اجتثاث الإخوان!.. بقلم مبارك الدويلة
زاوية الكتابكتب أغسطس 25, 2013, 12:45 ص 1944 مشاهدات 0
القبس
حصاد السنين / اجتثاث الإخوان
مبارك فهد الدويلة
أتفهم اختلاف الكثير من الناس مع الاخوان المسلمين، وأستوعب رغبة بعضهم لمشاهدة الاخوان يفشلون في كل انتخابات، وأعرف جيدا ان بعض البشر يفجر في خصومته معهم، ويشوه سمعتهم، ويفتري عليهم من أجل إبعاد الناس عنهم وعن منهجهم، كل هذا اتفهمه واستوعبه واعرفه، لكن الذي يقلقني حقيقة وأعجز عن تقبله هو رغبة بعضهم هذه الأيام في «اجتثاث الاخوان» من المجتمع بكل مؤسساته، هكذا بكل صراحة! اجتثاث! يعني «قطعه من عرجه». وهي مع الأسف دعوة بدأها شخص ساقط سلوكيًّا وفكريًّا ومهنيًّا، وتم طرده مؤخراً من عمله لانه أصبح كالمتاع يباع ويشترى! واليوم يطالب معظم أهل الخليج بالتوقيع على هذه الوثيقة التي يدعو فيها الى فصل كل منتم إلى الاخوان من عمله! وإحالته إلى المحكمة بتهمة الارهاب! بل ومعاقبة كل من يؤيدهم في افكارهم وطروحاتهم، واغلاق مؤسسات المجتمع المدني التابعة لهم او لمؤيديهم، وكذلك جميع اللجان «اللاخيرية..»! هكذا! وحرمان شركاتهم من المناقصات الحكومية وقطع جميع اشكال التواصل الاعلامي معهم... الخ!
أنا حقيقة ما همتني الوثيقة ولا العدد الذي وقع عليها من عموم أهل الخليج (يدعون أن العدد وصل إلى خمسة وعشرين ألفاً)! لكن الذي يقلقني حقيقة هو فكر الاقصاء الذي انتشر مؤخراًَ في البلاد العربية، والذي كان خصوم الاخوان يتهمونهم به زوراً وبهتاناً، ثم هم اليوم يطبقونه عليهم ويقصونهم فعلاً كما هو الحال مع سلطة الانقلاب في مصر، أو يطالبون باقصائهم كما هي حال الوثيقة الخليجية! وبالمقابل، فقد انتشر فكر الاخوان في الأسابيع الماضية بشكل غير مسبوق، رغم ما يتعرضون إليه من تنكيل ومطاردة في مصر! وها هي كتب سيد قطب ومذكرات الإمام حسن البنا تتداول بشكل كبير بين النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، بل هاهم خصوم الأمس يثنون اليوم على الاخوان، لأن الأيام كشفت لهم نقاء معدنهم وحقيقة معتقدهم.
إن أكثر ما حز في نفسي هو هذا السقوط المروع لبعض المشايخ والعلماء الذين احرجتهم بعض الأنظمة الحاكمة وزجت بهم في المعركة السياسية لتأييدها من دون أي اعتبار لما سيؤول اليه حالهم بين الناس وسخط الأمة عليهم واتهامهم بانهم أصبحوا عبدة الدرهم والدينار، حتى قال بعض المفكرين إن ما يحدث ما هو الا تنقية لجسد الأمة من الخبَث! وأخوف ما اخافه ان نظرة الناس التي تغيرت عن مشايخ كانوا سابقا من المحبوبين شعبيا تتغير عن الأنظمة الخليجية التي ما زلنا نعتقد جازمين ان بقاءها ضرورة حتمية لاستقرار المنطقة، وانتشار الدعوة الى الله تعالى، الا ان التصرفات الغريبة لبعض هذه الأنظمة في دعم انظمة تسلطية على حساب رفاهية شعوبها وثرواتهم يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا من تقلبات الزمان! ولعل من نافلة القول ان أبين ان السقوط المروع لم يكن لبعض المشايخ فقط، بل كما ذكرت في مقالات سابقة ان التيارات العلمانية والقومية العربية والخليجية هي ايضا سقطت سقوطا مروعا بقبولها الانقلاب العسكري كبديل لحكم مدني ديموقراطي، ورضاها به كوسيلة للتغيير بل وتحالفها في مصر مع الكنيسة لدعم هذا الانقلاب، وعندنا بالخليج تحالف الجامية مع الشيعة في تأييد من خرج على الحاكم الشرعي! وأقول لمن يحقد على الاخوان لا يكن كرهك لهم يجعلك تؤيد سياسة القتل التي تتم وفقا للهوية كما يحدث في مصر اليوم! او تسكت ولا تستنكر طريقة فض الاعتصام في رابعة والنهضة والتي اسفرت عن قتل وحرق الآلاف من المسالمين العزل! ولعل ما نشرته وسائل الاتصال من طريقة تعامل العسكر مع النساء والأطفال، بل مع الجثث، امر كاف للاستنكار ولو بكلمة! لا تجعل كرهك للاخوان يعمي بصرك وبصيرتك، لاحظ معي ان كل قيادات الاخوان الذين قبضوا عليهم كانوا في منازلهم وبين أهليهم وأطفالهم ولم يكونوا مسلحين ولم تطلق رصاصة واحدة في أي عملية اعتقال، والسبب انهم كانوا يدركون انه لا توجد عليهم تهمة، لانهم ما فعلوا غير الاحتجاج السلمي فلم يقتلوا ولم ينقلبوا على حاكم شرعي، ولم يغلقوا منابر خصومهم الاعلامية، بل انهم اثناء حكم الرئيس المنتخب لم يتعاملوا مع خصومهم الا بكل رقي ومهنية شهد لهم بها الجميع، كما سجلها لهم التاريخ! صحيح استطاع الاعلام المأجور ان يشوه الصورة ويغير الحقائق، لكن بالنهاية لن يصح الا الصحيح، فها هي بوادر الخلاف بدأت تظهر بين رفقاء السوء الذين تآمروا على الشرعية، وها هو الشعب الذي فوض السيسي لقتل الاخوان يعض اليوم اصابع الندم، لان العسكر بدأ يظهر بوجهه الحقيقي، فقد بدأت عسكرة الدولة (تعيين المحافظين) ورجعنا الى القبضة الأمنية التي كانت مرعبة البلاد والعباد طوال ستين سنة مضت (عودة أمن الدولة) وها هو نظام حسني مبارك يرجع للسلطة من جديد (الأحكام القضائية الأخيرة) ومع كل يوم جديد سنكتشف عودة جديدة لعهد وحياة وسلوك ما قبل 25 يناير 2011، بمعنى آخر حتى الثورة المصرية اصابها السقوط المدوي!
تعليقات