د. مناور الراجحي ينضم للمعارضة لأسباب يذكرها في مقاله
زاوية الكتابكتب أغسطس 4, 2013, 1:06 م 2617 مشاهدات 0
خص د. مناور الراجحي استاذ الاعلام بجامعة الكويت في مقال أعلن فيه انضمامه للمعارضة لأسباب يشرحها في مقاله التالي:
'لقد هرمنا'
بقلم الدكتور مناور بيان الراجحي
أيها السادة وبدون الكثير من المقدمات 'لقد هرمنا'، فالوضع لا يحتمل التأويل والتجميل، وتشكيل الحكومة أطاح بالأمل الباقى والقليل، لمن كان يتمنى التغيير والتعديل.
'لقد هرمنا' من هذه اللعبة السياسية التى لا تنتهي من حل المجالس وانتخابها، وتقديم الحكومة لاستقالتها، وإعادة تشكيلها، والكلام هو الكلام لا يتغير، والوجوه هى الوجوه لا تتبدل، وكأننا نسير بسرعة الصاروخ لتحيقيق رقم قياسي بموسوعة غينس لكثرة حل المجالس والحكومات وإعادة انتخابها وتشكيلها، 'لقد هرمنا' أفيقوا أيها السادة لأنه وطن، وليس رقعةً للشطرنج، إنها الكويت وليست ملعباً لهواة السياسة، إنها الكويت، أرض أجدادنا وأبناءنا وأحفادنا من بعدنا، فكيف نفرط فيها، وأكرر لكم ما قاله النائب مرزوق الغانم، إن كنتم ماتبونها، قولولنا؟، ولكن فلتعموا أننا نبيها، ولن نفرط فيها، وهذا قولٌ واحد لا رجعة فيه ولا مهادنة.
'لقد هرمنا' بالفعل، فبعد معركةٍ طويلة، حسمها الشعب فى النهاية، ولبوا نداء الوطن، ورغبةً فى الخروج من دوامة التأزيم والحل والصراعات، خرجت جموع الشعب برغبةٍ صادقة فى التغيير وفى إنتهاء حالة الإحتقان، وأمل كبير أن القادم أفضل وأنه لا يمكن بعد كل ما حدث خلال العام الماضي أن تنكسر إرادة الشعب وأن نعود للوراء، خرج الجميع وشاركوا فى العرس الديمقراطي، وانتظروا العروس الجديد، والوجه الجديد للحكومة، منتظرين لعروسةٍ بكر، فإذا بها نفس الزوجة، وللمرة الثالثة، أيها الناس زواج الحكومة من الشعب باطل، إننا نحتاج لمحلل، نحتاج لزوجة جديدة، ووجه جديد، إن هذا الشعب لا ولم يكن غبياً فى يومٍ من الأيام، فلماذا يتم التعامل معنا كأننا أغبياء، أقولها للتاريخ وللأجيال القادمة ونرفعها صيحةً عاليةً مدوية 'إننا شعبٌ له عزته وكرامته، ويكره منطق الإستغباء'
بالله عليكم ماذا سيقول علينا أولادنا حين يكبرون، هل سيقولون عنا أننا كنا كالدمى تحركها القوي السياسية كيف شاءت، وأنى شاءت؟!، هل سيقولون عنا أننا وقفنا صامتين نشاهد حل المجالس وتشكيل الحكومات للعديد من المرات، ولا جديد، ووقنا مكتوفى الأيدى كأننا من المغيبين والبلهاء؟!،
لا تستطيع الكلمات أن تنقل لكم كل ما أشعر به من ضيق وألم ومعاناة طوال الليل منذ أن قرأت التشكيل الحكومي 'القديم الجديد' فلا جديد فيه، ولا تغيير فيه، إذن فلماذا تركتمونا نحلم بأن هناك مستقبل افضل، وأن هناك أمل بطرح وجوه جديدة من أبناء هذا الوطن، أم أنكم تتعاملوا معنا بمنطق 'قولوا ما شئتم، ونحن نفعل ما نشاء'، ولكننا نعلنها مدوية أننا لسنا أمواتاً بل إننا أحياء، ولا ولن تموت إرادتنا.
دعوني أشرح لكم الأمر بهدوء ومصداقية ووضوح، وأتمنى أن تصل كلماتى الى قلوبكم وتنقل لكم ما أشعر به من ألم وخوف على مستقبل هذا البلد، فأنا والكثيرين أمثالى من الأكاديميين الذين يتبنون الفكر الوسطي، حاولنا ونحاول كثيراً أن نبعد البلد عن التأزيم، ونتوقع دائماً أن القادم أفضل، ونرفض الأصوت الكاذبة العالية، وبعض المتملقين من المعارضين، ولكننا ندرك أن فى رجالات المعارضة من لهم الحق و يمتلكون المنطق فيما يقولون، ويطرحون الكثير من القضايا الشائكة والهامة، وحين صارت الأزمة الأخيرة، وقفت أنا والكثير من أمثالي وأردنا أن تمر الأمور بسلام، وكنا فى أشد الخوف على الوطن، دافعنا كثيراً من أجل الهدوء والإستقرار، وكانت حنكة سمو الأمير فى الفترة الماضية قادرة وحدها على قيادة سفينة الوطن الى بر الأمان، لذا فقد شاركتُ وشارك الكثيرين ممن ينتهجون الوسطية ويريدون الخروج من دوامات الصراعات، واستبشرنا كثيراً برياح التغيير، وبالحلم الذي يراودنا منذ سنوات، أن تصبح الكويت مركز مالي وتجاري عالمي، ولكننا فوجئنا بالأمس بهذه الجبال الثلجية الحكومية القديمة، التى جعلتنا نستفيق وندرك واقعنا المرير، أيها الشعب: انتبه من فضلك الكويت ترجع الى الخلف، الكويت ترجع الى الخلف.
'لقد هرمنا' لقد دفنت الحكومة أحلامنا النابضة، بل ولقد أعادت المعارضة الى الحياة، الآن أصبح للمعارضة منطقية فيما تطرح وفيما تقول من جديد، نعم لقد جاء التشكيل الحكومي ليعيد للمعارضة منطقها ومكانتها بعد أن كانت تحتضر، وكأننا قد كتب علينا الإستمرار فى اللعبة المملة، ولكن الشعب سئم الألعاب، وسئمنا الأزمات، لذا أقولها بكل وضوح أننا لن نسمح بهذا وأننا لن نشارك فى الدفاع عن مسيرة حكومية لا تستطيع بل ولا تريد التقدم الى الأمام، إنها كما هى لا تتقدم ولا تتأخر، وأنا كما أنا بمشيئة الله ثابت على الحق، لذا فمن اليوم أنا من المعارضة الى أن يقضى الله أمراً كان مفعولا، فليس هناك أغلى من الوطن، وأهم من مستقبل أولادنا، أنا من المعارضة التى تريد الإنجاز، وتخاف من دوامات السفسطة والصراع التى لا تفيد، أنا من كتلة المعارضة الجديدة التى تبغى الخلاص، وتخاف على مستقبل هذا الوطن.
'لقد هرمنا' كيف طابت أنفسكم ان تتلاعبوا بمستقبل الكويت، كيف طابت أنفسكم أن تؤلمونا فى هذه الأيام المباركة، كيف طابت أنفسكم أن تقتلوا أحلام الناس بالتغيير والتجديد وتجديد الدماء، وطرح الوجوه الشابة الكويتية المشرقة التى يمكن أن يكون لها دورها البارز فى مستقبل الكويت، فإذا طابت أنفسكم لهذا، فإن نفوسنا لا تطيب إلا بالحق، ولا ترضى بالذلة والهوان.
'لقد هرمنا' فى السادسة صباحاً بعد أن انتهيت من كتابة كلماتي، أتصلت على احد أصدقائي المقربين، لأحدثه عن قلقى وخوفى على مستقبل هذا الوطن، وبعد أن قرأت عليه المقال، قال لي: ويحك يا مناور: أمن الدولة؟، فكان ردى التلقائي عليه: بل إن ما نتكلم فيه من طموحات الشعب وأحلامه ورغبته فى أن يري التغيير والدماء الجديدة، هو الأمن الحقيقي للدولة، يارجل..'لقد هرمنا' ومن هنا كان المقال..'لقد هرمنا'.
كلمات أسجلها وأرسلها للنابضين بحب الوطن والأحياء و الأحرار،
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق الحكومة
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه!
وها أنا أنتظر الإجابة،
فإن لم تأتى، وإن لم تكن، فهذه شهادةٌ للتاريخ، حتى لا تقول عنا الأجيال القادمة أننا كنا من الأغبياء والبلهاء، فـ 'لقد هرمنا'.
تعليقات