ماذا لو انتصرت المعارضة سنة 1938؟!.. سؤال يطرحه ويجيب عنه الجاسم

زاوية الكتاب

كتب 1252 مشاهدات 0


الوطن

ماذا لو انتصرت المعارضة سنة 1938؟

وليد جاسم الجاسم

 

«ماذا لو كانت المعارضة (1938) قد انتصرت؟؟.. لكنا الآن بلا شك جزءاً من الجمهورية العراقية»!!
صدمة بالغة تعتري من يصل هذه الجملة في الصفحة قبل الأخيرة من الكتيب الذي أصدره المحامي والزميل محمد صالح السبتي ويحمل عنوان (الغوغائية.. بين مقتل عثمان.. والفتنة في هذا الزمان).
فكرة الكتيب تقوم على استعراض أسوأ فتنة إسلامية مرت على المسلمين والتي آثارها مازالت تسيطر على مجريات حياتهم اليومية، وتناقش يومياً ضمن الصراعات الفكرية والمذهبية التي يأخذ بعضها حتى اليوم الطابع المسلح!
الزميل السبتي لا يطعن في نوايا المعارضة ورجالاتها، ولا يشكك في ذممهم، إنما يؤكد أن الإنسان يؤتى من جهتين إما فساد شهوة، وإما فساد شبهة. وبالتالي قد تجد أفراداً في قمة الصلاح السلوكي لكنهم مصابون بمرض عضال في فكرهم.. مرض ينتج عنه هلاكهم.
ومن هنا ينطلق الزميل السبتي إلى تأكيد فساد الفكر الذي تتبعه المعارضة وفساد الأساليب التي تنتهجها لبلوغ أهداف مشروعة وإيجابية مثل (الإصلاح).
لكنه يؤكد أن الرغبة في الإصلاح لا تعني إعفاء أصحابها من أي عقاب أو لوم أو تخطيء، كما أن مجرد الادعاء بالإصلاح لا يكفي أبداً لإثبات الإصلاح، متسائلا.. كم من مدعٍ للإصلاح أخطأ طريقه وانحدر في مواقع الهلاك. ومحذراً من الاستهانة بضرورة الاستقرار ومن منهج التلبيس على العامة واستخدام الطرق الغوغائية لإصلاح الاعوجاج.
يؤكد الزميل أيضاً من القرآن الكريم ان الايمان لا يكفي للاعفاء من التبعات، ويشير هنا الى الآية الكريمة التي يقول فيها الله عز وجل {وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}.
ويستدل هنا على ان الفريقين كلاهما مؤمن لكن الايمان لا يعني انه ليس باغياً، ولهذا أمرنا بقتال الفريق الباغي المؤمن.
وبعد استعراض تاريخي مختصر منذ عهد الفتنة الكبرى لسيدنا عثمان بن عفان مؤكداً أن المعني بهذا العصر هو تشابه أحوال الناقمين مع أحوال كثير من مدعي الإصلاح هذه الأيام، ثم استعراض لما تلا ذلك العصر من عصور وما مر على تلك العصور من فرق تدعي الاصلاح لكن ممارساتها كانت إرهابية أحيانا. حتى يصل الزميل السبتي إلى مجلس 1938، ويتناول بعض الأحداث والجمل والكلمات من منظور رجالات المعارضة في ذلك الزمان ويربط بين استخداماتهم واستخدامات ما سبق من فرق في التاريخ لمفردات واساليب في سبيل بلوغ الاهداف.. لكنه يتساءل: هل كانت الأساليب صحيحة؟ وماذا لو نجحت المعارضة الكويتية في سنة 1938؟، ويجيب: لكنا الآن بلا شك جزءاً من الجمهورية العراقية.
ويلاحظ كيف ان سبيل المعارضة آنذاك كان يجر البلاد إلى حرب اهلية أو الى ضم الكويت للعراق وانها كانت معارضة تفتقد الى النضج اللازم واستعانت بالعراق (حسب رسائل المعارضة نفسها) وخاطبت عدة مسؤولين في العراق مثل الملك ووزراء الداخلية والدفاع والمالية واذاعة الزهور طالبين من العراق التدخل لصالح المعارضة الكويتية ضد «القمع والارهاب» الذي يتهمون به النظام الحاكم والأمير آنذاك المغفور له بإذن الله الشيخ احمد الجابر الذي كان ايضا يصر على الإقرار بوقوع الكويت تحت الحماية البريطانية التي يرفض رجال المعارضة الاعتراف بها، وفي المقابل هناك بعض البرقيات الحماسية التي تذاع في إذاعة الزهور تستصرخ «الملك الفتى» ليأمر الجيش العراقي بالزحف على الكويت لضمها.
اوضح السبتي ايضا كيف خاطبهم المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله السالم عندما عاتبهم على الحملة الصحفية في الصحف العراقية واستنكر ارسال البرقيات المهيجة الى اذاعة قصر الزهور، وقال لهم (نحن كويتيون يجب علينا ان نحصر جهادنا في حدود وطننا لا ان نلتجئ الى دولة اجنبية).
ثم أشار الزميل السبتي الى رعونة مارستها المعارضة ادت الى قطع كل امل في الوصول الى حل، وذلك عندما وجهوا الى الامير خطابا ينزع عنه حق اجراء اي قانون او معاهدة او اتفاق او تنازل بعد الحادي عشر من شهر جمادى الاولى 1357هجرية، فكان رده حل المجلس.
وأشار السبتي أيضاً الى التشابه الكبير في طريقة ومنهج المعارضة اليوم وفي الامس من تضخيم للامور وسوء تصوير للأوضاع وكأننا نعيش في دولة قمعية الى حد الانفجار، كما لاحظ تشابه المفردات بين الماضي والحاضر مثل كلمات (قمع، تكبيل حريات، ظلم، طغيان، اصرار، فوضى الاحكام، الانفراد بالسلطة). وقارن ايضا (سوء خطابهم) مع امير البلاد مقابل (تلطفهم الكبير) مع غيره، ناهيك عن الاستقواء بالخارج الذي كان مع العراق قديماً ولكنه اخذ صورة المنظمات الخارجية والصحف الخارجية في العصر الحديث.
ثم يختم بالقول.. ان المقصود كله (من هذا الكتيب) ايضاح اثر اللبس في بعض المفاهيم كمفاهيم الحرية والرغبة في الاصلاح ووجوب تحرير معنى هذه المفاهيم وخطورة عدم تحرير معانيها، ويسأل الله ان يكون في هذه الورقات ما يفتح به على شبابنا ويجنبهم الشبهات.
أخيرا.. لا نجزم ان كل ما ورد صحيح في هذا الكتيب، ولا نجزم انه كله خطأ، والاكيد انه كتيب يستحق القراءة.. واتمنى من الجميع قراءته بروح حرة من اي توجه مسبق، ومن اي فكرة مسبقة.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك