أمريكا تخشى الاستقلال الوطني الحقيقي لمصر.. بنظر الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 873 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  ما في الفخ أكبر من العصفور

وليد الرجيب

 

بدأ الإنسان منا يفكر ألف مرة قبل أن يكتب عن الأحداث المؤسفة في مصر قلب العروبة، فحجم التكفير والتخوين والشتائم، حتى المقذعة والفاحشة منها، تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة التي تمنع أي إنسان أن يبدي رأيه بحريّة، حيث لا اعتداد ولا احترام لاختلاف الرأي، بما فيها جمعية عريقة لها مكانتها في المجتمع الكويتي، ونقدر قياداتها الأفاضل والقائمين عليها مثل «جمعية الاصلاح الاجتماعي» التي لم تضع خياراً أمام حرية إبداء الرأي واحترام خيارات الإنسان، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذا الرأي، وخاصة عندما قالت في بيانها الذي نشرته الصحف يوم الخميس 15 أغسطس الجاري: «كل من أيّد الانقلاب في مصر شريك في وزر الدماء». بمعنى آخر إن كنت تؤيد الثورة المصرية في 30 يونيو الماضي التي خرج فيها أكثر من ثلاثين مليون مواطن مصري، ورأت فيها الجماعات الإسلامية وبعض من تابع سطح الأحداث وأنصاف الحقائق أنه انقلاب عسكري على الشريعة والشرعية فيداك ملطختان بالدماء، وتأتي هذه الجمعية الدعوية ذات التاريخ لتحصر رأيك وتوجهه حتى تنأى بنفسك عن تهمة تلطيخ يديك بالدماء المصرية.
ولا يختلف بعض الشباب ذوي التوجهات الوطنية والديموقراطية عن هذه التوجهات على خلفية حق الاعتصام السلمي وعدم فضه بالقوة العسكرية وإلا كنت تؤيد العسكر إذا رأيت عكس ذلك، كما جاءت خطوة حالة الطوارئ لمدة شهر التي فرضتها الحكومة المصرية بسبب الانفلات الأمني وأعمال العنف والقتل وحرق المباني والكنائس والسيارات وسرقة بعض المتاحف مثل متحف «ملوي» بالمنيا التي كانت عاصمة الدولة المصرية في عهد الملك إخناتون جاءت لتؤكد لحسني النية بأن الأمر انقلاب عسكري لا ريب فيه، متناسين أنه جراء الانفلات الأمني بعد التحرير فرضت الأحكام العرفية ووافقنا عليها.
كما جاءت استقالة نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية محمد البرادعي الذي رشحته جبهة الإنقاذ لتولي هذه المسؤولية، ليؤكد ربكة للمغرّر بهم وفرحة لمؤيدي مرسي، علماً بأن جبهة الإنقاذ انتقدت ودانت هذه الاستقالة ليس فقط لأنه لم يستشر ويرجع إلى جبهته، بل لأنها أعطت ذريعة أكبر للغرب للوقوف ضد إرادة الشعب المصري، وفي الوقت الذي برر حسنو النية خطوة البرادعي لأنه لم يكن معجوناً بالواقع المعيش ولكنه تربى على الحياة الديبلوماسية، أتت آراء أكثر شجاعة ووضوحا حول هذه الخطوة حيث اعتبرتها «مريبة» في هذا اليوم بالذات وهذه الفترة الحرجة، واسترجع هؤلاء العلاقة الوثيقة للبرادعي وارتباطه بالدوائر الغربية، كما استرجعوا كل تصريحاته الداعية للمصالحة والعفو والخروج الآمن لقيادات الإخوان وهي كانت نسخاً مصرية لمطالبات أميركا والاتحاد الأوروبي.
أما أردوغان الذي لم يكتف بإدانة فض اعتصامي رابعة والنهضة، بل طالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة «مذبحة الإخوان»، بينما لم تحرك الحكومات الغربية وأميركا والأمم المتحدة ساكناً لإدانة الحكومة التركية لقتل سبعة عشر متظاهراً سلمياً في ميدان تقسيم، ولم تحرك ساكناً لمجازر الشعب السوري التي ترتكبها يومياً أجهزة الجيش والطيران السوري وجبهة النصرة على حد سواء، وكأن دماء الشعب السوري أرخص من دماء الشعب المصري.
لا أحد منا يريد تبرير إسالة قطرة دم واحدة لأي شعب عربي أو حتى غير عربي ومن أي جهة كانت، فالقتلى هم من الجانبين بمن فيهم ضباط وألوية في الشرطة والجيش المصريين، وخاصة الجريمة البشعة في الهجوم على قسم أمن كرداسة بقذائف «الآر بي جي» والتمثيل بجثث الضباط ذوي الرتب العالية ورجال الشرطة بعد قتلهم، وحسناً فعلت الاستخبارات المصرية بتصوير كل تفاصيل عملية فض الاعتصام غير السلمي الذي للأسف روع السكان الآمنين في المناطق المحيطة برابعة والنهضة من خلال الخطف والتعذيب وإخفاء الجثث تحت منصة رابعة لاستخدامها في توجيه الدعاية للغرب.
بينما رأت الولايات المتحدة في ما يحدث أنه فرصة لإضعاف الجيش المصري وتدميره، مثلما حدث لجيشي العراق وسورية، وتنفيذ مخطط التقسيم الأميركي لإقامة مشروع ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد من خلال نشر الفوضى الخلاقة واثارة الفتن الدينية والطائفية، وكل ما تخشاه أميركا والغرب هو نزعة التحرر الوطني من التبعية الامبريالية والاستقلال الوطني الحقيقي في أهم بلد عربي يملك ثقلاً إقليمياً وعالمياً، وهو ما بدأ يظهر في العداء السافر لأميركا من قبل الشعب المصري.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك