عن حرية الرأي!.. تكتب فاطمة الشايجي

الأنباء

يسألون عن  /  حرية الرأي

د. فاطمة الشايجي

 

وضع أصحاب الشأن مفهوم حرية الرأي في مشكلة عندما تمت معالجته مع حرية التعبير ويمكن لنا النظر في المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

فالمعالجة أدت إلى صعوبة استيعاب الإنسان العادي لكيفية التعامل مع حرية الرأي. كما ساعدت على إتاحة الفرصة للمغرضين والمنتفعين من استغلال المعالجة الرديفة للمفهومين بغرس فكرة عند العامة أن لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه، دون أن يوضحوا كيف يمكن لنا تكوين رأي. وكيف يمكن لنا التعبير عنه. والغرض من ذلك هو الفوضى ودفع الإنسان العادي لخرق قوانين ومن ثم استغلاله كورقة استعطاف أمام الرأي العام.

ولكن يجب أن يعرف كل إنسان أنه كما أن له الحق في اعتناق الرأي والتعبير عنه، فإن عليه واجبا أيضا. لذا علينا أن نقرأ ما يتبع الفقرة الثانية من المادة (19) للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تؤكد أن على الفرد « واجبات ومسؤولية خاصة وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة». وهناك فارق كبير بين التعبير عن الرأي ونقل معلومة أو إفشاء سر.

ولكي نعالج المشكلة التي حدثت وتم استغلالها يجب علينا أن نعرف أن هناك فارقا كبيرا بين المفهومين، فحرية الرأي وجهة نظر، أما حرية التعبير فهي أسلوب. مما يعني أننا ننتقل من النظرية إلى التطبيق، وإلى أن ننتقل إلى الأسلوب لابد أن يضع الفرد في اعتباره عدة تساؤلات عن الرأي الذي تكون لديه، منها: ما الأساس الذي بنى عليه رأيه؟ فكري، أم ديني، أم علمي، أم وطني، أم عاطفي، وهذا التساؤل مهم جدا فهو يوضح الفرق بين التعبير عن الرأي ونقل معلومة أو إفشاء سر.

فهناك من يعتقد أن نقل معلومة حرية رأي وتعبير، لكن نقل المعلومات لها قنواتها الخاصة وقانون يحمي صاحب المعلومة وناقلها والمجتمع.ومن ثم ينتقل إلى السؤال الآخر، كيف يكون رأيا؟ في هذه الحالة أنت تحتاج إلى صياغة رأيك بطريقة تتناسب مع الأساس الذي ارتكزت عليه، أنت بالطبع تحاول أن تعرف ما هو موقف الآخر من رأيك؟ لذا يجب عليك أن تشرح وتوضح ما تعنيه ليس بالطريقة التي تراها مناسبة لك فقط. بل أيضا بالطريقة التي تناسب الآخر كي يستوعبها، وأنت ستطالب بذلك عندما يكون لك موقف من الرأي الآخر، فأنت لن تستوعب الآخر لاتخاذ رأي أو موقف تجاهه إلا عندما يكون هو واضح ومقنع، وهناك سؤال مهم جدا يجب أن تطرحه على نفسك وهو: ماذا سيقدم رأيك للمجتمع؟ أنت هنا تحتاج إلى دراسة لمتطلبات المجتمع وعاداته وتقاليده وإمكانياته والقدرات المتاحة التي يمكن لك أن تستغلها لتعزيز رأيك. وبعد هذه العمليات أنت تحتاج إلى أن تعبر عنه وهنا ستنتقل إلى الأسلوب الذي ستجعله وسيلة للتعبير عن رأيك وهو موضوع المقال القادم.