المقاربة بين ما يحدث في تركيا والبرازيل مُضللة.. هكذا يعتقد الرجيب
زاوية الكتابكتب أغسطس 6, 2013, 11:36 م 1114 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / مقاربة مضللة
وليد الرجيب
في كتاباته الأخيرة ولتأكيد أن «الطبقة الوسطى» هي التي تقود «الربيع العالمي»، أراد فوكوياما أن يقنعنا بأن ما يحدث في البرازيل هو ثورة تقودها الطبقة الوسطى ضد حكم اليسار، ويقارب بينها وبين ما يحدث في تركيا على اعتبار أنهما نموذجان للنجاح الاقتصادي، ولكننا نجد في هذه المقاربة خلطاً للأوراق يراد منه إيهامنا بأنهما متشابهان في أسباب حراكهما الجماهيري، رغم الاختلافات الجوهرية لأهداف الحراك وأسبابه وطبيعة المشاركين فيه وطريقة التعامل معها.
ففي تركيا ومنذ مايو الماضي هناك انتفاضة شعبية تقودها أكبر الاتحادات النقابية العمالية في البلاد وتشارك فيها أيضاً الأحزاب السياسية المعارضة وبالأخص اليسارية، ضد خطط الحكومة الإسلامية المحافظة لتدمير الطابع الحضاري والتاريخي لمدينة اسطنبول وهدم عدد من الأحياء الفقيرة لصالح مشاريع أسواق ومبانٍ سكنية وجسور تلبي نهم النيوليبرالية لتحقيق الأرباح وتكديس الأموال، أي الانحياز للرأسماليين الأغنياء على حساب الطبقة العاملة والفقراء.
فمن خلال تبني الحزب الإسلامي الحاكم لسياسة النيوليبرالية معتمداً على تدفق الأموال الأجنبية، أراد أردوغان الاستمرار في سياسة الخصخصة والقضم التدريجي للحريات الشخصية، فاستخدم أدوات القمع والعنف واعتقال النشطاء السياسيين والصحافيين، وتعاملت الحكومة بغطرسة مع المحتجين، وشن أردوغان هجوماً هستيرياً ضدهم متهماً إياهم بالمخربين والإرهابيين واليساريين المتطرفين.
أما في البرازيل فقد خرج الآلاف في المدن احتجاجاً على رفع أجرة المواصلات العامة وعلى اقامة كأس العالم عام 2014م ودورة الألعاب الأولمبية عام 2016م في البرازيل، على اعتبار أن الاستثمار في هذه الأحداث الرياضية العالمية هي نفقات غير ضرورية تساهم في تحديد الإنفاق في الموارد الرئيسية التي تحتاجها البرازيل.
ورغم أن الأجهزة الأمنية قمعت هذه المظاهرات إلا أن الرئيسة البرازيلية «ديلما روسيف» أعلنت منذ البداية أن مطالب الجماهير المنتفضة محقة وعادلة، وأمرت ببناء 800 مستشفى وقدمت 50 مليار ريال من أجل البدء مباشرة بالاصلاحات وتحقيق مطالب المتظاهرين، والتقت لاحقاً مع 4000 رئيس بلدية وقدمت لمدنهم 3.5 مليار ريال من أجل تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وطالبت حزبها الحاكم «حزب العمال» بالانحياز إلى مطالب الشعب العادلة والشرعية.
وقد أعلن الحزب الشيوعي البرازيلي الذي شارك بالمظاهرات في بيان له: «أن هذا الحدث الرياضي الكبير يمثل قفزة للبرازيل لناحية زيادة الاستثمارات في البنية التحتية وفي الخدمات الأساسية التي يطالب بها المتظاهرون، وهي فرصة لإظهار البرازيل على أنها أمة تتطور مع التقدم الاجتماعي وتدافع عن السلام بين الشعوب»، ورغم أنه حمّل الحكومة الديموقراطية للرئيسة ديلما مسؤولية تعزيز نهج المساءلة الذي اعتمدته وعليها التصرف بشفافية ودحض الأكاذيب، إلا أنه أضاف في بيانه: «أن الخطة الاستراتيجية للاستثمار لا تخلق فقط آلاف فرص العمل ولكنها أيضاً تحسن حياة الناس وتوسع المدن المسكونة وتحدّث المطارات والأمن العام والبنية التحتية للاتصالات، وبالتالي يمكن لهذا الحدث إيجاد 3.6 مليون فرصة عمل في قطاعات مختلفة من الاقتصاد الوطني»، وذكر الكثير من التفاصيل التنموية ومردودها المالي وراء الحدث الرياضي.
واعتبر الحزب الشيوعي البرازيلي وحركة «بدون أرض» اللذان شاركا بالمظاهرات أن بعض قوى اليمين لعب دوراً لحرف المظاهرات عن أهدافها كمقدمة لانقلاب ضد الحكومة العمالية، حيث كانت تسعى لشيء مماثل لانقلاب هندوراس والبرغواي قبل سنوات، وأيضاً مشابه لمحاولات اليمين بفنزويلا المتحالف مع الامبريالية الأميركية ضد حكومة شافيز.
إذاً لا يوجد وجه مقارنة بين ما يحدث في تركيا وبين ما يحدث في البرازيل كما حاول فوكوياما أن يوهمنا بخلطه للأوراق، وبدا في كتاباته الجديدة حول قيادة الطبقات الوسطى للربيع العالمي خادماً خائباً للرأسمالية العالمية.
تعليقات