مهند الساير يكتب: حصاد الربيع صيف متمرد

زاوية الكتاب

كتب 1853 مشاهدات 0

مهند الساير

احياناً يفرض علينا الحدث الخوض بمساءل حساسة وتخص مجتمعات اخرى متى ما ارتبطت اوطاننا بتلك الأحداث أو كان لمجتمعنا علاقة بها من قريب أو من بعيد .

الكل يعلم عن الربيع العربي الذي بدأ في تونس مرورًا بدول شمال افريقيا حتى جال بعض بلدان العرب فأصبح يلفظ أنفاسه في سوريا وأنجح موجاته كانت تلك التجربة المصريه التي تمت عكس جميع التوقعات بسلاسة وسهولة رغم اشتهار مصر بقساوة حكمها وسيطرته على المجتمع بعد تنازل السلطة عن الحكم ومحاسبة رئيس الدولة وبعض الوزراء والشخصيات المتنفذة أصبح هناك هاجس الربيع العربي خاصةً لدى دول الخليج وترابط الأحداث مع مجريات دولة البحرين وتقدم الاخوان للمشهد السياسي بعد الوعود الأمريكية لهم بالإضافة لدعم قطر لهم فأصبح هذا الهاجس إلى يقيين لدى بعض دول الخليج وخصوصاً دولة الإمارات ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية وبتالي توجب عليهم قطع الطريق لكل تلك المحاولات التي تسعى لإنتزاع الحكم منهم وتغيير خارطة المنطقة التي إستوجب معه عقد صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في جزئية التضحية بالإخوان بمقابل وقف الدعم الشعبي السوري بعدما أصبح المشهد السوري في يد الإسلاميون وخصوصاً جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة ولواء الأمة السلفي المتشدد ضد الأمريكان فتوافقت المصالح للإطاحة بهم جميعاً .

ومما لاشك فيه أن الإطاحة بالإخوان لاتحتاج صعوبة في التدبير لأنهم أصلاً غير مرغوب بهم وأصبحوا مكروهين بكل مجتمع ينتمون له فمن السهولة الإنقضاض عليهم فذهبت الولايات المتحدة بضرب اوردوغان في عقر داره كي ينشغل بالمظاهرات الداخلية عن الشأن السوري ومن ثم المصري وبهذه النقطة إستطاعت امريكا أن تضرب عصفورين بحجر واحد الأول الخلاص من حليف قوي للمعارضة السورية وداعم للإخوان المسلمين والنقطة الأخرى وقف تطور الأتراك بعد تحررهم من الديون الدولية وقوة الاقتصاد التركي.
ومن ثم ذهبت إلى قطر وفرضت تغيير سياسة الدولة برئيس دولة جديد ورئيس وزراء جديد مما يسهل تغيير الوجه السياسي لدولة قطر وهو ماترتب عليه إغلاق مكاتب الإخوان في قطر وقطع المعونات التي كانت وسيلة لإستمرار الإقتصاد المصري بقيادة الإخوان وبالمقابل توقف الحلفاء الثلاثة الكويت والإمارات والسعودية عن دعم مصر
التي كانت تدعم الحكم السابق قبل سقوط حسني مبارك وسوف تدعم الحكم اللاحق للإخوان فسرعان ماسوف تشاهد المليارات التي سوف تدفع لدعم ثورة (تمرد) والقيادة الجديدة لأن هذه الدول الثلاث هي من ركائز الإقتصاد المصري والداعم لشرعيته سابقاً .

فأصبحوا الإخوان وحيدون بهذا المشهد وفقدوا الدعم الحقيقي رغم إغراءات إيران لهم ولكن خوفهم من ردة فعل المجتمع خاصة وردة فعل أمريكا بشكل عام وسرعة تواتر الاحداث التي سبقت الخروج عليهم وبالأخص ماحصل في قطر شل تفكيرهم ولم يسعفهم الوقت ليعقدوا أي صفقة فواجه الإخوان بمصر 'ولن أقول مرسي لأني أراه ممثل عن حزب وليس حاكماً مستقل وأن الحزب والمرشد بشكل خاص هما المؤثر بالقرار' مشكلات داخلية عدة وأهمها إرتفاع أسعار البترول والمواد الغذائية الأساسية والتي بحد ذاتها كفيلة أن تسقط ثلاث من الرئيس السابق حسني المتمكن من الحكم وليس حزب جديد على الرئاسة وبممثل هش كمرسي ، فأصبح المجتمع ثائر ومازالت نتائج ثورته الأولى على حسني مبارك وقدرته على التغيير مزروعة في نفسه فسرعان ما لمم شتاته فهو لم يقوم بثورة لكي يرتفع البانزين والخبز على سبيل المثال وليس الحصر وبالإضافة إلى شعوره بالذنب لأنه إنتخب وأوصل حزب الإخوان الذي كان همه السيطرة على مؤسسات الدولة وتمكين أعضاؤه من السيطرة فأخرج ثورة كانت حصادًا لربيعه وهي (تمرد) التي لم تستغرق ثلاثة أيام حتى تمكن الجيش بطريقة تدل أن الجيش لايعرف لغة العقل إنما لغة القوة من إصدار بيان يطلب من الرئيس حل الأزمة خلال 48 ساعة والا تدخل وهو من أرض الواقع لايستطيع حتى أوباما ان يحلها بتلك الفترة الزمنية البسيطة ناهيك أن الجيش تحرك إلى وزارة الإعلام والسيطرة عليها وهو لايدع مجالاً للشك عن النية المسبقة لعزل الرئيس لأنها فرصة لن تتكرر للجيش ببسط نفوذه على الرئاسة وعودة هيمنته عليها بعد أن شعر بفقدها إثرَ سقوط حسني مبارك فهي إشارة منه لأي رئيس قادم إذا لم تطع الأوامر يكفي أن يتظاهروا عليك حتى تتم إطاحتك وهذا لايعني الإستهزاء بالجموع التي خرجت بعشرات الملايين ولكن قد تكون المرحلة القادمة لاتحتاج لهذا العدد ولكن طريقة تعاملهم مع الأحداث هي بحد ذاتها سيئة فلا يتصور أن تغلق القنوات المعادية لك ضد أي عذر ولا يحق لك أن تعتقل من تشاء فقط لأنه ضدك ولا يحق لك من باب أولى أن تحمل من سبقك بقتل الناس والتآمر عليهم وأنت تقوم بذات الفعل وهذا الأمر لم يراعى من جانب الجيش المصري بل الأبعد من ذلك أنه لقي ترحيب خليجي جيد على مستوى الدولة والأفراد.

ورغم كل ماحققته بعض دول الخليج من انتصار في هذه المسألة والقضاء على الإخوان وكسر طموح وصولهم لرئاسة مصر وهو ماينعكس على من ينتمي لهذا التيار في دولهم إلا أن هاجس الربيع العربي لم ينقضي ليس لطموح أفراد المجتمع إنما لأن نسبة الفساد بإرتفاع ويقابله مطالبات بإصلاح ومطالبات بمساحات من الديمقراطية ماتفسره الأسر الحاكمة بأنها منازعة في حكمهم وهم لاينتبهون أن شعوبهم متمسكة بهم وبشرعيتهم ولايعني ان المطالبة بمزيد من الحقوق تعني الدعوة لقلب النظام .

ولكن لينعموا بهذه الطمأنينة يستوجب عليهم تحدي ذاتهم بإستمرار حتى يكونوا دائماً عند حسن الظن ومن جانب آخر أن يختاروا أفضل أبنائهم في المناصب التي يتولون بها الناس فتطور الديمقراطية في دول العالم لن يقف عند كلمة هذا ولد شيخ بل يجب أن يكون كفء لهذا المكان حتى يضمن استمراريته في منصبه .

ومن جانب أخير بعد الولوج في دور الدول في هذا الصيف المتمرد الخاص في مصر إلى جانب آخر هو دور المجتمعات ومساهمتها وتفاعلها معه وسوف أخص مجتمعنا الكويتي في هذه النقطة وكيف تعامل مع معطياتها فلم أرى مجتمعنا يتفاعل وينقسم بهذه الطريقة في قضية خارجية كما هو الحال في الأحداث الأخيرة في مصر فأصبح الجميع يشارك إما مع الثورة الجديدة أو مع الرئيس الحالي (مرسي) وأن أغلب المؤيدين لثورة تمرد لأن السلطة بيد الإخوان وأصبحوا يتجاهلون كل تعسف يحدث من قبل الجيش وهم في مواضع أخرى ينتقدون ذات الفعل ولكن لأن الخصم عدوهم غضوا البصر وأغلب الطرف الآخر داعمين للأخوان ويتصدر هذا الدفاع هم الأخوان في الكويت ويتحججون بأعذار هم انفسهم يقومون بها هنا بالكويت كشرعية الصناديق هم بذاتهم خرجوا ضد مجلس أتى بشرعية الصناديق ويتحدثون عن طاعة ولي الأمر وهم كانوا يطالبون بالخروج في مصر وغيرها على ولي الأمر فأصبح المبدأ والحجية عند كل طرف مبني على المصلحة الشخصية وتختلف بحسب الزمان والمكان .. فما حدث في مصر أن الأخوان أخطؤوا والجيش أخطأ والكل يحاسب على خطئه ولايجب أن ننجزف بهذه الصورة حتى نفقد مواطنتنا .

ولكن للأسف إختلفت مبادئنا من البحرين إلى سوريا إلى مصر وهي جميعها لم تسدل الستار على مشاهدها فما زال المشهد في مصر قائم بعد خروج الأخوان وكأن مصر ذاهبة للتقسيم بعد العمليات الإرهابية التي سوف تحدث سواء كانت من الإخوان أو مفتعلة من أطراف خارجية لتستمر مصر في تزعزع وكذلك المشهد البحريني حيث أن هناك دعوة لتمرد البحرين وأيضاً المشهد السوري مازال يستمتع بسفك الدماء وتزايد الجثث حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا ومع الأسف لكل منها رأي وتحليل ودفاع مختلف عن الآخر عند الكثير من أفراد مجتمعنا ..
ونسوا أن الدين واحد والرب واحد ولا يجب التفرقة بينهم ..

المحامي / مهند الساير

الآن -رأي :مهند الساير

تعليقات

اكتب تعليقك