الطراح يرى أن وضع المنطقة ملتهب جدا بالإرهاب الفكري والدموي
زاوية الكتابكتب أغسطس 20, 2013, 12:32 ص 772 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة / أفغانستان
خالد أحمد الطراح
• جادت علي الذاكرة بحادثتين: الأولى تتمثل بمغامرة صحفية في كابول تحولت إلى كابوس، والثانية عندما سألتني شيري بلير عن «مواعظ» زوجة بشار الأسد عن الديموقراطية.. وسوريا تحترق!
مع ما يتردد حاليا من دعوات جهادية في سوريا، التي تئن تحت نار النظام الدموي بقيادة جزار سوريا، والوضع المأساوي في مصر، نشطت الذاكرة وعادت بي إلى حادثتين إحداهما في أفغانستان والثانية في الكويت.
في الثمانينات، حين كنت أعمل مراسلا صحفيا في موسكو في عهد الاتحاد السوفيتي، نظمت وزارة الخارجية السوفيتية رحلة إلى كابول، وكان الأمر اختيارياً، فالوضع كان خطرا نتيجة الوضع السائد، وما أطلق عليه آنذاك بالغزو السوفيتي. وكانت من الروايات الشائعة التي تتردد آنذاك ان بندقية المسلم استطاعت وقف دبابة سوفيتية! عزمت على السفر إلى كابول على متن طائرة عسكرية ومعي عدد محدود من الصحافيين السوفيت، وصحافي كندي. كنا بلباس شبه عسكري، ووزعت علينا إرشادات وقائية وفيها شرح كامل للوضع هناك. وما ان دخلنا أجواء كابول حتى بدأت الطيارة التي تنقلنا بإطلاق نوع من الصواريخ معروفة بفلايرز، وهي نوع من الصواريخ يشتت اتجاه الصواريخ الموجهة الينا من خلف جبال أفغانستان. بعد الهبوط مشينا كالأفاعي إلى «هانغر» طائرات، ونقلنا في سيارات عسكرية إلى فندق انتركونتننتال، وبدا الفندق خاليا من النزلاء وكأنه حجز فقط لنا! عند مدخل الفندق كان موظف استقبال يتحدث بخليط من الروسية والانكليزية، ومتحمس في شرح أسماء وتفاصيل القبائل المتخفية وراء الجبال العالية! ونحن عند باب المدخل، وإذ بصاروخ صغير الحجم يسقط بالقرب من موظف الاستقبال فيتوفى فورا رحمه الله، بينما واجهة الفندق الزجاجية تكسرت ولكن ولله الحمد لم نصب بأذى. طبعا لم تكن هناك خدمة غرف، فما كان امامي انا وصديقي الكندي الا النزول الى المطبخ وجمع ما هو قابل للأكل، وكانت الوجبة الأفضل هي البطيخ! جلسنا في بلكون الغرفة نأكل البطيخ على نور الشمع ومرافق أفغاني يروي لنا حكاية كابول بالليل، وما هي الا ثوان حتى شاهدنا بأم أعيننا كيف بدأت القذائف تنير سماء كابول، منها الموجهة الى ارض كابول ومنها المتبادلة بين القبائل خلف الجبال! تدهور الوضع عسكريا، وطلب منا مغادرة كابول، ونحن في طريق العودة توقفنا عند احد المستشفيات لنفجع بحالات أطفال ونساء ورجال تقطعت أوصالهم وهم أحياء بالقرب من المستشفى، كان هناك سوق لبيع السجاد ووجدتها فرصة ان اشتري سجادة معتقة ذكرى من كابول. عدنا ووجدت ان ما كنت اكتبه من مواد صحفية لم يحظ بأي أهمية!! ربما لان مصدر الخبر موسكو!
الحادثة الأخرى حين كنت مرافقا للسيدة شيري بلير قرينة رئيس الوزراء البريطاني أثناء زيارتها إلى الكويت، ونحن على الغداء نتبادل الحديث عن المنطقة تطرق الحوار إلى أسلوب المبالغة والإفراط لزوجة بشار الأسد وهي تعطي مواعظ عن الديموقراطية والحريات في سوريا! سألتني السيدة بلير إذا كنت اصدق فأجبت، أصدق طالما أنت تصدقين!
الوضع في المنطقة ملتهب جدا بأشكال الإرهاب الفكري والدموي، وأساليب وقْد الفتن، وهو ما يقتضي التصدي من مؤسسات المجتمع وأجهزة الدولة لهذه التطورات بحزم ومن دون مجاملات وإلا طالتنا نار الإرهاب.
تعليقات