توافق التعددية أول الطرق لتحقيق المساواة.. هكذا تعتقد فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 723 مشاهدات 0


الأنباء

يسألون عن  /  الأغلبية

د. فاطمة الشايجي

 

تطمح الشعوب الى أن تعيش في سلام لتستطيع أن تزرع في الإنسانية عقيدة، وتغذي العقل بالفكر، وتجمل الروح بالمحبة، وترفه النفس بالفن، فتكون رؤية تساعدها على تنمية القدرات البشرية في مجتمعاتها وتحرز التقدم. ولكن طموحات الشعوب قد توقفت وأصبحت تصارع وتجاهد وتطالب بالسلام وتلجأ إلى منظمات دولية لتقر لها السلام بسبب ظهور تحركات لأغلبية تطالب بالتغيير في الحياة السياسية إلى ما هو أفضل لها باسم الشعب. إننا نرى أن الأغلبية لها دور بارز في زعزعة الأمن في مجتمعاتها، الأمر الذي يحتاج منا إلى وقفة لنوضح كيف ذلك؟ الأغلبية كمصطلح يستخدم ليعني أن هناك فئة عددها أكبر من فئة أخرى في شأن معين، ولكن للأسف قد أسيء استخدام هذا المصطلح، فأدى إلى انقسام المجتمع إلى قسمين، قسم منهما أكثر عددا من القسم الآخر. إن هذا التصور الخاطئ يخالف قانون الاختلاف الطبيعي بين البشر. وهناك أسباب تساعد في مخالفة هذا القانون، ففي ظل هذا التصور تصورت الأغلبية هنا في الكويت أن عددها يفوق نصف المجتمع الكويتي، وأن هذه الفئة تغنت بشعارات يطالب بها الجميع حتى ان التيارات السياسية الأخرى اتفقت معها. يضاف إلى ذلك أن المنهج الذي اتبعته الأغلبية والمتمثل في الإثارة والتجريح يوحي بأنها انطلقت اثر معاناة تكبدتها لسنين في ظلم وقهر، فكسبت تعاطف الجميع في البداية، ولا ننسى كذلك أن الإعلام له دور كبير في تثبيت فكرة أن هذه الفئة هي الأغلبية عندما يسلط الأضواء عليها ويسمح لها من باب الحرية وحرية التعبير أن تقول ما تشاء دون التأكد من مصداقية معلوماتها وأقوالها، ودون أن تعطي الفرصة للأطراف الأخرى في الظهور الإعلامي. هكذا ارتبط مفهوم الأغلبية بالحزب وأصبح الرضوخ لأوامرها ومطالبها أمرا حتميا لا مفر منه حتى وإن كانت مطالبها لا تنصف الأقليات المتناثرة أو الأحزاب أو التيارات أو التحركات السياسية الأخرى والتي إذا تم حصرها لوجدنا أن عددها يفوق الأغلبية الحزبية. إن الأخذ بالفكرة التي تقول إن الكثرة تغلب الشجاعة لا يكون صحيحا إلا عندما تكون هناك حرب أهلية بين أفراد المجتمع. ولا تكون صحيحة إلا عندما يتعرض الوطن للعدوان من الخارج. وما ينطبق على أفراد المجتمع في هذه الآونة وما تثبته الوقائع الحالية الآن يبين أنه ليس شرطا أن تكون الكثرة على حق. إن الأغلبية في الحياة السياسية لا تعني كثرة العدد وإنما تعني توافق التعددية التي أفرزتها الحرية، وهو المعنى الذي يمكن أن نطبقه عمليا في التوافق البرلماني من جميع الأطراف السياسية المشاركة فيه على إقرار قانون يخدم الجميع وفقا لقدرات أفراد المجتمع وإمكانيات المجتمع نفسه. إن توافق التعددية أول الطرق لتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع: فكيف ذلك؟ هذا ما سنعرفه عندما نعرض للمساواة في المقال المقبل.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك