عن أسباب تعثر 'الربيع العربي'!.. يكتب خليل حيدر
زاوية الكتابكتب يوليو 22, 2013, 11:02 م 1077 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / في أسباب تعثر التغيير العربي
خليل علي حيدر
حتى لو لم يعتبرها البعض «ثورات»، لأنها «لاتحمل عقائد واهدافاً واضحة»، فان ما جرى في بلدان «الربيع العربي» كان محاولة ضخمة وجهدا شعبيا جباراً لتغيير الواقع السياسي والاقتصادي في هذه البلدان.. ولكن لماذا تعثرت هذه المحاولة، او انها لا تزال تعاني الاضطراب والتراجع والانقسام وغير ذلك؟
-1 اول اسباب هذه المعاناة الدمار الذي احدثه الاستبداد السياسي والطغيان الذي دام لعقود، منذ الحرب العالمية الثانية على الاقل، في مؤسسات المجتمع المدني وقنوات العمل الشعبي وحتى الهيئات ذات المالية المستقلة.
فقد تغولت الدولة المستبدة تحت هيمنة الطاغية وزمرته، وصوردت الحريات والمبادرات وتم تدمير التعليم العام والجامعي والمناهج التعليمية، واصبحت كل الطبقات تحت رحمة غول الدولة المستبدة والقيادة الفاسدة وتمويلها الموجه.
-2 ثمة تناقش واضح تعيشه ثورات الربيع العربي. فقد قامت حركات التغيير هذه ضد الدولة الفاسدة، وهاهي تعود في كل مكان للاعتماد عليها، واحياناً على نفس الاجهزة، لانجاح الثورة والتغيير! وقد وجدت ثورات كبرى نفسها في الوضع نفسه الى حد ما، مثل الثورة الروسية 1917، وغيرها ولابد من الاسراع في تشجيع المؤسسات الاهلية والاقتصاد الحر والشركات الاستثمارية والمؤسسات الاعلامية على بناء الواقع الجديد ثمة تغيير سياسي راديكالي ضخم لايزال يدار بعقلية روتينية هذا ما يؤكده «خالد تليمه»، من قيادات شباب ثورة يناير في مصر، الذي يشتكي من ذهنية بعض مؤسسات الدولة التي كان لابد ان تتغير في ظل هذه الموجة من الثورة، «وان تدرك ان ما اندلع في 25 يناير حتى الآن هو ثورة مدنية غرضها الرئيس هو بناء دولة حديثة وعصرية. ولتحقيق هذا، لابد ان تغير المؤسسات من نفسها، مثلاً لابد ان يقدم الجيش تنازلات – عن اشياء – كان يحوزها منذ عام 1952 بقاء الحال على ما كان عليه قبل ثورة يناير دفع كثيرين من المصريين لان يشعروا بالاسف على رحيل مبارك» (الشرق الأوسط 2013/6/30).
-3 اصطدمت احلام الثورة بجدار الاسلام السياسي بأحزابه الدينية واجندته المغايرة وقياداته العتيقة وأفكاره المعادية للعصر وللحداثة والتغيير وكانت مصر مثلاً على مدى ثمانية عقود في صراع مع الاخوان المسلمين ثم اضيف لهم الآن تيار سلفي يزايد على تدين الاخوان، ويعتبرهم ممن فرطوا في العقائد والممارسات! وتتميز الاحزاب الاسلامية عادة بأنها توسعية تسلطية ومعادية لليبرالية، كما ان في مقدمة من تتسلط عليهم المرأة والاقليات ومؤسسات الفكر والتعليم التوجيه واذا اخذنا في الاعتبار الهامش العريض للفقر والأمية والمخاوف الدينية والسياسية في العالم العربي فإن الاحزاب الدينية ستجد في هذه الدول ارضية خصبة لفترة قد تطول، حتى لو همشتها بعض القوى والظروف مؤقتاً. مشكلة المصريين مثلاً يقول خالد تليمه، «انهم غير قادرين حتى الآن على الفصل بين قوى سياسية تقدم خطابا سياسياً، وقوى دينية تقدم خطاباً دينيا وتمارس السياسة تحت ستار هذا الخطاب الديني»، ومن هنا، فان «عدم الفصل بين ما هو سياسي وما هو ديني امر خطير ومهم، ويعرقل طموح الشباب في التحديث والتغيير»، فالشباب يريدون دولة عصرية.. ولااخوان والسلف «النظام الاسلامي» و«الخلافة».
-4 لكي تحدث هذه الثورات التأثير التجديدي المأمول، لابد ان تقودها قدرات اقتصادية ومالية عصرية جديدة قوى مشكلة من هيئات وشركات وشخصيات من داخل النظام السياسي وخارجه، ومن القطاع الخاص والعام، ولكن اين هذه القيادات؟! والخوف كل الخوف من ان تسترد قوى الفساد والتسلط مواقعها تدريجياً، وتتحالف بشكل ما مع الاحزاب الاسلامية وغيرها، ويتم اجهاض التجربة وادخالها في مسارات مسدودة، فلكي تنجح حركات التغيير العربية لابد من اقامة الاقتصاد المنتج وبناء الصناعة والاستثمار على الاقتراض الدولي والمساعدات الخليجية والتحويلات الخارجية الريعية.
باختصار، كما يقول «محمد أبو حامد» رئيس حزب حياة المصريين، في حديثه عن التطورات الحالية: «هناك أمران يسيران جنباً الى جنب حتى الآن، اذ يوجد ما يدعو للتفاؤل.. ويوجد ما يدعو للقلق»!
تعليقات