دراسة حديثة: دول الخليج تحتاج للنمو خارج نطاق النفط لتحقيق الرخاء في المستقبل
الاقتصاد الآنأعدتها 'مؤسسة الخليج للاستثمار' بالتعاون مع 'كونفرنس بورد'
يونيو 11, 2008, منتصف الليل 434 مشاهدات 0
تتسـم مستويات الإنتاجية في اقتصاديات منطقة الخليج العربي بأنها متواضعة أو متدنية مقارنة بمناطق أخرى في العالم، كما أن الاعتماد الزائد علي النفط والغاز يشكل تهديدا لمستقبل النمو الاقتصادي في المنطقة، وذلك بحسب دراسة حديثة حول منطقة الخليج صدرت اليوم عن مؤسسة 'الكونفرنس بورد'، وهي منظمة للأبحاث والأعمال العالمية، بالتعاون مع 'مؤسسة الخليج للاستثمار'.
وتظهر الدراسة، التي جاءت بعنوان 'النمو خارج نطاق النفط'، أن معدل الإنتاجية في الساعة الواحدة قد تراجع نسبياً (بمعدل 0.2%) في دول مجلس التعاون الخليجي بين عامي 2000 و2007 ، وذلك بعد استثناء قطاع النفط والغاز. وتحذر الدراسة من أن الاعتماد المبالغ فيه على الموارد الطبيعية الناضبة يشكل أساساً واهياً لا يمكن الاعتماد عليه لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بل سيؤثر سلباً على بقية القطاعات الاقتصادية، مثل قطاعي التصنيع عالي الإنتاجية والخدمات المالية، في الوقت الذي يتم فيه إنفاق الكثير من عائدات النفط والغاز على قطاع البناء والعقارات الذي يتميز بإنتاجية منخفضة، والذي يعطي انطباعاً ظاهرياً بالرفاه الاقتصادي.
وبالتالي، إذا ما أرادت المنطقة تحقيق ارتفاع في مستويات المعيشة لسكانها على المدى البعيد، فإنه لا بد لها من التغلب على المعوقات المؤسسية (التي تحول دون الاستخدام الأمثل للموارد بهدف زيادة الإنتاجية)، كما أن عليها إتباع سياسات تؤدي إلي التركيز علي الكفاءة والمهارة في سوق العمل، وذلك لضمان تزويد هذه السوق بقوة عاملة مؤهلة وفاعلة وطنية أو خارجية.
ومع أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتعت بنمو اقتصادي مرتفع في السنوات الماضية، بمعدل 5.1 % سنوياً منذ عام 2000، إلا أن ذلك يعود إلى الزيادة في القوة العاملة (خاصة المستوردة) ولا يعكس زيادة في الإنتاجية. فقد ارتفع معدل الإنتاج بالساعة (مع احتساب قطاع النفط والغاز) منذ عام 2000 بنسبة ضئيلة بلغت 1% سنوياً، وهذا أقل بكثير مما حققته الهند (4.9%) والصين (10.5%)، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية (1.4%) وأوروبا (1.5%).
ويلاحظ وجود فروق ملحوظة في أداء الإنتاجية بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشهد الدول الخليجية الأصغر والأكثر تنوعاً (البحرين 5.1%، وعُمان 4.1%) أداءً أفضل من مثيلاتها التي تظهر اعتماداً أكبر على الموارد الطبيعية كالنفط والغاز (الإمارات -0.1%، والسعودية 0.8%، والكويت 1.3%، وقطر 1.8%).
وتشير الدراسة إلى مواطن الخلل في سوق العمالة وأيضا انخفاض الكفاءة التشغيلية والتي تؤدي إلي تلاشى أي مكاسب يتم تحقيقها جراء التقدم التقني. وعلى الأخص، فإن الافتقار إلى الكوادر البشرية الماهرة في المنطقة يشكل التحدي الأكبر أمام نمو الإنتاجية على المدى البعيد.
وقال بارت فان آرك، كبير الاقتصاديين في 'كونفرنس بورد'، والمؤلف الرئيسي للدراسة: 'إن سجل الإنتاجية المخيب للآمال يطغى على الأداء الاقتصادي الإيجابي الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي. ويكمن الخطر الحقيقي في أن هذه الدول ستغدو عاجزةً في المستقبل عن تطوير الخبرات المحلية الضرورية أو استقدام العدد المناسب من الخبرات الخارجية في ضـوء الاختلالات الحالية في سـوق العمل. وعليه، فإن المنطقة بحاجة إلى معالجة العديد من المسائل في آن معاً، وذلك من خلال تنويع مصادر الدخل بمعزل عن إيرادات النفط والغاز، من خلال إيجاد فرص عمل جديدة ذات إنتاجية جيدة تهدف إلى بناء أساس متين يمكن الاعتماد عليه في تحقيق التوسع الاقتصادي مستقبلاً'.
من جهته، قال هشام الرزوقي، الرئيس التنفيذي لـ'مؤسسة الخليج للاستثمار': 'يمثل النفط مورداً طبيعياً قابلاً للنضوب، كما أن حياة الأمم لا تقاس بعقود من الزمان. لذا، تحاول هذه الدراسة تحديد المعوقات التي من شأن إزالتها أن تتحسن الإنتاجية وأن تتحقق تنمية مستدامة في المنطقة. كما تبين الدراسة أن الوضع الراهن لا يشكل وضعاً يمكن أن يستمر، لأن المنطقة ستواجه أوقاتاً عصيبة في سعيها لتحقيق النمو المستدام للأعداد المتزايدة من السكان في المستقبل'.
وتحدد الدراسة سيناريوهات بديلة يطرح كل منها خياراً مختلفاً للسياسات الواجب اتباعها، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة لكل سيناريو بحلول عام 2020. وتركز هذه السيناريوهات في مجملها على أن الجمع بين إطار مؤسسي متطور مع سوق عمل أكثر كفاءة من شأنه أن يجعل المنطقة من أسرع الاقتصادات الناشئة نمواً ويتيح لشعوبها تحقيق تطورات هامة في مستويات المعيشة. ولكن إذا ما بقي الوضع على ما هو علية، فإن ذلك سيعني تدهوراً اقتصادياً نسبياً مقارنة مع بقية مناطق العالم، وركوداً في مسـتويات المعيشة مع احتمال زيادة التوترات الاجتماعية في المسـتقبل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تعد جزءاً من برنامج أبحاث متكامل يجريه مركز 'كونفرنس بورد' بالاشـتراك مع 'مؤسسة الخليج للاستثمار' حول قضايا الإنتاجية والأداء والتقدم في منطقة الخليج العربي. وتعمل 'مؤسسة الخليج للاستثمار'، التي تتخذ من الكويت مقراً لها، على افتتاح مكاتب لها في دول مجلس التعاون الخليجي، علي أن تشمل المرحلة الأولي كل من: المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر.
تعليقات