هل نحن بحاجة لمرحلة انتقالية في تحولنا للديموقراطية؟!.. المقاطع متسائلاً
زاوية الكتابكتب أغسطس 22, 2013, 12:58 ص 695 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / الدكتاتور العادل خيار الأنظمة أم شعوبها؟
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
أين أنت يا المتنبي فقد رددت قولك الشهير «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»، فكل عقارب الساعة وحركة التاريخ وحاضر الأمم والشعوب تسير باتجاه التطور والتغيير والحكم الشعبي والديموقراطية الحقيقية، وارتفعت فيها هامات الشعوب بحقوق وحريات وكرامة، فلم يعودوا أجراء وتابعين ومهرجين، بل صاروا شركاء وحاكمين ومؤثرين، وأهم من كل ذلك وأبعد منه مالكين حقيقيين للسيادة في شؤون الدولة، وعمودا فقريا لمؤسساتها، متمتعين بحقوق المواطنة الطبيعية وموفين بأعبائها والتزاماتها بقناعة ورضا. وهو ما ترسخت قيمه وسادت مفاهيمه وارتقت آلياته وشاعت ثقافته وصار ديدن الشعوب والدول المتحضرة، وقد شاهدنا كيف تحولت أوروبا الشرقية خلال أقل من ربع قرن (1990 - 2011) من شعوب خاملة تحكم بأنظمة شمولية مستبدة إلى ديموقراطيات واعية منتجة، تتباهى بثقافة التعايش واحترام الرأي الآخر والتسامح الإنساني، مؤكدة أن موروثها الثقافي حكاما وشعوبا لا يجعلها تندفع للثأر الشخصي والتخوين والاستئثار بالسلطة وإقصاء الآخر، وهو مكمن استقرارها وسر نهضتها القوية المتماسكة، فشعوبها مهما اختلفت، فالفيصل بينها هو للخيار الشعبي بانتخابات حرة نزيهة، لا لإرادة سلطة مستبدة مهيمنة، ولا لحاكم متسلط حائز للسلطة بالقوة أو بالحيلة.
أما حالة العالم العربي - إذا ما استثنينا تجارب محدودة - فإنها صارت أضحوكة للأمم والشعوب والدول، بسبب تزايد حالة الردة عن الديموقراطية وشعبية الحكم، في نماذج وأشكال يثير تعددها حقيقة مهمة هي أن التفرد والتسلط ووأد الحريات هي وجوه لعملة واحدة، بل إن تضامن الأنظمة العربية يتزايد كل يوم لتكريس الدكتاتورية والتآمر على الديموقراطية وكسر الإرادة الشعبية، وإهدار كل المعاني النبيلة لاحترام إرادة الشعوب ومنحها خياراتها والتمكين من المشاركة في الحكم والتداول الطبيعي للسلطة، مما يعني السير خلافا لحركة عقارب الساعة والتاريخ وحاضر الأمم، وهو ما ينذر بمزيد من الانتكاسات والتخلف والضعف للدول العربية، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على الأنظمة الحاكمة نفسها، سواء أدركت ذلك أم لم تدركه، وما يحزن أيضاً أن ثقافة التسامح والإيمان بالرأي الآخر تراجعت وربما تلاشت بين القوى والمجاميع والأحزاب السياسية التي صار الحيازة على السلطة بالنسبة إليها غاية بحد ذاتها، ولذا يتآمر كل منها على الآخر تحالفا مع النظام القائم وسلوك منهج التحريض والتشفي والشماتة، بل وممارسات الاقصاء للآخر، وهذا هو الآخر نذير شؤم ويشكل تهديدا لاستقرار الدول وبنائها إذا صارت ثقافة الشعوب تتربص كل فئة أو مجموعة أو حزب منها بالآخر للقضاء عليه أو إقصائه، مما يدخلنا في دوامة من المواجهات والعنف المباشر الذي لن يبقي ولا يذر. وقد ضحكت علينا الأمم مرة أخرى، إذ رأت فينا شعوبا ودولا غير مؤهلة للخيارات الديموقراطية لأننا لم ننضج لهذه المرحلة بعد! فما الخيار البديل يا ترى ؟هل نحن بحاجة الى مرحلة انتقالية في تحولنا للديموقراطية، وهل يمكن أن يكون ذلك من خلال فكرة الدكتاتور العادل الذي يضع قبضة قوية على الحكم، لكنه يشيع قيم الحرية والعدالة والمساواة وإعادة التأهيل للشعب والدولة للخروج من مواطن الفساد والترهل والانفلات القيمي الذي لحقها، وتسبب بتآكل مؤسسات الدولة، تمهيدا للتحول الديموقراطي الكامل، كما فعل فرانكو في أسبانيا؟ وهل هذا خيار مناسب للأنظمة تتولاه قبل أن تتداعى واحدا تلو الآخر، أم أنه خيار للشعوب، وعليها قبوله كونه مرحلة انتقالية، بدلا من أن تعاني الاستبداد المستمر؟
اللهم اني بلغت.
تعليقات