مقالان خليجيان متضادان حول مصر

زاوية الكتاب

مدير العرب يرد على مدير العربية : المنطق القطري لا يقبل سفك الدماء

كتب 1675 مشاهدات 0

العذبة والراشد

«الراشد» لا يفهم!

عبدالله بن حمد العذبة

العرب القطرية

يعرف القراء والمتابعون أن قطر تختلف أيديولوجياً واقتصادياً عن الشقيقة الكبيرة مصر، أي أن عبدالرحمن «الراشد» لم يأتِ بجديد أمس الأول في مقاله بـ «الشرق الأوسط» الخضراء ليُغيّب اللون الأخضر ويستبدله بلون الدم «الليبرالي» الأحمر في أعين الكثير من القراء العرب بدعمه القتل في هذا المقال.
 لقد كتب «الراشد» شاكياً من صعوبة يواجهها في فهم منطق الدوحة السياسي؛ وأنا أفهم أنه لا يفهم المنطق القطري الذي لا يقبل الرقص على سفك دماء الأطفال والنساء بدون ذنب، نتيجة للانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال السيسي، ويبدو لي أن «الراشد» مُدير قناة «العربية» يفهم ويتفهم إصرار جنرالات حكم العسكر في مصر على تحويل الانقلاب العسكري من ناعم إلى دموي في مجزرة الحرس الجمهوري، ثم في مجزرة فض الاعتصام التي أحرجت البوب «الليبرالي» د. محمد البرادعي، فاضطر بدوره إلى القفز من مركب حكم دموي يغرق.. لكنه وهو «الراشد» -الكاتب الليبرالي التنويري العتيد- لا يريد أن يتطرق لأسباب استقالة البرادعي؛ ولعل سبب ذلك عدم قدرة «الراشد» القول إن «البوب» اضطر للاستقالة دعماً لما يسميه «الراشد» «إجبار الجيش والقوى السياسية على تبني المطالب الإخوانية».
 إن الليبرالي «الراشد» لا يستوعب ولا يفهم سياسة قطر التي ترفض إبادة الشعب المصري، ولا أفهم إن كانت قيمه «الليبرالية» السمحة تتفهم قتل الأطفال والنساء في مصر، لأن القيم الليبرالية الغربية لا تقبل ذلك، ويزعم «الراشد» أن السياسة القطرية لم تنجح على مدى 20 سنة، وهذا أمرٌ يجانب الصواب، فالكل يعرف ما هو موقع قطر الاقتصادي والسياسي، وما مدى تأثير قوتها الناعمة في القضايا الإقليمية، و«الراشد» محلل سياسي حكيم، وأود أن أسأله ما هي السياسة الحكيمة في المنطقة التي «تكللت بالنجاح» في هذه الحقبة وأين هي على أرض الواقع؟
 ولأن الراشد لا يفهم سيقوم «الراشد» شيخ الطريقة الليبرالية الخليجية بإذهال العالم بتبريره لمجازر العسكر بإيعاز في وقت «الضحى المتخلف» عن الإنسانية، كما فعل وأذهل بوش الصغير سابقاً بقدرته على تبرير فضيحة سجن أبو غريب عندما عجز الأميركان أنفسهم عن تبرير ذلك؟!
 الراشد يُقر في بداية ما كتب بأن الرئيس محمد مرسي تم «إقصاؤه»، ولكنه لم يتطرق إلى كيفية ذلك، وهنا أؤكد على أن هذا الإقصاء لم يحدث إلا بالانقلاب العسكري الذي تزعمه الجنرال السيسي بطل مجازر: الحرس الجمهوري، والمنصة، وفض الاعتصام، ورمسيس، ومعتقلي سجن أبو زعبل.
 من جهة أخرى يفهم «الراشد» ويبدي فيما كتب قلقه من الأفكار الواردة إلى الخليج العربي من مصر -بحسب تعبيره- ولعل مرد قلقه أنها ليست من بنات أفكار المحافظين الجُدد أو من «الأصدقاء» في «حزب الشاي».
 يعرف «الراشد» والأصدقاء الراشدين سناً مثله أن الجمهوري المحافظ جون ماكين وغيره من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي قلقون جداً جداً من انقلاب العسكر على الدستور والرئيس المنتخب في مصر، وهذا ليس بسبب قدرة الإخوان المسلمين على أخونتهم كما أخونوا أوباما بحسب ما يتم ترويجه لقليلي الاطلاع والمتابعة في وسائل الإعلام «العربية» الرخيصة، ويعرف الساسة الأميركان -كما يعرف من لديه أدنى قدر من الحكمة- أن القمع الأمني للإخوان والإسلاميين وعموم الشعب المصري سيدفع إلى تفجير المنطقة بعد أن تم تكفيرهم بالديمقراطية، لا سيما وأن مصر في منطقة بالغة الأهمية من ناحية الجغرافيا السياسية، وفيها 90 مليوناً لا يمكن لأحد إبادتهم، ولا يمكن لأحد التنبؤ بعدد من سيلجؤون منهم إلى أساليب غير سلمية لتداول السلطة في دول تدعي أنها «جمهورية» وتحكمها «العسكرتاريا» و«الجملكيات».
يؤكد مسؤولون أوروبيون وأميركيون أن رافضي الانقلاب العسكري في مصر وافقوا على المبادرة لنزع فتيل الأزمة في القاهرة، ولكن جنرالات العسكر رفضوها وقاموا بالمجازر، فكيف يستخف «الراشد» بعقولنا الراشدة ويزعم العكس؟

إن المواطن المصري والعربي يفهم أن قطر تخشى من اختلال توازن المنطقة، ويعرف أنها قلقة من تكرار السيناريو السوري في مصر إن أصرت سلطات حكم العسكر على الاستمرار في استخدام آلة القتل وعصا الأمن ضد المدنيين العزل، ويخشى العقلاء أن تكون مصر شبيهة بالشقيقة سوريا بعد ما رفض نظام بشار الاستماع لصوت العقل.

إن المطلع على وسائل الإعلام وما يكتبه بعض من يدعون الليبرالية من الخليج وغير الخليج يؤكد أنهم تحولوا إلى مثقفي الفاشية الجديدة، لاستئصال من يختلفون معهم فكرياً وسياسياً فقط لأنهم إسلاميون، ويجعل المرء منا يتذكر «أليس فيكم رجل رشيد؟»

 ختاماً.. لا يهمنا إن لم يكن «الراشد» لا يفهم وليس له من اسمه نصيب؛ لأن أبناء الوطن العربي يفهمون ويعرفون ويستوعبون، وإن جهل أو تجاهل كتّاب آخرون -يدعون الليبرالية- الحقيقة.

فيما يلي مقال للكاتب عبدالرحمن الراشد عن موقف قطر من الأزمة في مصر حيث يراه منقسما عن بقية دول الخليج:

انقسام الخليج حول مصر

عبد الرحمن الراشد

منذ إقصاء الرئيس محمد مرسي في مصر، والخليج منقسم أيضا على نفسه وفي جدل، لا يقل كثيراً عما تشهده الساحة المصرية، خاصة من جانب المحسوبين على الإخوان الذين انتفضوا في أكبر حملة وتظاهرة لهم سياسية وإعلامية. ولأن المنطقة تعيش توترا على كل الصعد فمن الطبيعي ان تصل ارتداداته إلى الخليج المكتظ بالعرب وبالأفكار الواردة من هناك.

في الخليج، عادت الحكومات إلى مربعاتها السابقة كما كانت تقف منذ سنوات. المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين في جانب، والحكومة القطرية في جانب آخر! ويمكن قراءة المواقف من بيانات الحكومات والإعلام. وهذا يحدث بعد هدنة قصيرة من التوافق الخليجي على كل شيء تقريبا منذ بدايات الربيع العربي قبل عامين ونصف. بالنسبة لدول مثل السعودية والإمارات، وكذلك الكويت، تعي خطورة الفوضى في بلد مثل مصر، وتعتقد أن الوقوف ضد الوضع القائم قد يجرف مصر نحو الفوضى. والإخوان المسلمون في مصر، كما بدا واضحا خلال الأسابيع القليلة الماضية، مستعدون للسير ميلا إضافيا نحو المواجهة والفوضى بدلا من القبول بدعوات الحوار والتصالح. وهذه الدول الخليجية تعتقد أن دفع مصر نحو الفوضى يعني تهديدها بالتحول الى دولة فاشلة أخرى، مثل ليبيا وسوريا. وسيهدد فشل مصر كل منطقة الشرق الأوسط، ولن تستقر المنطقة لعقود طويلة.

بالنسبة لقطر، يصعب علينا فعلا فهم منطقها السياسي لبلد لا يرتبط بها نظاما وايديولوجيا ولا اقتصادا ولا يمثل فيه المصريون عندها إلا أقلية! دعمها إجبار الجيش والقوى المصرية السياسية الأخرى على تبني المطالب الإخوانية عدا عن أنه أمر مستحيل له أيضا مضاعفات خطيرة، وبالتالي دعم الإخوان حاليا يزيدهم تشبثا بمواقفهم ويتسبب في فوضى بالغة الخطورة، فلماذا تفعلها قطر إذا؟! فعلا، فعلا، لا ندري ولا نفهم.

تاريخيا، وعلى مدى نحو عشرين عاما قطر دائماً تبنت مواقف معاكسة لبقية شقيقاتها الخليجية، وجميعها انتهت كسياسة فاشلة. فقد منحت مساحة إعلامية لتنظيم القاعدة في التسعينات والسنوات التالية حتى بعد أن استهدف نشاط التنظيم السعودية والولايات المتحدة وبقية العالم. ساندت حزب الله وإيران رغم أن الحزب شارك في اغتيال قيادات لبنانية واحتل بيروت الغربية السنية. ساندت النظام السوري في لبنان، حتى عندما كان يقوم بقتل قيادات «14 آذار» واغتال رفيق الحريري. وتبنت عملية تأهيل نظام الأسد السوري لإصلاح علاقته بالغرب، خاصة في فرنسا! كما ساندت نظام العقيد معمر القذافي حتى عندما تورط في عمليات اغتيال ودعم مقاتلين ضد السعودية. والفاصل الزمني قصير بين السياستين، بالوقوف مع إيران وحزب الله والأسد والقذافي والوقف ضدهم من قبل قطر، بعد قيام الربيع العربي!

أنا واثق من أن قطر ستغير سياستها تجاه مصر لاحقا، وستضطر للتعامل مع النظام المصري القائم، لأن مصر أكبر من أن تعاديها أو حتى تتجاهلها أي دولة عربية. الوضع الآن أخطر، لان أيام حسني مبارك كان النظام أقل فعالية وأقل شعورا بالخطر مما هو عليه النظام الحالي الذي يشعر بالقلق والغضب معا.

العرب القطرية - الشرق الاوسط

تعليقات

اكتب تعليقك