المطالب المشروعة للشعب المصري الداعي لتحقيق الديموقراطية والحريات.. السؤال: لماذا غضب الأتراك بعد تحرك الشعب والجيش المصري يوم 30 يونيو وتم تقليص نفوذ الإخوان المسلمين وإقصاؤهم من الحكم؟. هل كانت تأمل بنقل النموذج التركي إلى مصر أن صدمة الحكومة التركية تجاه التغيرات التي قام بها الشعب والجيش أقوى من أن تتحملها القيادة التركية؟
حزب العدالة والتنمية التركي كان يأمل أن ينقل النموذج التركي في التحول الديموقراطي إلى مصر لأنهم كانوا يتصورون بأن نموذجهم هو الذي يجب الاحتذاء به في مصر وغيرها من البلاد العربية التي يحكمها الإخوان المسلمون بعد ثورات الربيع العربي، لقد غاب عن ذهن القيادة التركية بأن النموذج العلماني التركي لا يمكن نقله إلى مصر في المرحلة الانتقالية لأنه يتطلب وجود دستور علماني وجيش قوي يحمي العلمانية، فالتجربة العلمانية التركية كانت قاسية في مرحلتها الأولى وقد ساعد في نجاحها التجربة التاريخية لتركيا وشخصية أتاتورك وحماية الجيش للعلمانية، كما أن طبيعة الإسلام في تركيا المتأثر بالتجربة الصوفية المتسامحة والمعتدلة والوسطية.
وقد نجح حزب العدالة والتنمية في تركيا في الانتخابات ليس لأنه إسلامي فقط بل إن نموذج أردوغان مع أتباعه نجح في تحرير الاقتصاد التركي وتمكين رجال الأعمال المحافظين من البروز، فالنموذج الإسلامي في تركيا أكثر مدنية من الإخوان المسلمين في مصر، كما أن النموذج التركي لا يهدف إلى إقامة الشريعة الإسلامية وتغيير الدستور.
لقد اخطأ أردوغان عندما تعامل مع مصر الدولة والشعب من منظور الإخوان المسلمين فقط وهم جماعة حزبية دينية منغلقة على نفسها ولا يمثلون القطاع الكبير للشعب المصري.
يردد الإخوان المسلمون في مصر وأتباعهم في الوطن العربي مقولة بأنهم وصلوا للسلطة عن طريق الانتخابات ونسوا أن الديموقراطية لا تختصر بصناديق الاقتراع وحدها وهذه هي المشكلة مع الحالة المصرية، فالإخوان المسلمون اعتبروا بأن ذلك هو النموذج الناجح، فالأكثرية العددية في صندوق الاقتراع هي التي تحكم حكم حزب معين في مرحلة معينة لا تعني الشرعية الديموقراطية، فالديموقراطية تتطلب لنجاحها الاهتمام بالأقليات وعدم اقصاء أحد وحكم القانون والالتزام بحقوق الإنسان والأهم من كل ذلك الاهتمام بالحريات وعدم مصادرتها.
لا يوجد أي مبرر عقلاني للتصعيد الإعلامي والسياسي بين البلدين، فمصالح تركيا في المنطقة كبيرة ومتعددة ومتنوعة، على دول الخليج العربية أن تبادر في إصلاح العلاقات بين البلدين لأن تركيا تلعب دورا رئيسيا في استضافة اللاجئين السوريين، كما أن لها دورا متميزا في دعم القضية الفلسطينية، كما أن لتركيا دورا في كبح طموحات الثورة الإيرانية في المنطقة.
تعليقات