مفاهيم مهمة في تداول حقوق الأولوية بقلم فهد الحويماني

الاقتصاد الآن

1160 مشاهدات 0

ارشيف

تطرقت في مقالات سابقة إلى مفهوم حقوق الأولوية ومدى الحاجة إليها، وكيفية التعامل معها بشكل عام، وأشرت إلى أن سوق الأسهم السعودية ستشهد بعد أيام عدة أول تداول لحقوق الأولوية وذلك في عملية رفع رأسمال شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة (مسك). في هذه المقالة سيكون التركيز على الأسس التي تحكم عملية تسعير حقوق الأولوية وكيفية الاستفادة من هذه الوسيلة المالية الجديدة في تخفيف المخاطرة على المستثمر من ناحية، ومن ناحية أخرى كيفية تعظيم العوائد للمضارب الذي لديه القدرة على تحمل نسبة من المخاطرة في سبيل ذلك.

لتبسيط شرح هذه المفاهيم نفترض أن هناك شركة رأسمالها 400 مليون ريال، وعدد أسهمها 40 مليون سهم، وترغب في رفع رأسمالها بطرح أسهم حقوق أولوية بمقدار 200 مليون ريال، ما يعني أن جميع الملاك في نهاية اجتماع الجمعية العامة غير العادية لهم الحق في الاكتتاب بواقع سهم مقابل كل سهمين مملوكين. ولمزيد من التبسيط، نفترض أن الشركة قررت ألا تكون هناك علاوة إصدار، فتذهب جميع متحصلات الاكتتاب إلى رأس المال، لذا فإن سعر الاكتتاب عشرة ريالات، وعدد الأسهم الإضافية 20 مليون سهم، ويصبح رأس المال بعد عقد الجمعية 600 مليون ريال، بعدد 60 مليون سهم. ولنأخذ حالة شخص يملك ألف سهم في هذه الشركة، وقد أغلق السهم عند سعر 20 ريالا في يوم انعقاد الجمعية.

بما أنه يحق لكل مالك الاكتتاب بسهم واحد مقابل كل سهمين مملوكين، فسنجد بعد عقد الجمعية أن هناك 20 مليون حق أولوية في محافظ الملاك، وسيكون لدى الشخص في المثال عدد 500 حق أولوية، التي كما ذكرنا سابقاً أنها عبارة عن أسهم برمز معين تباع وتشترى كالأسهم تماماً في الفترة المقرة للتداول التي تستمر لمدة ثمانية أيام تداول يمكن فيها بيع وشراء هذه الحقوق.

ملاحظة جانبية هنا وهي أن 'تداول' لم تذكر وحدة تغير أسعار حقوق الأولوية، التي يجب ألا تكون مثل الأسهم، وذلك بسبب إمكانية تدني أسعار حقوق الأولوية، التي قد تباع بهللات قليلة في بعض الأحيان، وأقترح أن يكون التغير بالهللة الواحدة.

لاحظ أن قيمة محفظة الشخص كانت 20 ألف ريال (لديه ألف سهم بسعر 20 ريالا)، أما بعد الجمعية فسيكون لديه 16,670 ريالا (ألف سهم بسعر 16.67 ريال) إضافة إلى عدد 500 حق، يكون سعر الحق الإرشادي لها 6.67 ريال، وهو السعر الذي يعيد للمحفظة قيمتها الأصلية. ولكن هنا يجب الانتباه إلى أن حق الأولوية له قيمتان: (1) القيمة الإرشادية، التي من الأفضل تسميتها القيمة الأساسية، وهي عبارة عن سعر السهم ناقص سعر الاكتتاب (16.67 ريال - 10 ريالات = 6.67 ريال)، (2) القيمة الزمنية، التي من خلالها تعمل الرافعة المالية مع حق الأولوية أو ضده، وكلما نقصت المدة الزمنية المتبقية لنزول الأسهم الجديدة في محافظ المستثمرين، نقص سعر الحق، لكن يبقى سعر الحق مساويا على الأقل للقيمة الإرشادية في كل الأوقات.

تذكّر أن قوة حق الأولوية عبارة عن قسمة سعر السهم على سعر حق الأولوية، أي في هذا المثال قوة الحق تساوي 2.50، وتعني أنه إن ارتفع سعر السهم خلال الأيام القادمة بنسبة 20 في المائة فسيرتفع سعر الحق بنسبة 50 في المائة، والعكس صحيح. لذا فإن سعر الحق يأخذ القيمة الإرشادية والقيمة الزمنية في الحسبان.

على فرض أن سعر السهم ارتفع من 16.67 ريال إلى 25 ريالا خلال فترة التداول، فإن مالك السهم يحقق عائداً بنسبة 50 في المائة، بينما مالك الحق يحقق ارتفاعاً بنسبة 125 في المائة.

ومرة أخرى لا ننسى جانب المخاطرة أنه في حال انخفض سعر السهم بنسبة 40 في المائة، فسيخسر متداول حقوق الأولوية كامل رأسماله المستثمر. إلا أنه من الضروري مراعاة طبيعة حقوق الأولوية السعودية وهي أن سعر التنفيذ (أو سعر الاكتتاب) يكون عادة أقل بكثير من سعر السهم، ما يعني أن القيمة الإرشادية غالباً تكون موجبة، وهذا يختلف عن عقود الخيار – التي تم التطرق لها سابقاً – التي من الممكن للقيمة الإرشادية لها أن تكون صفراً، وسعر العقد يكون مبنيا فقط على القيمة الزمنية.

على سبيل المثال، في الحالة النادرة التي ينزل فيها سعر السهم في السوق لما دون سعر الطرح، تكون القيمة الإرشادية تساوي صفرا، لكن تبقى القيمة الزمنية للحق مدعومة بقوة الحق. أي بما أن سعر الحق ضعيف جداً لأن القيمة الإرشادية ضئيلة جداً، فستكون قوة الحق عالية جداً (قوة الحق تساوي سعر السهم تقسيم سعر الحق)، وربما تصل إلى عشرة أضعاف أو حتى 20 ضعفا أو أكثر، ما يعني أن مجرد ارتفاع سعر السهم بنسبة 10 في المائة يؤدي إلى ارتفاع سعر الحق بعشرات الأضعاف، وهذا مصدر جاذبية حقوق الأولوية للمضارب.

لمن لديه اطلاع بعقود الخيار، فإن حقوق الأولوية السعودية تشابه إلى حد كبير عقود الخيار المبنية على الطريقة الأوروبية، وليست الأمريكية، الأكثر شيوعاً. الفرق هنا أنه في العقود الأوروبية لا يمكن تنفيذ العقد إلا بنهاية فترة العقد، بينما في الطريقة الأمريكية يمكن تنفيذ العقد في أي وقت من الأوقات.

هذا الاختلاف مهم وله تأثير في طريقة تقييم حقوق الأولوية، والسبب هو أن القيمة الإرشادية 'مضللة' إلى حد ما، حيث إنها من المفترض أن تعبر عن القيمة التي يكون فيها سعر السهم في السوق مساويا لسعر الاكتتاب زائدا سعر حق الأولوية، غير أن ذلك غير صحيح، والسبب عدم قدرة مالك الحق على تنفيذ الحق (أي الاكتتاب الفوري والحصول على الأسهم الجديدة)، إلا بعد فترة زمنية طويلة نسبياً، إلى أن تنزل الأسهم في محفظة المستثمر، لذا فإن القيمة الإرشادية معرضة لمخاطرة زمنية إضافية.

أخيراً، ذكرتُ في بداية المقال أنه من الممكن استخدام حقوق الأولوية من قبل المستثمر لتقليص حدة المخاطرة في شراء السهم. فبدلاً من شراء أسهم الشركة مباشرة، ممكن للشخص شراء عدد من حقوق الأولوية مساوٍ لعدد الأسهم المرغوب شراؤها. ولأن حقوق الأولوية تكون غالباً مسعرة بأقل من سعر السهم بكثير، فإنها تمنح الشخص فرصة الدخول في السهم بشيء من التروي، حيث بإمكانه في نهاية فترة التداول (التي تمتد لثمانية أيام تداول) أن يقرر الاكتتاب في السهم والحصول على الأسهم التي يريد إن رأى أن مسيرة السهم مناسبة، أو بيع ما لديه من حقوق وإلغاء فكرة الشراء.

لا شك أن تداول حقوق الأولوية ستكون إضافة شائقة لسوق الأسهم السعودية، تحتوي على فرص كبيرة للمضارب الذي يرغب في تعظيم العائد على رأس المال المستثمر لديه، وبلا شك بنسبة مخاطرة عالية. كما أنها - وهذا هو الأهم - تمنح ملاك الأسهم حرية التصرف فيما لديهم من أسهم واتخاذ القرار في المشاركة في الاكتتاب من عدمه.

الآن - العربية

تعليقات

اكتب تعليقك