معاناة البدون بين الواقع والخيال !

محليات وبرلمان

أسر تسكن فوق السطح، ومرضى عاجزون عن تكاليف العلاج

10933 مشاهدات 0

أسر فوق السطح

• شباب رواتبهم لا تتجاوز 250 دينار والإيجارات وصلت الى 400 دينار !

• مصاريف الشباب الشهرية من خمسة الى عشرة دنانير

• حالات مرضية تكاليف علاجها يصل الى 900 دينار والوضع الى الأسوأ

تكلمنا كثيرا وتكلم غيرنا عن مأساة البدون وما يعانونه من ظلم في تعامل الدولة معهم، المشاكل تتراكم عليهم والأجيال تتعاقب وليس هناك بصيص أمل ومجرد وعود ، أسر تعاني من ضعف المدخول المادي ولا تستطيع دفع قيمة الإيجار ناهيك عن حرمانهم من حقوقهم الاجتماعية والصحية والتعليمية أمر يستحق الوقوف من الجميع لاسيما وأنه إنسانيا وشرعيا من الدرجة الأولى ،

جالت في بعض منازل أسر البدون والتقت عددا منهم ووجدت معاناة لا يصدقها العاقل عوائل كريمة وعفيفة وأبناء قبائل معروفة ، يسكنون فوق السطوح بسبب عدم المقدرة على دفع الايجار ، وأسر تعاني حالات مرضية تصل تكلفة العلاج الى 900 دينار وبسبب الظروف المعيشية القاسية لا يستطيعون توفير تكاليف العلاج ويصارعون قسوة المرض  .

التقت مجموعة من الشباب البدون وسردوا معاناتهم التي أتضح أنهم يعملون في الاسواق والشركات ورواتبهم لا تتجاوز 250 دينار وفور استلامه يدفع للإيجار، والمبلغ المتبقي يتم شراء به مواد غذائية أو يتم توزيع لكل فرد من اخوتهم خمسة دنانير ، وفيما يلي تفاصيل اللقاءات.

 بداية قال حسن العنزي ، وهو شاب في  38 عاما من البدون أنه يشعر بالغبن داخل البلد الذي ولد على أرضه وترعرع وسط أهله ورضع حبه منذ طفولته ، لأنه لا يعترف به كمواطن.

وسرد العنزي  معاناته قائلا أنه يعمل بالسوق منذ الصغر وعمره 16 سنة ويعيل اسرة مكونة من خمس افراد 3 فتيات وشاب ووالدته وراتبه يبلغ 180 دينار وعمله منذ الساعة الثامنة  صباحا الى الواحدة ظهرا ومن الثالثة عصرا الى 11 مساء ، وبسبب ضعف راتبه الى ألآن غير قادر على الزواج بسبب المدخول المادي.

وقال العنزي أن إيجار المنزل يبلغ 150 دينار والقيمة المتبقية 30 دينار يقوم بشراء مواد غذائية ولا يستطيع توزيع أي أموال على اخوته ، مشيرا الى أن توفير  الملابس  وغيرها من الأمور المعيشية تكون من أهل الخير فهم لا يقصرون.

وأكمل العنزي قائلا ان والدته مصابة بمرض هشاشة العظام والروماتيزم وتتقاضى حقن بالشهر تبلغ 800 دينار لا يستطيع توفيرها وإعانة المرضى تساهم في توفير العلاج ولكن ليس بشكل مستمر ، لافتا الى أنه يتوجه الى اللجان الخيرية في الكويت فعلى سبيل المثال اللجان في منطقة الجهراء تساهم بمساعدتهم سنويا مقابل مبلغ مادي يصل الى 50 دينار فقط وبعض الأحيان لا تتم المساعدة اما اللجان التي هي خارج منطقة الجهراء ترفض المساعدة بحجة أن مسكنه في الجهراء وهناك لجان مسؤولة في المنطقة عن الأسر المحتاجة ، كما أن بيت الزكاة يساعدهم كل ثلاث أشهر مرة واحدة .

وتابع قائلا أنه مدان لأكثر من شخص يمتلك عقار وذلك بسبب تأخره عن دفع القيمة الإجار بسبب سوء المعيشة ، مناشدا القلوب الرحيمة والمسؤولين التدخل السريع لإنهاء معاناة البدون فإذا استمر الوضع كما هو عليه فستحدث كوارث انسانية غير متوقعة.

معاناة رب أسرة

والى معاناة جديدة مع عائلة يوسف البدري متزوج ولديه تسع من الابناء  6 من الاناث و3 من الشباب ، وهو عاطل عن العمل بسبب انه مصاب بمرض القلب فقلبه يعمل على بطارية أبنه الأكبر يعمل في محل تلفونات يتقاضى راتب 200 دينار والإيجار الشهري يبلغ 180 دينار ويعانون من صعوبة المعيشة . 

وسرد البدري معاناته قائلا أن لديه اربع فتيات متزوجات والبقية معه في  المنزل وراتب أبنه لا يفي بالغرض وتغطية حاجات المنزل ولكن أهل الخير لا يقصرون في تقديم المساعدات لهم من ملبس ومواد غذائية وغيرها ، وعن كيفية تقديم مصروف لأبنائه قال انه لا يستطيع تقديم أي مبالغ لهم فالعشرون دينار الزائدة من الراتب يشترون فيها مواد غذائية .

وأكمل البدري قائلا أنه بسبب الظروف القاسية تمر ايام لا يجيدون قوت يومهم بسبب الظروف المعيشية الصعبة ، مشيرا الى أن احد بناته عملت في أحد الأسواق 'بائعة' لمساعدة أخيها في توفير المصروف وكان راتبها 140 دينار وفور استلامها المعاش تقوم بتوزيعه على أخوتها عشرة دنانير لكل فرد وأعتقد الجميع يعلم بأنه في الوقت الحالي العشرة دنانير لا تكفي لنصف يوم في ظل الغلاء المعيشي التي تشهده دول العالم بشكل عام .

وأضاف أن وزارة الشؤون اثناء جولة تفتيشية في السوق وجهوا لابنتي مخالفة دون سبب وطالبوها بعدم المجيء الى الدوام مرة ثانية بسبب أنها لا تمتلك بطاقة من 'اللجنة المركزية للبدون'

وأوضح انه قام باقتراض مبلغ من المال من أجل العمل في تجارة بيع الخضرة والأمور تيسرت الى الأحسن ولكن البلدية كانت تشن حملات تفتيشية مفاجئة بشكل يومي الى حين صادروا بضاعته بالكامل ، وحاليا أنا مدان لمبالغ مالية كبيرة لأشخاص وملزم باسترجاع المبالغ .

وقال أن ابناءه الشباب صغار في السن وأعمارهم لا تتعدى 13 عاما ولا توجد أي جهة عمل توافق على منحهم فرصة عمل بسبب صغر سنهم ، كما أكد انه يتوجه الى اللجان الخيرية بشكل مستمر بحثا عن المساعدة ولكن دون جدوى وفقط من يساعدون لجان المنطقة وليس بشكل مستمر بل كل عام مرة واحدة .

حالات مرضية

والى أسرة عبدالله الخالد ومعاناة مرضية وظروف قاسية عبدالله أب لتسعة أبناء اثنان فتيات والبقية شباب يعاني من مرض السكري والرئة والتهابات بالمخ وشرايين الصدر لا يجيد القراءة والكتابة وزوجته تعاني من آلام مزمنة في الظهر ولا تستطيع الحركة إيجار منزلهم يبغ 260 دينار ، أبنه الأكبر كان يعمل مندوب في أحد الشركات براتب 220 دينار وتم طرده من العمل بسبب تعرض لأمراض مزمنة أسفل الظهر وتيبس في العمود الفقري ورماتيزم مزمنة في مفاصل الجسم تمنعه من الحركة بشكل متواصل تكلفة علاجه تبلغ 900 دينار شهريا والتقارير الطبية تثبت ذلك ويمنح خصم عن طريق أحد اللجان الخيرية وتصبح الحقنه بـ400 دينار شاب في مقتبل العمر لا يستطيع العمل ، إضافة الى ذلك أنه لم يكمل دراسته بسبب أنه أراد إعانة اسرته وتقديم المصاريف لهم ودفع الايجار

وقال الخالد أن أحد ابناءه يعمل في شركة خاصة بالانترنت ويتقاضى راتب 275 دينار والعمل على فترتين صباحية ومسائية  وهو المسؤول عن دفع الايجار والقيمة المتبقية نسعى جاهدين للاقتراض بهدف شراء مواد غذائية وملبس ، مؤكدا أن أهل الخير يقدمون المعونة ولا يقصرون ولكن تمر أيام دون مأكل بسبب الظروف .

وأكمل قائلا أن أحد ابناءه عمل في أحد مراكز التسويق حارس أمن مقابل راتب 135 دينار لفترة محددة وتم انهاء خدماته بسبب أنه يعاني من ضعف في القدمين ولا يستطيع الوقوف بشكل متواصل حيث أن مهنة رجل الأمن تتطلب الوقوف 12 ساعة بشكل متواصل .

وأشار الخالد الى أن يتوجه بشكل مستمر الى اللجان الخيرية بحثا عن المساعدة فبعضها تقوم بمساعدته مقابل مبالغ مالية تترواح من 50 الى 60 دينار ويقوم بتوزيعها على أبناءه 5 دنانير لكل شاب والبقية يشتري بهم مواد غذائية ، متسائلا في ظل الغلاء المعيشي هل تكفي 5 دنانير لشاب يريد تيسير أموره .

وزاد قائلا أنه في عيد الفطر أو الاضحى لا يستطيع شراء الملابس الجديدة لأبنائه إلا ما ندر بمعنى تعتمد على مساعدات أهل الخير ، مناشدا المسؤولين وأهل الخير بالتدخل السريع لإنهاء معاناة البدون فالأوضاع بتدهور مستمر .

بيع الرقي

أما الشاب أحمد الشمري الذي لا يتجاوز عمره العشرين عاماً، والذي كان واقفاً أمام مركبته 'الوانيت' يبيع الرقي' في أحد الشوارع العامة قال انا وعائلتي نمر بظروف صعبة لا يعلم بها الا الله، وهذا ما جعلني أقوم ببيع الرقي في الشارع، حيث اننا نسكن في بيت للإيجار ووالدي كبير في السن لا يستطيع العمل وأنا المُعيل الوحيد في هذه العائلة، مشيراً الى انه في السابق كان والدي يعمل في السلك العسكري ومن ثم تم تسريحه من عمله وطرده من البيت الشعبي الذي نسكن به، ما سبب لوالدي التعب والمرض.

وأضاف اننا لا نستطيع مقاومة الشمس ظهيرة الصيف الحارقة ولكن لا يوجد عمل نستطيع من خلاله ان نوفر لقمة العيش، مضيفاً ان هذا العمل شريف (بيع الرقي)، في الشارع، ولكنها مخالفة بسبب منع البيع في الشارع ولكن ماذا يعمل الشخص اذا كان العمل للبدون غير متوافر والبيع في الشارع والكد على سيارة تاكسي ممنوع ماذا نعمل.

وتساءل إذا كانت كل هذه الأعمال الشريفة ممنوعة فما الوسيلة التي نستطيع أن نعيش بها، ونوفر لقمة العيش لنا ولعوائلنا ، لافتاً إلى أن معاملة البدون في الكويت صعبة وقاسية ولابد أن يعرف المسؤولون في الحكومة بأننا من ابناء عوائل ولا نسمح لأنفسنا أن نلجأ الى الحرام والسرقات حتى نعيش، وإنما نريد لقمة الحلال ونبحث عنها أينما كانت.

وقال أن عدد افراد اسرته 8 مع والديه ومن خلال بيع الرقي يقوم بإعطائهم مصروف شهري عشرة دنانير لكل شخص ودفع قيمة الايجار الذي يبلغ 200 دينار ، متسائلا هل عشرة دنانير كافية لمدة شهر لأي فرد في المجتمع .

10 أشخاص في بيت شعبي

بدوره قال طعمه الشمري  أسكن في منزل شعبي مع أسرتي المكونة من 10 أشخاص في حين عدد الغرف في المنزل الشعبي لا تتجاوز خمس غرف، وهذا يتسبب لنا بضيق في المنزل وعدم اتساعه لنا ، مضيفا ان هذا حال جميع غير محددي الجنسية 'البدون' الذين يقطنون في منطقتي تيماء والصليبية حيث يعيشون معاناة يومية في ضيق المنازل بهم علاوة على إنتهاء عمر هذه المنازل وباتت متهالكة جدا وتحتاج لترميم وصيانة .

وأردف الشمري إن الذين يسكنون في بيوت شعبية هم أفضل حالا من غيرهم من 'البدون' فهناك أسر تتكون من 8 أفراد و10 أفراد تعيش في شقق للإيجار لا تتعدى عدد الغرف فيها 3 غرف أو أربعة، وهذا يجعلهم يعيشون معاناة يومية في الجلوس والنوم في هذه الغرف .

ايجار 600 دينار

الى ذلك أكد رب الأسرة بندر الناصر قائلا ' إن المعاناة الأولى التي يعشيها فئة غير محددي الجنسية 'البدون' هي الحصول على سكن ملائم، فإذا أراد أحدهم تأجير منزل أو شقة واسعة وكافية لجميع أفراد عائلته فهو بحاجة لمبلغ لا يقل عن 600 دينار كويتي شهريا ليسدد أجار هذا المنزل أو الشقة، ولذلك نجد العديد من البدون يسكنون في شقق وعمارات متهالكة وقديمة لأنها تكون أرخص بكثير في قيمة الإيجار .

وتساءل الناصر كيف يمكن لرب أسرة أن يسدد مبلغ 600 دينار شهريا لتأجير منزل واسع ومريح بالنسبة لعائلته؟ ، مؤكدا  لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك لأنه لن يكون قادرا على توفير مبلغ 600 دينار آخر ليعيش فيه مع أبنائه في سد قوت يومهم وحاجاتهم من مأكل وملبس.

وذكر الناصر بشكل عام إن أجار الشقق مرتفع جدا، حيث يبلغ أجار الشقة الواحدة المكونة من ثلاث غرف وصالة مع دورة مياه ومطبخ 250 دينار شهريا على الأقل وهذا خارج عن قدرة الشباب البدون على دفع الايجار لاسيما ,ان راتبه لا يتجاوز كحد أقصى 250 دينار ، مؤكدا أن لديه من الابناء 5 ولا يعملون بسبب ان بعض الشركات ترفض تعيينهم .

وقال الناصر أن أحد ابناء يعمل في شركة تأمين للسيارات  وراتبه 225 دينار ويقوم بتوزيع راتبه على اخوته مقابل 15 دينار لكل شخص وهذا المبلغ لا يكفي لقضاء حاجيات الفرد بشكل يومي ، أما بخصوص دفع الايجار فأكد الناصر أنه يساعد أبنه فهو يعمل طباع في أحد الشركات المعنية في طباعة نماذج الاقامات وغيرها .

الآن - تقرير: وليد العبدالله

تعليقات

اكتب تعليقك