أين البديل عن النفط؟

الاقتصاد الآن

2350 مشاهدات 0


بدأت أوساط سياسية كبيرة في دول مجلس التعاون الخلجي تتكلم وبصوت مسموع وتكرر السؤال المحرج إلى حكوماتها بايجاد بديل عن النفط، والى متى سنعتمد اعتمادا كليا على الايرادات المالية النفطية والتي تصل الى أكثر من 90%  من ميزانيات دولنا  بعد مرور أكثر من 60 عاما على اكتشاف النفط في منطقتنا العربية .
في كل سنة اعتماد دول مجلس التعاون في تزايد مستمر مع تزايد أسعار النفط و ميزانيتنا تتضخم بتضخم بنفس لمعدل ارتفاع اسعار النفط، وعدد المرضى والمستشفيات في تزايد وأصبحنا من الدول المتقدمة بأمراض السكر وضغط الدم والقلب، وأصبح مرتب الموظف الحكومي عندنا من أعلى الرواتب في العالم، ومع ذلك لم نحاول ان نجد البديل عن البترول.
السبب الذي دعا كبار المسئولين بالاستفسار والسؤال، هو تقرير وكالة الطاقة الدولية بأنه خلال ال 5 سنوات القادمة سينخفض وبشدة الطلب العالمي على نفط دول منظمة 'أوبك ' . هذا بالاضافة الى تقدم صناعة الغاز الصخري الأمريكي الذي بدأ يمثل أساس البنية التحتية لصناعة البتروكيماويات، واللقيم المنافس الوحيد لانتاج الكهرباء و الأرخص في العالم، وأرخص بنسبة 50% عن أوروبا وبنسب متقاربة مع بقية دول العالم .
الخطر والهاجس المخيف الآخر وهو النفط الصخري والذي بدأ ينافس النفط التقليدي، حيث أصبحت الولايات أصبحت متمكنة تقريبا في تقنية وانتاج النفط الصخري أو  ' شيل اويل' Shale Oil))  ومن المتوقع ان تكون أمريكا مكتفأة ذاتيا بحلول عام 2017 وبعدها وبنهاية 2022 ستكون مصدرة للغاز الصخري معا.  
ومن هذا المنطلق اتخذت المملكة العربية السعودية قرارا بعدم  الاستمرار في زيادة انتاجها من النفط الخام الى 15 مليون والاكتفاء بمعدل يومي بمقدار 12 مليون برميل وحتى اشعارآخر، وقد يكون هذا القرار لمعرفة قدرات وامكانيات المضي قدما في صناعة النفط الصخري ومدى الأضرار البيئية التي قد تقع، ومع أنها ماضية قدما في التوسع في هذا المجال ومن دون منافس. 
وتواجه بنفس الوقت جميع الدول النفطية المنتجة والمصدرة مشكلة تعاظم الاستهلاك المحلي من النفط، وتواجه النمو الفاحش والمتزايد وبنسبة سنوية تقدر مابين 8 الى  10% سنويا  ، وهذا النمط العالي من الاستهلاك يشكل مشكلة أخرى للدول النفطية بحيث على مدى السنوات القادمة سيتم استهلاك أكثر من 50% من اجمالي انتاجها، يحرق ويستهلك محليا وبأرخص الأثمان، مما يعني نقصا في الايرادات المالية .
ان الاعتماد الكامل على النفط أصبح سمة جميع الدول النفطية الخليجية ومن دون استثناء، وحتى الدول التي لم تكن تعتمد في السابق على النفط أيضا تأثرت مثل العراق وايران، ليصبح النفط المصدر الأول لايرادات الدولة بالرغم مما تمتلكان لموارد طبيعية من الماء والزراعة والسياحة والطاقة البشرية والبنية التحتية لصناعات خفيفة، أيضل تهالكت واختفت، والكل أصبح موظفا للحكومة وللنفط .
لم نحاول قط  في الاستثمار في الانسان والتنمية البشرية في تعليمه، وفي تدريبه مهنيا، وكان ولازال همنا في ايجاد الوظيفة مهما كانت متدنية، طالما انه موظفا حكوميا من دون توجيه وأداء وعمل، وهم مانسميهم بالبطالة المقنعة.
ونحن في الكويت كنا من أوائل الدول النفطية على الاطلاق التي طالبت بالعمل على ايجاد البديل عن النفط، وكان ذلك في بداية الستينيات، واستطعنا على الأقل من انشاء صندوق الثروة السيادية ليكون لدينا صندوقا مرادفا للايرادات النفطية من خلال استغلال الفوائض المالية الزائدة عن الميزانية في استثمارت خارجية، تدر علينا ايرادا سنويا، واستطعنا تأمين مصدر مالي آخر حقيقي وذلك في عام 1986 عندما انخفضت أسعار النفط واستعملنا موجوداتنا في الخارج لتأمين وتمويل الميزانية العامة للدولة، حيث مصادرنا المالية من النفط تساوت مع ايرادتنا المالية الاستثمارية .
لكننا وحتى الآن لم نؤمن مصدرا آخرا للدخل القومي، ومنذ أكثر من 40 سنة، بالرغم من المطالبات اليومية بايجاد البديل، لكن من دون تقدم .
أما بما يتعلق بعدم الاعتماد على النفط  كمصدر مالي وحيد، وهو أمر معروف لدينا، لكن أين  وما هو، وكيف يتم ايجاد البديل، وأين أصحاب الفكر ولماذا لا تحاول مثلا دول مجلس التعاون الخليجي بتبني هذه الفكرة،  عبر إنشاء فريق ' العقول ' ليضع لنا المسار أو خارطة طريق، لايجاد وتوصيل الرؤية المشتركة، لتكوين رؤية و رسالة مشتركة.
وقد تكون البداية هو تخفيض اعتمادنا المحلي على النفط، ووقف الهدر اليومي الرخيص مقارنة بالدول الأخرى، إما بزيادة الأسعار والعمل في نفس الوقت بنظام الشرائح ، وليس من المعقول أن نزيد الرواتب ونتمتع في نفس الوقت بأرخص الأسعار من الوقود، يجب أن تكون البداية قوية وان تكون الاشارة هي البديل عن النفط وبمشاركة خليجية مجتمعة .  
قد لانضطر في البحث عن البديل حتى تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية بتصدير الغاز والنفطي الصخري مع  نهاية 2020 وعندما نفيق يكون قد فاتنا القطار .

• نقدم التعازي لأسرتي أستاذينا الكبار سليمان المطوع وأنور النوري، كبار رجالات الوطن، والذين ساهما في بناء الدولة الحديثة في معظم المجالات، من التربية والنفط والصناعة والاستثمار، وفي تدريب الإنسان الكويتي، وكانت لهما النظرة والبعد الاستراتيجي المميز. رحمهما الله و أسكنهما فسيح جناته. 

كامل عبدالله الحرمي
كاتب ومحلل نفطي مستقل 
 

الآن: كامل الحرمي- كاتب ومحلل نفطي مستقل

تعليقات

اكتب تعليقك