العالم العربي لا يزال غير ناضج سياسيا.. هكذا يعتقد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 660 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  الانقلاب.. ومصطلح الرئيس المعزول بدل المخلوع

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

يبدو ان العالم العربي لا يزال غير ناضج سياسيا في شأن الحكم وادارة شؤون الدولة، لذلك نجد ان حالة التفرد والإقصاء والرغبة في الحكم مدى الحياة وعدم القدرة على استيعاب الآخر شريكا في إدارة شؤون الدولة، مسألة مستمرة وحاضرة في كل الأوقات، تؤكدها دلائل معينة وتعززها ممارسات قائمة وتساندها تبريرات جوفاء لا تمت للديموقراطية بصلة ولا لثقافة التعايش السياسي الطبيعي. وفي ظل هذه الثقافة وعدم النضج مرّ العالم العربي بموجة من المتغيرات السياسية في العديد من دوله، وهو ما أطلق عليه الغرب، لأهداف سياسية واضحة، تعبير «الربيع العربي».

من أهم التغيرات التي حدثت هو تغيّر نظام الحكم في جمهورية مصر العربية بعد ثورة 25 يناير 2011، بإنهاء نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بعد أن دام في حكمه 30 عاما، انتقلت فيها الدولة الى حالة استثنائية في الفكر الثوري، الذي جمع بين ثورة شعبية وتدخل المؤسسة العسكرية لحسمه، لتكون حالة خاصة من الثورة الممزوجة بتدخل العسكر، مما يجعلها «شبه ثورة»، وعلى أثرها، وبعد فترة انتقالية، تم انتخاب أول رئيس مدني في مصر، وهو الرئيس محمد مرسي، وهو ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين أو ما يعرف بالحزب السياسي باسم حزب الحرية والعدالة، وقد عاش حزبه حالة من الانتعاش السياسي الطبيعي بنشوة الفوز الكاسح، الذي تمثل بالفوز برئاسة الجمهورية، وقبلها اغلبية في مجلس النواب ومجلس الشورى، وقد اصاب هذا الفوز الكاسح حزبه بحالة من الغرور غير المرغوب، وهو ما أدى، كما سبق ان انتقدنا ذلك في مقالات سابقة منذ أشهر عديدة، الى حالة من الاقصاء للآخرين من المشاركة في ادارة شؤون الدولة، تمثلت بإصدار اعلانات دستورية من قبله، رغم انه لا يملك ذلك، باعتباره ليس امتدادا للثورة وانما رئيس منتخب على اساس دستور قائم، وتحصينه لبعض قراراته من الطعن القضائي، فضلا عن تعجله هو وحزبه بتشكيل لجنة لوضع الدستور الجديد رغم اعتراضات الاطراف السياسية الأخرى، وهو ما انتهى به المطاف الى اقصائهم عن المشاركة في وضع الدستور، هذه وامثالها سلسلة من الأخطاء الواضحة في ادارة شؤون الدولة لدى جماعة الاخوان، أو قل حزب الحرية والعدالة، وكان لابد من الخروج منها بتأكيد ان كل مكونات المجتمع المصري شركاء في الحكم والادارة والقرار.

وعلى الرغم من تلك الأخطاء الكبيرة، فإن ما حدث يوم 3 يوليو من إعلان المؤسسة العسكرية وضع يدها على سلطة الحكم في مصر هو بالمفهوم الدستوري والسياسي يعتبر انقلابا عسكريا على حكم مدني استمد شرعيته من الانتخاب، والأخطر من ذلك أن تأتي الأطراف السياسية الأخرى لتبارك الانقلاب العسكري بمبررات متفاوتة لكنها هزيلة، غايتها الوحيدة هو إقصاء الرئيس مرسي من منصبه، وتسليم دفة الحكم لاطراف أخرى، وهذه تعبّر عن عمق الأزمة في العالم العربي في عدم القدرة على ممارسة الديموقراطية الحقيقية والتعايش في اطارها، وقد كانت هناك امام الجميع مخارج تجمع بين الأمرين، ابقاء الرئيس في منصبه وإنشاء مجلس رئاسي مشترك معه يدير شؤون الدولة بحكومة توافق وطني موسعة، ويكون اجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة أحد ترتيباتها، لكنه بالتأكيد لا يجوز لأي طرف أن يفرح بإسقاط رئيس جاء بانتخابات ديموقراطية نزيهة، والأخطر منه ان يتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الدولة ويصدر اعلانات دستورية ستكون محلا للطعن عليها قضاء، وهو الخصم والحكم. ولنا عودة في حلقة مقبلة.

اللهم اني بلغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك