حقيقة دعوة 'رفسنجاني' لإنصاف السنة.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1235 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  رفسنجاني يطالب.. بإنصاف أهل السنة

خليل علي حيدر

 

هل جاءت دعوة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في ايران، هاشمي رفسنجاني، الى «انصاف السنة» كنوع من جس النبض، أم التمهيد للسياسة المنفتحة على المنطقة العربية والخليجية التي بشر بها الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني، أم انها مجرد تصريح لتقوية مواقع السيد رفسنجاني وتركيز الاضواء عليه؟ ان اشكال التمييز والتجاهل والاهمال الحكومي لأهل السنة في ايران، وبخاصة منذ نجاح «الثورة الاسلامية» معروفة موثقة. ومن الكتب التي تناولت تفاصيل هذه العلاقة بشكل موضوعي كتاب «ايران من الداخل» للاستاذ فهمي هويدي 1988، وكتاب «اهل السنة في ايران»، الذي صدر عام 2012 عن مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي. وهناك بالطبع عدد آخر كبير من الكتب والمقالات والتقارير لا مجال لسرد اسمائها. ولا شك ان السلطات هناك قد قدمت بعض التنازلات وابدت اهتماما بالمناهج التعليمية وجوانب التقريب بين المذهبين، ولكن الفجوة لا تزال واسعة. ويتقارب عدد اقباط مصر مع عدد اهل السنة في ايران، كما يقول «هويدي»، «ومع ذلك فإن مصر عرفت في تاريخها الحديث ثلاثة رؤساء وزارات من الاقباط، ولا تخلو حكومة مصرية من وزير قبطي على الاقل، بالاضافة الى ان الحضور القبطي قائم في مختلف مواقع القيادة والادارة». (ايران..، ص360).
واهل السنة في ايران كانوا ولا يزالون عرضة للتمييز المذهبي والقومي على حد سواء، كما ان موقعهم الجغرافي لا ينفعهم كثيرا. فهم يتمركزون في اطراف ايران النائية، وينتمون في هذه المناطق الى قوميات غير فارسية، فهم مثلا اكراد، وبلوش، وعرب، واتراك، وتركمان. وبالتالي، يسهل على السلطات الرسمية تجاهلهم.
حتى المبادرات الجيدة للثورة الايرانية في مجال انصاف اهل السنة افسدتها ممارسات الاجهزة التقليدية، كما يبين الاستاذ هويدي. «فعندما اقترح الإمام الخميني وآية الله منتظري انشاء المركز الاسلامي الكبير – مركز بزرك اسلامي – لتدريس مذاهب اهل السنة في «سنندج» عاصمة كردستان الايرانية، عينت الاجهزة مديرا شيعيا لهذا المركز!! وعندما أنشأ المركز الاسلامي فروعا له بأنحاء المقاطعة يتراوح عددها بين 60 و70 فرعا، فإن مديري تلك الفروع كانوا ايضا من الشيعة. وعندما انشئت حوزة علمية لأهل السنة في سنندج، باسم مدارس الشيخ محمود شلتوت، صاحب الجهد المشهود في التقريب وانصاف الشيعة – في العالم العربي – فإن مدير تلك المدارس كان ايضا شيعيا، كما ان مسؤولها المالي والاداري كان شيعيا. المدرسون فقط هم من السنة». (ص354 – 55).
ويرى الباحث العراقي علي الحسيني، الذي قام بالتدريس في حوزة قم الدينية 2000 – 2002، ونشر عشرات البحوث المختصة بالحركات والاحزاب الاسلامية الشيعية، «ان خبرة الكاتب بعد عقد من الزمن في ايران تؤكد ان المواطنين الشيعة ممن يختلفون مع النظام الحاكم يتعرضون اكثر مما يتعرض له بعض اهل السنة». (اهل السنة في ايران، ص125).
ويضيف الباحث الحسيني انه «في ظل الانفتاح الكبير في سياسة خاتمي الداخلية شعر اهل السنة لأول مرة بعد الثورة بان الدولة تريد مصادقتهم وجرهم اليها لاعادة بناء الثقة التي هدمتها سنوات حكم المحافظين. ولم يعط اهل السنة صوتهم الانتخابي للرئيس محمود احمدي نجاد، بل للمرشح الاصلاحي «كروبي» من اجل تحقيق بعض الشروط، كإعطائهم حقوقاً متساوية مع باقي المواطنين واقامة مسجد لهم في طهران، ومنح بعض الحريات الاخرى. وحتى في الجولة الثانية عادوا واعطوا اصواتهم الى رفسنجاني، الذي حل في المرتبة الثانية بعد الاعلان عن فوز نجاد». (ص152 – 53).
وبعد الانتخابات الاخيرة التي فاز فيها الرئيس حسن روحاني، اشار رفسنجاني الذي التقى في مدينة مشهد علماء دين وائمة جمعة وجامعيين وناشطين سياسيين من اهل السنة يقطنون في شرق ايران، الى «مشاركتهم القصوى» في الانتخابات الرئاسية اخيرا، معتبرا ذلك مؤشرا الى حجم تمسكهم بالدولة وفكر الاعتدال». (الحياة، 2013/7/6).
ونقلت وكالة الانباء الرسمية الايرانية (ارنا) عن وصفه «الخلافات الطائفية بين السنة والشيعة» بأنها «آفة المجتمع الاسلامي». وطالب رفنسجاني المسؤولين بمتابعة مشاكل اهل السنة، وقال انهم «قدموا الكثير من الشهداء، سواء خلال الثورة أو الاحداث التي تلتها، خصوصا الحرب المفروضة (مع العراق)، وعلينا تأمين الظروف المعيشية لهم، بحيث تصبح – ايران – نموذجا للدولة الاسلامية».

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك