دور الخليج في ترويض جبهة النصرة

عربي و دولي

4375 مشاهدات 0

ترويض جبهة النصرة

نعيش حالياً في ثنايا نسخة مزورة من عالم إفتراضي عربي،حيث توقف العمل العربي المشترك عن الاستجابة للمتطلبات بسبب برامج أمنية رخيصة تعارضت مع برامجه الاصلية. ولعل آخر الاختراقات استغلال روسيا لثغرة في أنظمة تشغيــل المجموعة العربية وتسللها لثنايا الازمة السورية بحصان طروادة على شكل مؤتمر جنيف ،او قوات فصل روسية،أو بتوفير S-300 سيد أنظمة الدفاع الجوي بالعالم بصواريخه التي لا تحتاج لصيانة مدى الحياة. أما الاختراق/الاهانة فاستغلال رئيس الكيان الصهيوني بيريز للعيــوب في نظامنا العربي واقتراحه أمام البرلمان الأوروبي 12 مارس 2013م بتدخل عسكري عربي في سوريا. اما العلة الجديدة في نظامنا العربي فهي النوافذ المنبثقة ' Pop-ups' ،حيث تتقافز فارضة نفسها بتسلل وقح،مشتتة الجهود ومعيقة كل عمل جاد .

لقد قفزت أحدث النوافذ المنبثقة للمسرح السوري 24 يناير 2012م تحت عنوان جبهة النصرة ،وخطب ابو محمد الجولاني قائلا' هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسئولهم العام، نجدِّدها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري -حفظه الله-، فإننا نبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والهجرة والجهاد، وألا ننازع الأمر أهله.'فكان على الغرب بعدها انتهاك خصوصيتنا مجددا والتدخل السافر في نظامنا العربي وتركيب مانع للنوافذ المنبثقة ' Pop-up blocker' حيث قرر مجلس الأمن الدولي في 30 مايو 2013 م بالإجماع إضافة «جبهة النصرة لأهل الشام» إلى قائمة الارهاب. لقد كان لجبهة النصرة رغم حداثة دخولها المسرح السوري انجازات عسكرية نوعية تظهر أرث القاعدة التعبوي الفذ، بمخاتلتهم أكبر الاعداء ثم التنفيذ بحرفية قوات الصفوة. وقد شاهدنا ذلك في الهجوم على قيادة الأركان السورية و المخابرات الجوية و نادي الضباط و الفوج 46. لكن صدى مبايعة الظواهري وإدراجهم على قائمة الارهاب عادت وبالا على الثورة السورية برمتها،حيث توقف تدفق الاسلحة وتراجعت خطط الغرب لفرض مناطق حضر جوي. تبعها حملة خليجية لإبعاد النصرة عن هياكل الثورة السورية المدنية والعسكرية.

في الثمانينيات قاتل بن لادن قوات بابراك كارمل المدعومة سوفيتيا، وحين ضاقت به مساحات التفجير هناك عاد لزرع الموت في شوارعنا ؛فهل يتكرر ذلك مع نمو جبهة النصرة في سوريا جراء رضاعتها من حسن النوايا الخليجية بالمساجد والديوانيات ؟ لقد طفقت النصرة فاستدعت رفاق السلاح في العراق وأفغانستان والشيشان. حيث تلونت نوافذ النصرة المنبثقة حاليا بألوان عربية وتركية وشيشانية و أوزبكية وأوروبية. لكن بصمات الجهاديون الخليجيون ظهرت أكثر من غيرهم. وقد أعلنت واشنطن أنها ستترك جنودها بالأردن بعد مناورات مشتركة، وأشار حلف الناتو إن تدخله وارد.وعليه لن يكون المشهد الافتتاحي للتدخل العسكري الدولي المرتقب مواجهة بين الاسد والغرب، بل مواجهة بين الغرب والباحثين عن الجنة في جولة جديدة من الحروب الصليبية وأولئك هم جبهة النصرة. ولتفويت مثل هذه المواجهة التي ستقوي الاسد فيتبعها بالضرورة فرار منتسبي جبهة النصرة من الخليجيين إلى شوارعنا، لتفويت ذلك لابد من ترويض جبهة النصرة ،فلا نصر إلا عبر النصرة، أما دور الخليجيين في ذلك فيكون كالتالي :

- تروعنا جملة من الوقائع على الأرض السورية، فالتبعات الاستراتيجية تتعدي خطر التواجد الاجنبي والتدخل الايراني لتصل لخطر خلق مناطق تدريب للقاعدة ولحزب الله وللفصائل العراقية المارقة. ولا نغالي في القول بقدرة دول الخليج على ترويض جبهة النصرة، فقد أظهر الاسبوعين الماضيين هناك إرتفاع مستوى الدور الخليجي ومنسوب الدور السعودي والقطري خاصة. كما يظهر إفتتاح طالبان لمكتب لإمارة افغانستان الاسلامية في الدوحة قدرة الخليجيين على ترويض الفاعلين من غير الدول 'Non-State Actors'،وقبلهم جماعة الاخوان في الكويت والبحرين وقطر والتي كان التعامل معها من الموبقات سابقا.فما الذي يمنع من ترويض جبهة النصرة خليجيا بالضغط على منابع دعمهم بالرجال والمال كخطوة لتغيير تأثير الفاعلين من غير الدول في صناعة الاحداث لصالحنا ؟

-ولأنه لا قبل للجيش الحر بإزاحة النصرة منفردا، ولأن الدول الغربية لاتثق في تسليم أسلحتها مباشرة لثوار يمكن أن ينقلوا بنادقهم من كتف الى آخر.ومع ضرورة إقامة رأس جسر عسكري عربي يمهد للتدخل الغربي؛من أجل ذلك كله يمكن إنشاء وتسليح وتدريب لواء أو فرقة من المجاهدين الذين يشكل أبناء الجزيرة العربية شريحة كبيرة منهم قرب أو تحت مظلة درع الجزيرة لتحويل جريان نهر المتطوعين الخليجيين بعيدا عن جبهة النصرة تمهيدا لتحييدها.
الخلاصة الصافية إن القدرة التخريبية لبرامج متعارضة في النظام الامني العربي هي سبب البؤس غير اللائق الذي يتعرض له اخواننا في سوريا، وجبهة النصرة تحمل قدرا كبيرا من وزر الاحجام الدولي والعربي عن إسقاط الأسد .ولن ننقل استشرافنا القابل للنقاش من دائرة الخلاف في الرأي إلى دائرة التحريض؛لكن فكر القاعدة عابر للحدود،مما يلقي على عاتق مجلس التعاون الخليجي القادر اقتصاديا وسياسية مهمة أن يرفع سيفه بدل ان يرفع صوته، ويساعد في ترويض جبهة النصرة من أجل سوريا ،و قبل ان تلد النصرة الخليجية.

الآن : د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك