أنور الرشيد يكتب عن أمة الدين و الدم
زاوية الكتابكتب يوليو 31, 2013, 5:42 م 839 مشاهدات 0
قد يجدني البعض مبالغ في هذا العنوان و قد يختلف معي البعض أصلا و لكن المؤكد هو أننا ننزف دما تاريخيا وهذا لا اعتقد بأن هناك احد قد يختلف معي بذلك ، فنظرة سريعة على تاريخنا يجده تاريخ مليء بالدماء سواء التي سالت منا كأحد السلالات البشرية أو ما أسلناه من سلالات بشرية أخرى على مدى قرون طويلة مرت على منطقتنا أو غزيناها باسم الفتوحات وصدرنا هذه الميزة التي نتميز بها عن سلالات بشرية أخرى وتطبعت بها كالسلالة الهندية و الفارسية.
أنا لا أقول ذلك من باب التحقير وإظهار سلالتنا على أنها سلالة لا يعنيها الإنسان ومشاعره الطبيعة ولكن من المؤكد وفق معطيات التاريخ والواقع بأننا سلالة تعشق الدين والدم لذلك فكل يوم نجد هذه الأمة تبتكر لها طريقة عجيبة بتحقيق هذه الطبيعة على الأرض غير مكترثين بما ينتج عنها من مآسي حقيقية على اجيال لاحقة تستمد منها طبيعة غير طبيعية وليست موجودة بأي سلالات بشرية موغلة بالقدم الإنساني ، أنا شخصيا عندما قرأت عن التوراة والإنجيل من باب معرفة التشابه بين تلك الكتب السماوية مع القرآن وجدت بأنها بالفعل كلها متشابه بالمضمون والهدف القاضي بتهيئة النفس البشرية لتصل للإخلاص والمحبة والتواصل الإنساني و الإجتماعي والنزاهة والنظافة و الحث على فعل الخير وإماطة الأذى عن الطريق والكثير من القيم الربانية الجميلة التي أرسلها الخالق عز وجل لكي يهذب تلك النفس النزاعة للشر ومن المؤكد بأن صحف إبراهيم و الزبور أيضا كانت تحث على تلك القيم الربانية ، وهنا ثار برأسي العنيد تساؤلات لابد من البحث عن إجابة ترضي عقليتي المتخلفة حول لماذا اختارنا الله من بد تلك السلالات البشرية لكي يرسل لنا تلك الكتب العظيمة ؟
رغم أن هناك سلالات بشرية أخرى موجودة على أرض الله الواسعة سبقتنا كثيراً! ومع ذلك كانت الكلمات الأخيرة لنبينا عليه الصلاة والسلام عميقة في معانيها صارمة في مغزاها حاسمة في مرادها اليوم أكملت لكم دينكم و جئتكم لأتمم عليكم مكارم الأخلاق وأني أخر رسل الله سبحانه وتتعالى بمعنى أن الله عز وجل ولن يرسل لكم من بعدي أي رسل أو أنبياء ، فقد انزل لكم خمسة كتب برسلها لكي يهديكم لما هو خير لكم ناهيكم عن المئات من الرسل والأنبياء و أن هذا الكتاب أخر الكتب الذي لن تأتي بعده أي رسالة لتهديكم لما هو خير لكم ، و مع الأسف نجد واقع التاريخ القريب و البعيد و الحالي نكرر به نفس الأخطاء و نرضع أطفالنا الدم و نُسقي شباب الكره و نقتل كهولنا باسم الدين ، هذه هي أمتي يا رب العالمين هذه هي الأمة التي اصطفيتها من بد كل السلالات البشرية لتكرمها بكُتبك اللاهية و لكنها أبت أن تترك عادة الدم و التي دمرتها باسم الدين ، أمة رهنت عقلها لرجل دين باع نفسه للدرهم و الدينار، أمة تعشق مُستبدها ، أمة لا تفرق بقتلها بين رجل وطفل أو امرأة وشابة ، أمة أقنعها رجال دينها و مستبديها بأن العالم كله يتآمر عليها ، أمة تسيرها عاطفتها، أمة كلما اشتد تدينها زاد فسادها، أمة تحاكم عقول مفكرها، أمة تسجن مغرديها ،أمة يخشى حاكمها من مائة وسبعين حرفا ،أمة تصرف الملاين لكي تعرف ماذا قال هذا وماذا كتب ذاك ،أمة استمرأت تغطية العقل، أمة حُكامها يطلقون عليهم غازات كيماوية و يصفقون له ومن علم بذلك اتخذ من حكمة لا أرى ولا اسمع ولا أتكلم شعارا لأجل غير معلوم ،أمة حاكمها يطلق عليها صواريخ ارض ارض لكي يسكتهم ،أمة تقول بأنها خير أمة أخرجت للناس ولكن واقعها أسوء امة أخرجت للناس، أمة تتآمر على نفسها و تلقي لوم المؤامرة على الأخريين ،أمة تلعق البسطار لكي تعيش على حساب غيرها، أمة تتخذ من السلوكيات التي تدرك بأنها ستؤذي الأخريين ويستمرون بها ،أمة تحلل السرقة و تأخذ ما لا حاجة لها به ،أمة تلعق يد حاكمها و هي تدرك بأن كاذب وينتوي لأي أحد منه الشر، أمة على مدى تاريخا لم تقدم ما يفيد البشرية سوى تصدير الدم ،أمة تعرف كيف تخون وتغدر ،أمة لا تترك مجالا إلا وطرقته بالتباهي بعدد قتلاها، أمة تقتل القتيل ثلاثة مرات ولا تشبع من دمه تقتله بمفخخة ومن ثم أثناء جنازته والثالثة في عزاه و قد تصل للرابعة في مثواه الأخير حتى ولو بعد مئات السنين ، أمة تعشق تاريخها الدموي بشكل غير مسبوق بتاريخ البشرية ،أمة تبكي وتلطم على تاريخ كل ذنبه أن سجل حادثة خلاف سياسي ليتطور لخلاف عقائدي ولازلنا نبكي على ذلك الخلاف منذ قرون طويلة ،أمة تفننت بالقتل لدرجة لم تعفي منه الصحابة المبشرين بالجنة ،أمة تبحث عن من ينتشلها من هذا الجحيم الذي بها وعندما يمد لهم يد العون تجدهم هم أول من يعض تلك اليد ويصفها بأبشع الأوصاف لا لشيء إلا لأن تلك اليد حاولت إخراجه من مستنقع الدم ، أمة مثقفيها و علمائها يتراكضون لحاكمهم بمناسبة ومن غير مناسبة لتقديم ولاء الطاعة و النفاق ليتعطف عليها بصرة من الذهب على طريقة خذ ياهذا لقد حكما لك بصرتي ذهب ،أمة تبحث عن القشور وأن وصلت للعقول توقفت بحجة الحرام وألا يجوز وداعية يحرمها وشيخ يبيحه والأخر يٌكرهها وهم يكدسون الأموال من بيع وهم لا طائل منه سوى تغيب العقل ، أمة ركنت عقولها لرجال دين هم أنفسهم ركنوا عقولهم للدراهم الحاكم ،أمة تقتل بعضها ببعض بوضع متفجر بالمستقيم وفق فتوى لكي يقتل بها مسلم أخر، أمة تفجر دور عبادتها ،أمة تقتل لكي تذهب للجنة دون المرور بحياة مليئة بالصخب والغدر والخيانة والتعب والقتل والمذلة ، أمة أن مسكها حاكم لا يخلعه إلا الموت أو الغدر به ،أمة تتقاتل سنوات وعقود وقرون ولا يخرج بها عاقل ليقول لهم الم تكتفون بالدماء التي سالت والتي لازالت تسيل ،أمة بحثت في قمامة تاريخها فلم أجد إلا قول أن أقبلت باض الحمام على الوتد و أن أدبرت بال الحمار على الأسد كتعبير عن حال من لا حل لها ،أمة تتخذ من الدين والدم شعارا ،أمة تحمل كل تلك القيم لا تستحق أن تكون بمصاف الأمم الإنسانية لذلك من المؤكد أن هناك خلل جيني بهذه السلالة التي خصها الله بكتب سماوية الرائعة الخمسة لكي يهديها بهدية ولكنها لم ولن تهتدي و واقعنا يثبت ذلك بأننا أمة دين ودم و لسنا أمة منتجة مثل بقية الأمم الأخرى الحية.
أنور الرشيد
تعليقات