الابتكار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية بقلم حياة سندي
الاقتصاد الآنيوليو 9, 2013, 1:25 م 993 مشاهدات 0
الابتكار الاجتماعي أسلوب حديث يمكنه أن يحل الكثير من المشكلات الاقتصادية في البلدان الفقيرة إذا توافر له الدعم المادي المناسب من منظمات الإعانة الدولية. كما أنه يقدم استراتيجيات فريدة من نوعها تسهم بفعالية أكبر في الاستفادة من الدعم المادي. وحظي في الآونة الأخيرة بانتشار وقبول واسعين وأصبح يحفز التجارة في جميع القطاعات والبلدان حول العالم. ويهدف الابتكار الاجتماعي إلى الاستفادة القصوى من القيم التي تتمتع بها مجتمعاتنا وتقديم الدعم لأولئك الذين يساعدون المجتمعات على الازدهار. وتعتبر أوروبا واليابان والصين من أكثر المناطق حول العالم التي تطبق الابتكار الاجتماعي بنسبة كبيرة في مجتمعاتها. وخصصت الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا وغيرها من الدول مثل الهند دعما بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي للابتكار الاجتماعي.
ُعرّف الابتكار الاجتماعي على أنه استراتيجيات وأفكار ومفاهيم وأنظمة جديدة تسعى إلى تعزيز عمل مؤسسات المجتمع المدني من خلال تلبية الاحتياجات الاجتماعية أولاً مثل تطوير بيئة العمل والمجتمع وقطاعي التعليم والصحة.
ظهرت فكرة الابتكار الاجتماعي لأول مرة في العصور القديمة على يد ثلة من الرواد الاجتماعيين من أمثال بنجامين فرانكلين Benjamin Franklin وروبرت أوينRobert Owen. وكان بيتر دراكر Peter Druker ومايكل يونجMichael Young مؤسسا الجامعة المفتوحة، وبعض المفكرين الفرنسيين مثل بيير رسونفالونPierre Rosnvallon. وظهرت مرة أخرى في جامعات أمريكية كثيرة مثل جامعة هارفارد وجامعة كورنل في فترة التسعينيات. لقد كان الوقت مناسباً جداً آنذاك لإثارة مشكلات الدول غير النامية والشروع في صناعة رواد الابتكار الاجتماعي.
لقد حقق الابتكار الاجتماعي نتائج مذهلة من حيث تلبية احتياجات الناس. وخير مثال ما حققته ويندي كب Wendy Kopp التي أسست مؤسسة تيتش فور أمريكا أو ''علّم من أجل أمريكا''، وهي مؤسسة لا تستهدف الربح وتسعى إلى تطوير التعليم في الأحياء الفقيرة في الولايات المتحدة. ثم بزغ رائد آخر يُدعى محمد يونس وهو الذي ابتكر برامج تمويل المشاريع الصغيرة لفقراء بنجلاش ثم جاء البروفيسور ديفيد إيلرمانDavid Ellerman الذي يمتلك خبرة كبيرة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والبروفيسو أنيل قوبتا Anil Gupta الذي راح يجول في مناطق الريف الهندية ويسجل الأفكار الابتكارية للفقراء من أجل ترويجها وإيجاد حل لمشكلاتهم.
ومن الأفكار الابتكارية التنموية الأخرى مشروع ''تليفون القرية'' الذي يسمح للقرويين في بنجلادش بالتواصل مع بعضهم بعضا عن طريق الهاتف الجوال. وهناك مشروع مؤسسة جيتس الخيرية الذي يقدم خدمات تمويلية متنقلة داخل البلدان غير النامية، إضافة إلى خدمات الرسائل النصية للتوعية بمخاطر فيروس نقص المناعة المكتسبة ''الإيدز''. وهناك النظام الشمسي ذو التكلفة الميسورة لسكان المناطق الريفية، والمنتجات المحمولة من ''جنرال إلكتريك'' المخصصة للرعاية الصحية للمواليد في المناطق الريفية.
هناك فرص أخرى للابتكار الاجتماعي من شأنها أن تساعد مجتمعاتنا الدولية أكثر إذا ما نُفذت بالاشتراك مع الصندوق السعودي للتنمية، الذي ربما يُعد أكبر جهة لتقديم الإعانات في العالم. حينها يمكن تنفيذ أفكار للابتكار الاجتماعي التي تساعد على تسريع وتيرة التنمية المدنية في إفريقيا وآسيا والبلدان المحرومة الأخرى. وهناك فوائد كثيرة للابتكار الاجتماعي منها ما يلي:
(1) السماح للموهوبين الذين لا يمكلون مؤهلات بإبداء رأيهم في المجتمع.
(2) تحفيز الشباب وكبار السن وإضفاء معنى لحياتهم.
(3) توفير آلية لتحسين المستويات المعيشية للفقراء.
(4) توفير نماذج تجارية لتغيير مستوى الحياة جذرياً.
(5) استخلاص القيمة الاقتصادية الفعلية من العلاقات الاجتماعية.
(6) إضافة عنصر اجتماعي مهم للعلوم والتكنولوجيا من أجل أن يلائم المنتج الاحتياجات بصورة رائعة.
(7) إحياء الممارسة القديمة للابتكار الاجتماعي.
(8) توفير قالب تجاري لتجديد الخدمات القديمة.
(9) التقدم والتطور بصورة كافية من أجل جني ثمار الابتكارالاجتماعي والاعتراف به بصورة موضوعية.
(10) تعزيز الاحترام وتقليل الجرائم.
(11) منح أمل ومعنى لحياة كل شخص.
(12) عودة الناس للعمل.
لذلك فإن وجود شراكة بين الابتكار الاجتماعي والصندوق السعودي للتنمية سيحقق نتائج رائعة، ولا سيما إذا أصبح الابتكار الاجتماعي جزءا من خريطة طريق من أجل التغيير. فهذه الشراكة لن تساعد فقط على تحقيق أهداف الصندوق، لكن أيضاً ستزيد من قدرتنا على الاستمرار في الابتكار الاجتماعي من خلال القروض والمنح التي ستصل بسرعة إلى رواد أفكار الابتكار الاجتماعي أو وكلاء التغيير كما يُطلق عليهم أحياناً.
سيشتمل جزء من هذه الخطة على دراسة حول الابتكار الاجتماعي لمعرفة نوع الابتكار المناسب لهذه المجتمعات المحرومة وتحديد المؤسسات التي نستطيع أن نعمل معها. وحينها يستطيع رواد الابتكار الاجتماعي التركيز على القيم لدعم مشاريع التنمية المذهلة التي من شأنها أن تساعد مجتمعنا الدولي.
وغني عن البيان أن التعليم هو الخطوة الأخرى الحاسمة في دفع العملية للأمام، فمبادئ الابتكار الاجتماعي تُدرس في جامعات كثيرة في أمريكا وأوروبا على مدى السنوات العشر الماضية ويمكن تدريسها في مدارس وكليات وجامعات داخل مجتمعاتنا.
إن الصندوق السعودية للتنمية هو أحد أكبر مصادر التمويل التي يمكنها مساعدة إفريقيا وآسيا، وصنع فرق في المجتمع الدولي. وأيضا يمكن أن تتبناه مؤسسات محلية لفائدة مجتمعنا، لذلك فقد آن الأوان لتضافر الجهود وممارسة الابتكار الاجتماعي في مجتمعاتنا. نحن محظوطون أن هناك دولا جربت هذا الأسلوب ونجحت، لذلك فإن تطبيقنا الابتكار الاجتماعي سيحقق لنا مكاسب جمة بينما لن تنطوي عليه مخاطر عديدة لأنه سبق تجربته في مجتمعات أخرى.
إن فكرة الشراكة المطروحة بين الابتكار الاجتماعي والصندوق السعودي للتنمية ستجعلنا قادرين، خلال السنوات العشر القادمة، على تحويل حياة كثير من الناس في المجتمع الدولي إلى الأفضل. وغني عن القول إنه لو تم النجاح في هذا الحقل، فإن مؤشرات النجاح محليا ستكون أكبر، إن ما نحتاج إليه هو خريطة طريق مناسبة للمنح والقروض الميسرة لتنفيذ أفكار الابتكار الاجتماعي. وعندما تتحقق مثل هذه الشراكة سنكون قد وضعنا حجر أساس قويا لما فيه مصلحة كوكبنا.
تعليقات