كيفية قراءة البيانات المالية للبنوك بقلم فهد الحويماني
الاقتصاد الآنيوليو 9, 2013, 12:56 م 1461 مشاهدات 0
لمن يرغب في الاستثمار في أسهم البنوك عليه معرفة طريقة تحليل بياناتها المالية؛ كونها تختلف كثيرًا عن طريقة تحليل أداء الشركات، والسبب يعود لاختلاف عمل البنوك عن عمل الشركات، واختلاف مفاهيم المبيعات والأرباح في البنوك عن الشركات. في هذه المقالة التعريفية نقوم باستعراض أهم مؤشرات الأداء للبنوك السعودية وكيفية تحليلها.
عندما ننظر إلى العمل الرئيس لأي بنك نجد أنه يتمثل في الحصول على ودائع العملاء (مقابل فائدة نقدية أو من دونها)، ومن ثم إقراض تلك الأموال للأفراد والمؤسسات مقابل فائدة محددة، لذا فلا توجد لدى البنك مبيعات بالشكل المتعارف عليه في الشركات، بل إن أقرب شيء لمفهوم المبيعات في البنوك هو أولًا الإيرادات المتحققة من الفوائد على القروض- التي تسمى العمولات الخاصة في البنوك السعودية- وثانيًا إيرادات الخدمات البنكية التي تتقاضاها البنوك كرسوم مقابل حوالات مصرفية وأرباح مقابل تحويل عملات أجنبية وما شابهها، ونجد أن إيرادات الخدمات البنكية في البنوك السعودية تعادل نحو ربع إيرادات العمولات الخاصة، إلا أنها مهمة جدًّا لكونها تظهر تميز بنك عن آخر من خلال الحصول على إيرادات إضافية بطرق مبتكرة لتنويع مصادر الدخل لديه.
أما بالنسبة لأرباح البنوك فهي تحسب بخصم تكاليف العمولات الخاصة (أي الفوائد التي تدفعها البنوك للعملاء) من إجمالي الإيرادات، وخصم بقية التكاليف، كرواتب الموظفين وإيجارات المباني والاستهلاكات والمصروفات العمومية والإدارية، وكذلك خصم مصروف آخر مهم يسمى مخصص خسائر الائتمان للوصول إلى صافي دخل العمليات (أو صافي الربح). تكمن أهمية مخصص خسائر الائتمان في أنه يشير إلى جودة القروض التي يمنحها البنك من حيث مقدرة العملاء على السداد. فإذا كان البنك متساهلًا جدًّا في منح القروض، ويقوم بتوظيف الودائع بشكل نشط، فإن ذلك بلا شك سيرفع من إيرادات البنك، ويجعله في موقع تنافسي قوي مع بقية البنوك. لكن ذلك يتوقف على قيام العملاء بالسداد، وإلا فسيتحمل البنك خسائر كبيرة مقابل هذه القروض المشكوك في تحصيلها، لذا يقوم البنك بتخصيص نسبة من إجمالي قيمة القروض على أنها خسائر متوقعة، وتظهر في قائمة الدخل كمخصص خسائر ائتمان. وفي الغالب لا تتجاوز هذه النسبة 1 في المائة من إجمالي القروض، لكن عندما تزداد على ذلك يجب مراعاة ذلك في عملية التحليل. كذلك يجب الانتباه عند تفسير هذه النسبة، حيث إن الهدف منها أن يقوم البنك بوضع نسبة معقولة للخسائر المتوقعة، لا أن يجعلها متدنية جدًّا فيرفع من قيمة صافي الربح بشكل وهمي، ولا أن تكون عالية جدًا فتدل على سوء إدارة القروض لدى البنك. إذن الأفضل لهذه النسبة عند تحليل قوائم أي بنك أن تكون قيمتها قريبة لما هو معمول به في بقية البنوك.
أما فيما يخص قائمة المركز المالي للبنك، فينظر أولًا إلى إجمالي الموجودات، التي تشمل إجمالي القروض التي قدمها البنك للعملاء، وإجمالي الاستثمارات التي قام بها مثل شراء السندات والأسهم لمصلحة البنك، وغيرها من أصول ثابتة. وطبيعي أنه كلما استطاع البنك استقطاب المزيد من ودائع العملاء، فإن ذلك يصب في نهاية الأمر في أرباح البنك، متى تم توظيفها بشكل سليم. وبينما يسعى البنك إلى استقطاب أكبر قدر من الودائع، إلا أن هناك حدودا لا يستطيع تجاوزها، منها أن نظام البنوك السعودية يمنع زيادة الودائع على 15 ضعف رأسمال البنك زائد الاحتياطيات. لذا فإن هذا أحد أسباب سعي البنوك لزيادة رؤوس أموالها بشكل مستمر، وإلا ستضطر إلى إبقاء نصف قيمة الودائع الزائدة لدى مؤسسة النقد، التزامًا بنظام مراقبة البنوك.
ومن أكثر المؤشرات أهمية في أداء البنوك هناك ملاءة البنك، أو كفاية رأس المال، التي يجب ألا تقل عن 10 في المائة من أصول البنك، وذلك بحسب تعليمات لجنة بازل للرقابة المصرفية. والهدف من هذا التنظيم هو التأكد من أن البنك لا يقوم بالتوسع في القروض والاستثمارات دون أن يكون هناك ما يكفي من رأس المال لتغطية أي خسائر محتملة. واختلفت طريقة تحديد هذه النسبة في السنوات الماضية، إلا أنها حاليًّا مبنية على جمع رأس المال الأساسي والإضافي كالأرباح المتبقاة والاحتياطيات وقسمة ذلك على الأصول، مع مراعاة مستوى الخطورة في كل أصل من الأصول. وتتمتع جميع البنوك السعودية بمعدلات ملاءة عالية تفوق 15 في المائة من الأصول، ويعتبر ذلك جيدًا مقارنة بالبنوك الأجنبية، ومع زيادة رؤوس أموال البنوك في السنوات الأخيرة فإن هذه النسبة في تحسن مستمر.
ربما أهم رقمين ينظر إليهما عند تحليل أداء البنوك هما مقدار الأصول ومقدار ودائع العملاء. والأصول تشمل المبالغ النقدية لدى البنك وتلك المودعة لدى مؤسسة النقد، وكذلك الاستثمارات التي قام بها البنك والقروض التي منحها، إلى جانب أصوله الثابتة. أما ودائع العملاء (الخصوم) فهي المبالغ التي قام الأفراد والشركات بإيداعها لدى البنك سواء بفائدة أو من دونها. في عام 2012 كانت أكبر أصول لدى البنك الأهلي بمقدار 345 مليار ريال، ومن ثم شركة الراجحي بمقدار 267 مليار ريال ومجموعة سامبا بمقدار 199 مليار ريال. أما بالنسبة لرأس المال، فهناك ثلاثة بنوك رأسمالها 15 مليارا، وهي البنك الأهلي وشركة الراجحي وبنك الرياض.
وكما ذكرنا أن الإيرادات التي يحققها البنك من مصادر أخرى غير الفوائد البنكية لها أهمية عالية، حيث إنها تشير إلى قدرة البنك على تحقيق إيرادات إضافية لقاء ما يقدمه من خدمات، فنجدها دومًا عالية لدى شركة الراجحي؛ نظرًا لعدم وجود فوائد على الأموال المودعة، فتحسب معظم إيرادات البنك على أنها بلا تكلفة. كذلك ينظر عادة إلى نسبة القروض من الودائع التي تدل على مقدرة البنك على توظيف ودائع العملاء بشكل جيد، وبها يتميز بنك عن آخر. ويقارن الأداء من بنك إلى آخر حسب المؤشرات التقليدية كالعائد على الأصول، حيث لا يكفي أن يكون لدى البنك أصول كبيرة إن لم يكن قادرًا على تحقيق ربح مناسب منها. كذلك ينظر إلى العائد على حقوق المساهمين الذي يبين مقدرة البنك على تحقيق عائد مناسب مقابل الأموال المستثمرة فيه، فإن لم يكن هناك عائد مناسب فالأفضل لملاّك البنك سحب استثماراتهم وتوظيفها بطرق أخرى.
غير أن أهم مؤشر لأداء أي بنك هو مقارنة صافي الفوائد بالأصول العاملة للبنك، ويعود ذلك إلى أن العمل الحقيقي للبنك هو شراء المال وبيعه (إن صح التعبير)، وبالتالي من المهم معرفة تكلفة شراء المال من قبل البنك وقيمة بيعه إن كان لنا معرفة القوة الربحية للبنك. وطريقة حساب هذه النسبة تتم بخصم تكلفة الفائدة من الدخل المتحقق من الفائدة، وذلك للحصول على ما يعرف بصافي دخل العمولات الخاصة، الذي يظهر في قائمة الدخل. ومن ثم نقوم بقسمة هذا الرقم على إجمالي أصول البنك العاملة، أي جميع الأصول عدا الثابتة منها.
تعليقات