'على عينك يا تاجر'.. النيباري منتقداً تنامي ظاهرة شراء الأصوات
زاوية الكتابكتب يوليو 23, 2013, 10:45 م 1002 مشاهدات 0
القبس
قلبي على اللواء العوضي
عبد الله النيباري
لا أعتقد أن أحداً دار بخلده أن ظاهرة شراء الأصوات في الانتخابات تصل إلى هذا المستوى من الاتساع والانتشار، وأن تصبح سوقاً أو بورصة مفتوحة علنا وعلى عينك يا تاجر.
صباح كل يوم أو في مسائه تفاجئنا عناوين الصحف باكتشاف أوكار جديدة وأسواق فرعية للمتاجرة بالذمم وبيع وشرائها الأصوات.
مع افتتاح أبواب الترشح كانت أول صفقة أو صفعة لبيع موقع انتخابي بين اثنين من المرشحين، باع الأول للثاني موقعه الانتخابي بما فيه حزمة ذمم 850 ناخباً بمبلغ تراوح تقديره بين مليون وثلاثة ملايين دينار، يعني «خلو رجل» لدكان انتخابي أصوله هي ذمم الناخبين.
وانتقل البائع ليكرر ما فعله إلى دائرة أخرى، يمارس فيها تخصصه في المتاجرة بالذمم. ومن الظواهر المحزنة والمخزية هي كثرة عدد النساء اللائي قبض عليهن في أوكار المتاجرة بالذمم، وكان العرف السائد في المجتمعات المحافظة الاسلامية مثل المجتمع الكويتي ان الجريمة هي اختصاص حصري للرجال.
حتى الآن تم اكتشاف ثلاثة أو أربعة أوكار في الدوائر: الثالثة والرابعة والخامسة، والحبل على الجرار، فهذا لا يعني ان الدوائر الاخرى مبرأة من هذا الفحش، بل ربما ما اكتشف حتى الآن ما هو إلا رأس جبل الثلج.
ابعاد هذه الظاهرة في غاية الخطورة، فهي تغتال حلم الكويتيين بدفع عجلة التطور الديموقراطي للوصول إلى ديموقراطية محترمة عبر انتخابات محايدة ونزيهة، تنتج برلماناً يمثل الشعب وأعضاء لديهم إرادة حرة مستقلة وذمة طاهرة ، لا أعضاء باعوا أنفسهم للممول مقدما، متعهدين بخدمة أسيادهم، ورهن مواقفهم مقابل دفع المقسوم ليحفظه في كبت «دولاب أمه».
وتكون النتيجة أننا أمام مجلس أمة في غالبيته مدفوع الثمن، وإذا وجد من بين أعضائه من المتعففين فهم سيكونون في أحسن الأحوال جزءاً من ديكور لزوم تحسين السمعة.
قضية شراء الأصوات لم تتوسع إلى هذا المدى لولا أن أبطالها أو أشقياءها خالجهم الاعتقاد وربما رافقه الاتفاق بأن الطريق مفتوح بضوء أخضر. ولذلك بدأنا نسمع عن الضغوط لطمطمة الموضوع والاحتجاج بأنكم انتم قبلتم بتمويلهم، هذا قبض 200 ألف، وذاك 300 ألف، والقبطان «الريس» قبض مليوناً، فكيف تحاسبونهم على التصرف في أموال انتم وفرتموها لهم؟!
عبث
صفقات شراء الأصوات لا تقف عند حدود العبث بالمؤسسة السياسية، فهي أيضا تغذي السلوك المنحرف وانحطاط الاخلاق والقيم وإهدار المواطنة الصالحة، ومن يتاجر بصوته، بائعاً أو شارياً، فلا يمكن أن يؤتمن، فهو على استعداد لبيع وشراء أي شيء، ذمته وعرضه، بل والأخطر من ذلك لا مانع لديه من المتاجرة بمصالح الوطن والمواطنين، وهذا ما أصبح واقعاً شاهده الاثراء المفاجئ الذي ظهر على أعضاء مجلس الأمة وأعضاء المجلس البلدي.
ولم يتوقف تخريب النظام الديموقراطي الدستوري عند حد المتاجرة بالأصوات، فهناك ظاهرة المشطوبين بسبب عدم توافر «حسن السمعة»، فقد تقدمت اللجنة المكلفة بفحص ملفات المرشحين باقتراح شطب 27 مرشحاً من بينهم أصحاب سوابق صادرة بحقهم أحكام جزائية، ومن بينهم أيضاً مجموعة من أصحاب الايداعات المليونية، لكن وزارة الداخلية اكتفت بشطب عشرة مرشحين، أيدت المحكمة الادارية استبعاد ثمانية منهم، وهذا يعني عودة أصحاب الايداعات المليونية، وهي القضية التي فجرت حالة الغضب الجماهيري في أواخر سنة 2011 وأدت إلى إقالة الحكومة وحل مجلس الأمة لسنة 2009.
هؤلاء الأعضاء عاد بعضهم في المجلس «المبطل 2» وسيعودون جميعهم أو اغلبهم على الأقل إلى المجلس القادم.
إن المجلس القادم بهذه المواصفات هو نتاج نظام الصوت الواحد، وهي نتائج صمم النظام كي يأتي بها.
بصيص من النور
في خضم هذا الركام الملوث لمسنا بصيصا من النور، وهو ما قامت به وزارة الداخلية والفريق الذي قاده اللواء عبدالحميد العوضي وكيل وزارة الداخلية للأمن الجنائي، الذين بذلوا جهودا جبارا وفق خطة حصيفة ومحكمة، استوفت الشروط القانونية بالتعاون مع النيابة العامة أدت إلى مداهمة أوكار المتاجرة بالذمم وشراء الأصوات والقبض على المشتبه بهم بالجرم المشهود، وأيضا القبض على المرشحين الذين استخدموا هذه الأوكار لشراء الأصوات واحالتهم جميعا الى النيابة العامة. وبافتراض أن العملية سوف تأخذ مسارها القانوني دون تدخل الضغوط من أعلى أو من أسفل، فإن اللواء العوضي وفريقه يستحقون من أهل الكويت الشكر والثناء، وبطبيعة الحال للمسؤولين في وزارة الداخلية، وعلى الأخص الوزير والوكيل. أقول ذلك على افتراض أن المسألة ستأخذ مداها إلى أن تصل لكشف الممولين وصناديق تمويل شراء الأصوات، التي تحدثت عنها الصحف ، خاصة جريدة الجريدة ومع ذلك يخالجني شيء من الخوف على اللواء العوضي وفريقه، وذلك بحكم التجارب السابقة في الكويت، لأن غول الفساد متغلغل في الدولة، ويحظى ان لم يكن بمشاركة السلطات فبمباركتها، حتى نكاد تصل إلى نتيجة ان الفساد هو الذي يحكم دولة الكويت. تجاربنا مع الصراع ضد الفساد تدلل على ان من تصدوا لمواجهته ومصارعته انتهى بهم الأمر لأن يكونوا ضحايا غول الفساد، من دون استبعاد التصفية الجسدية، في الوقت نفسه الذي ينجو فيه عمالقة الفساد من المحاسبة ويحتفظون بثمار سرقاتهم، والأمثلة معروفة.
لذلك أقول قلبي على اللواء عبدالحميد العوضي ألا يتعرض لما تعرض له من خاضوا المعارك ضد سلاطين الفساد.
تعليقات