الأميركان خسروا الرهان على الإخوان.. برأي النيباري

زاوية الكتاب

كتب 990 مشاهدات 0


القبس

الأميركان خسروا الرهان على الإخوان

عبد الله النيباري

 

بعد نجاح د. محمد مرسي في انتخابات الرئاسة بفضل أصوات الوطنيين، الذين منحوه إياها ضد أحمد شفيق لا حباً فيه، ورفعوا ما حصل عليه من 5 ملايين صوت في المرحلة الأولى إلى 13 مليون صوت في المرحلة الثانية متفوقاً على منافسه.

بعد ذلك مارس الأميركان ضغوطاً على المجلس العسكري، آنذاك، لنقل السلطة وتسليمها بكامل الصلاحيات للرئيس المنتخب مدنياً.

وتوالت بعد ذلك زيارات الزعماء الأميركان من هيلاري كلينتون إلى خليفتها وزير الخارجية جون كيري، وكانت فلسفة الأميركان في المراهنة على الإخوان أن توليهم الحكم والإدارة السياسية لبلد بحجم مصر سيجعل منهم قوة معتدلة في مواجهة قوى الإرهاب الإسلامية المتطرفة من جهاديين وفروع القاعدة، لعلها تحد من أنشطتهم التخريبية، التي عانت منها أميركا والدول الغربية الأخرى.

وكان أمل الأميركان أن يقتدي الإخوان في مصر بنموذج حزب العدالة في تركيا، الذي حقق استقراراً مع بقائه حليفاً لأميركا والدول الغربية.

وما كانت تريده أميركا من الإخوان في مصر هو ترويض القوى المتطرفة وإبقاء علاقات ودية وصديقة مع أميركا، والمحافظة على أمن إسرائيل بالالتزام باتفاقيات كامب ديفيد، وقد لبى مرسي وجماعته هذه المطالب وأهمها الالتزام بما سمي باتفاقيات السلام مع إسرائيل، وأوفوا بشروط هذا الدور عندما لعبوا دوراً مهماً في الضغط على حماس في غزة للامتناع عن إرسال الصواريخ إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل في اتفاق إيقاف الحرب، التي شنّتها الأخيرة على غزة، وقد بقي هذا التعهد صامداً منذ ذلك الوقت.

ولكن مشاكل الإخوان بدأت تتراكم نتيجة لتنفيذ مخططهم في الهيمنة والاستحواذ على الدولة والتحكم في مفاصلها، بدءاً بإصدار الإعلان الدستوري، الذي حصّن فيه مرسي قراراته وقرارات مجلس الشورى من أحكام المحكمة الدستورية، التي كانت تنظر في مسألة حل مجلس الشورى بعد أن أصدرت حكماً بإبطال مجلس الشعب.

ومع حدة الأزمة الاقتصادية وحاجة مصر إلى المساعدات الدولية، وعلى رأسها مساعدة صندوق النقد الدولي، الذي ما زال توقيع الاتفاقية معه مؤجلاً حتى الوقت الراهن، حاول جون كيري في زيارته الأولى إقناع د. مرسي بالانفتاح على القوى السياسية الأخرى وإشراكها في الحكومة، لكي تتمكن من تحقيق الاستقرار وتشجيع قدوم الاستثمارات والمساعدات الخارجية، بما فيها صندوق النقد الدولي، إلا أن مرسي ظل صامتاً في تلك المقابلة لم يعط جواباً وكان ذلك الصمت علامة عدم القبول. يرى المراقبون أن ما حاق بالإخوان ما هو إلى حصاد إمعانهم في الاستعجال في أخونة الدولة واستعداء كل القوى الأخرى، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية إلى الدرجة التي أوصلتها إلى كل بيت بعد أزمة المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وندرة المحروقات وارتفاع الأسعار حتى على الخبز.

لم يرتدع الإخوان ولم يحسنوا قراءة معالم الأزمة التي تكبر وتتضخم، واستمروا في ملاحقة الآخرين من قضاة وإعلاميين ومثقفين وفنانين، مما زاد من حدة الاحتجاج في ربوع مصر وتكرار الإضرابات وخسارتهم في الانتخابات النقابية والاتحادات الطلابية، إلى أن انفجر الغضب بظهور حركة «تمرد» التي جمعت أكثر من 22 مليون استمارة، تطالب بتنحي مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأدت إلى انفجار حركة الاحتجاج في 30 يونيو، التي نزلت فيها جماهير الشعب المصري إلى الميادين بكثافة غير مسبوقة عمت كل محافظات مصر ومدنها، وفاقت أعداد المتظاهرين عشرين مليوناً.

مرة أخرى لم يحسن الإخوان قراءة هذه الأحداث وتعاملوا معها بتعال وغرور، وأدى ذلك إلى ما نحن فيه الآن، والإطاحة بحكم الإخوان.

وما أثار مخاوف المصريين وفجّر ثورتهم التصحيحية هو أن استمرار حكم الإخوان لن يؤدي إلى انتخابات حرة مرة ثانية، فالإخوان بعد أن وصلوا إلى مقصورة الرئاسة والحكم بواسطة سلم الانتخابات رفعوا السلم، ولن يكون هنالك انتخابات حرة ونزيهة قد تؤدي إلى تبادل السلطة، وهو ما يسميه المصريون ديموقراطية مرة واحدة لن تتكرر.

الآن، المخطط الذي يطرحه الإخوان، وبدأت بوادره بالظهور من على جسر 6 أكتوبر، هو التهديد باستخدام العنف، رافعين شعار «إما نحن وإما الطوفان»، إما أن نحظى بالسلطة وإما أن نحرق البلد.

وبدلاً من أن يكون الإخوان قوة ووسيلة لاحتواء العنف وإطفاء نار الإرهاب، فإنهم يهددون اليوم بإشعال ناره، كما جاء في خطابات زعمائهم التحريضية بقولهم «استعدوا للقتال والشهادة، وانفروا فرادى وجماعات، وقتلاهم في النار وقتلانا في الجنة، وسنعلقهم من أرجلهم كالدجاج وسنسحقهم».

وهكذا يعود الإخوان إلى سلوكهم الإرهابي القديم الذي نشأوا عليه، ما يعني خسارة رهان الأميركان على الإخوان.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك