تحشيش بصنف مضروب في الـ'BBC'!.. بقلم جعفر رجب
زاوية الكتابكتب يوليو 21, 2013, 10:29 م 3200 مشاهدات 0
الراي
تحت الحزام / تحشيش في الـ'BBC'
جعفر رجب
لو نسأل، ماهي أكثر الاذاعات مصداقية؟ اتصور ان الغالبية ستجيب انها اذاعة الـ «BBC» العربية معتمدين على ارث قديم، وتاريخ عريق، ومقارنة قديمة بين الاذاعات العربية والـ «BBC»، دعونا من الماضي و75 سنة من عمر الاذاعة، ولننتقل الى الحاضر والاذاعة الاكثر صدقية في نظر المستمع، والاكثر «تحشيشا» بصنف مضروب، في نظري!
تتابع نشرة الاخبار الرياضية، وتسمع المذيع معلقا «والآن مع الخبير في الاتحاد الدولي للتنس لعرض اهم النتائج» طبعا امام هذه المقدمة تتخيل انه سيحدثك ان علاقة التنس الارضي بالصراع على الماء في الشرق الاوسط، او دور رئيس وزرائنا في صراع القبائل في جنوب السودان، الا ان الخبير يكتفي بالتعليق «وفازت سيرينا وليامز ستة تلات وستة اتنين».
دعونا من الرياضة، وعن كوارث النقل والاخطاء على الهواء، وتلاعب المذيعين بالاحرف العربية، وركل حرف الذال والثاء، ولنتحدث عن الاخبار السياسية في هذه الاذاعة العريقة.
ننتقل الى مصر، كانت هناك ثورة ثم دولة ثم تمرد ثم انقلاب...مظاهرات، واعتقالات، ومحاكمات، وقتلى، ووضع معقد...ومراسل الـ«BBC» في مصر فانه قام بتحقيق عبقري، يدور حول سؤال واحد «هل الاعتصامات التي يقيمها الاخوان تضايق سكان الحي ام لا؟ الاخ العبقري ترك كل بلاوي المحروسة، ليتحدث مع الناس المتضايقين من المظاهرات والاعتصامات، وكأنها المرة الاولى التي تقام فيها المظاهرات والاعتصامات في مصر، ولكنه تحشيش بصنف مضروب، لا يمارسه الا العربان في الاعلام، وهي ممارسة الحيادية بطريقة استهبالية.
أما التحشيش الاصلي فهي اخبارها عن سورية، بكل ثقة مذيع الـ «BBC» في لندن، يتصل على مدير المرصد السوري في لندن، ليسأله عن آخر المستجدات في سورية!
اذاعة عريقة بمئات المراسلين والمخبرين وخلفها جهاز دولة كاملة تعتمد على شخص اسمه «رامي» ساكن في الشارع المقابل لمبنى الاذعة، ليأتيهم بأخبار سورية...المهم الاخ رامي «ما يقصر» معهم يبدأ تقريره «اليوم تم قطع خطوط الهاتف وخدمة النت من جميع انحاء سورية» مع ذلك يكمل تقريره «وقتل اليوم خمسة من الجيش في حلب، وتسعة من المعارضة في حمص، وطفلان ونصف، وحرق مزرعة بسبعة خرفان وثلاث قطط، وتدمير مدرعة رقمها 3456ج، وسرقة دراجة هوائية لونها اصفر...» بعدها يختم المذيع جلسة التحشيش المستمرة لعشر دقائق، بمقولته الخالدة «ولم يتسن لنا التأكد من الاخبار»، وتتساءل، ما هذه الاذاعة التائهة التي تنشر اخبارا هي لا تعترف بصحتها!
المرض ليس في الـ «BBC» فقط، بل هي حال الاعلام العربي بصورة عامة، وحتى لو ختم على قفاه بوسم ماركة اجنبية، تظل العقلية الاستعلائية التي تتصور بأن المتلقي غبي ولا يفهم، وتتصور بأن المتلقي لا يسمع الا صوته، وتتصور بأن المتلقي سيصدق كل ما يقولونه مترسخة في ذهنها، حالهم من حال أي مؤسسة اعلامية عربية «دايخة» تعيش وهم العبقرية، رغم الغباء الظاهر على جبهتها!
الـ «BBC» العربية رغم عمرها الذي تعدى الـ75 سنة، الا انها ما زالت تتصرف كمراهقة... تجعلك تتساءل دائما عن نوعية الصنف الذي يستخدمونه!
تعليقات