سباق الوفود الأجنبية والخليجية فى مصر
عربي و دوليأغسطس 14, 2013, 12:51 ص 1601 مشاهدات 0
مالذي يجعل مصر حاليا تختلف عن متصرفية جبل لبنان حين كان قناصل الدول الاجنبية يتدخلون في شئونها الداخلية والخارجية مستغلين كل ثغرة بسبب خلافات اللبنانيين انفسهم وخلافاتهم مع الدولة العثمانية؟ الفرق هو 152 عاما فقط .
حيث ان من المؤلم ان نرى تسابق الوفود الاجنبية للقاهرة بحجة اخراجها من محنتها السياسية . ومؤلم أن يصل الى هذه النتيجة من يحب مصر القوية مصر جمال عبدالناصر الذي اخرج الاستعمار ليس من الوطن العربي فحسب بل من العالم الثالث ايضا .وهو مؤلم لمن اعجب بالسادات الذي جعل قائد اللواء 190 مدرع الاسرائيلي عساف ياجوري يخرج من دبابته في غبار سيناء مستسلما للنقيب يسري عمارة امام عدسات التلفزيون ليؤدي له النقيب التحية ثم يقودة بعد ذلك لذل معسكرات الاسر.
سباق الوفود الاجنبية المؤلم للقاهرة لايختلف كثيرا عن تدخل القناصل في عهد متصرفية جبل لبنان 1861-1918م والذي كان سيستمر أطول من ستين عاما لولا وفاة رجل أوروبا المريض وسقوط الدولة العثمانية . لقد استغلت الدول الاوربية الفتنة اللبنانية 1860م فضغطت على من يدير الامور وهو السلطان العثماني المرتبك الضعيف لتفرض رأيها في تفاصيل نظام الحكم في لبنان .فما الذي تغير بين حال لبنان وحال مصر حاليا. فالدول الأوروبية العظمى الست كانت بريطانيا وفرنسا وبروسيا وروسيا والنمسا وإيطاليا، تدخلت آنذاك ونصفها يتدخل حاليا . فهل نحن بانتظار إعلان الانتداب الاميركي المستتر كما تم إعلان الانتداب الفرنسي آنذاك لينهي حالة الفوضى السياسية . قد لايكون الامر بنفس درجة الخطورة لكن صانع القرار الغربي ملم بتفاصيل المشهد المصري ويقرأ تاريخ المنطقة بتمعن شديد فإذا كان عهد التنظيمات الإدارية التي بدأها السلطان عبد المجيد الأول قد جاءت بضغوط غربية وكانت نتائجها محاصصة دينية لهيكل الحكم في لبنان بعهد المتصرفية فلن تخرج عن نفس الفكرة في مصر بحيث تعطي حصة للاخوان وحصة للعسكر ومثلهم السلف والاقباط والعلمانيين والفلول وحصة للبلطجية وربما حصة لمن يمثل ابناء شهداء موقعة الجمل .
إن سباق الوفود الأجنبية على مصرقائم لامجال لانكاره ،وهناك الكثير من المؤشرات التي تثير قلق المراقب ومنها :
- إن اهمية مصر الجيوستراتيجية لم تتغير، بل في ازدياد مع الجيرة الاسرائيلية وجيرة حماس ،مع ضغط منسق مواز لضغط مياه النيل على سد النهضة في اثيوبيا .
- إن تدخل واشنطن وأوروبا بهذا الزخم بحجة حل الازمة السياسية بمصر يؤكد حالة الفراغ الداخلى الذي سيغري كل ذا مخلب وناب حيث ستدفع روسيا والصين للتدخل ايضا .
- لقد ظهر حجم الفراغ من خريطة انتشاره التي رسمتها تحركات الموفدين الدوليين داخل القاهرة حيث تعدت زياة المندوبين الاجانب رئاسة الجمهمورية والدفاع والخارجية لتشمل الاخوان والكنيسة القبطية والازهر وستصل عشوائيات القاهرة .
- لقد كشفت زيارات المندوبين الاجانب ضعف القوى السياسية المصرية التي فشلت في طرح مشروع للخروج من الازمة ، مما يجعلنا في حل من العتب حين نصفها بانها قوى خلق ازمات وفوضى ومظاهرات وحشود لا قوى حلول.
- لعل ما يؤلم المراقب حقا هو التنازل عن السيادة المصرية بهذه السهولة رغم مرور ظروف اصعب من الحالية على عصور ناصر وأنور ومبارك واحتفاظ مؤسسات الحكم آنذاك بخط السيادة كخط لاتراجع بعده رغم ضغوط الحروب وازمات البنك الدولي والقمح والمعونات العسكرية .
-لن يزر المندوبين الدوليين القاهرة لتقديم النصائح فحسب ، بل تقديمها مغلفة بدبلوماسية الاغراء والتهديد وما لها من تبعات .
حين تعجز الادارة الحالية في مصر عن امتلاك الدراية لخلق ادوات ضغط على مواطنين مصريين بميدان رابعة العدوية سواء بالمغريات او بالحلول او بالوعود يصبح من الواضح ان التدخل الخارجي والوساطة الدولية مطلب ملح للحيلولة دون استخدام هذه الادارة للعنف لتفريق المعارضين من الاخوان او من الذين لم يرق لهم هتك الشرعية او عودة الانقلابات لمصر .وبما ان دول الخليج اولى من الغرب لمد يد المساعدة لمصر .فالاجدى في هذه الظروف هو مبادرة خليجية ذات مراحل للوصول بمصر لبر الامان . وسيسند هذه المبادرة الخليجية امور عدة لعل اولها ابعاد شبح التدخل الاجنبي وتحويلها لمتصرفية لقناصل كل يساند مجموعة . بالاضافة الى ان دول الخليج قد ابدت حسن النية قبل شهر فتقدير لظروف مصر الاقتصادية الصعبة التي قد تقودها لمنحدر الدولة الفاشلة بدين غربي واجب السداد، واحتياطي من العملة الصعبة لا يكفي إلا لثلاثة أشهر، بالإضافة إلى التضخم و العاطلين وأزمات الوقود قامت دول الخليج بدعم الاقتصاد المصري . وليست بعاجزة الان عن دعم العملية السياسية الراهنة هناك كما دعمت الاقتصادية. ولعل أهم مكسب لنا في الخليج هو خلق جيل من صناع القرار الخطائون التوابون استراتيجيا، فما أحوجنا لهم .
تعليقات