هل ننتظر مثل مصير اليونان؟!.. الحساوي متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 764 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  أُكلنا يوم أُكل الثور اليوناني!

د. وائل الحساوي

 

إن كان لنا من رجاء وأمل في ما ستحمله الأيام من تشكيلات لمجلس الأمة وللحكومة نرجو الله تعالى ان يتحقق من خلالها تطلعات الشعب الكويتي وطموحاته التي تم قمعها سنوات طويلة عندما دخلنا في نفق الفوضى والتخبط، وإن كان من شيء يجب ان نركز عليه اليوم ونجعله في قمة اهتماماتنا وأولوياتنا، بل انه بمثابة خطة إنقاذ ما لم ننفذها خلال المرحلة المقبلة فإن الكويت ستتلاشى تدريجيا وتصبح أثرا من بعد عين.
هذه الخطة تقتضي التدخل لإصلاح الاعوجاج في ميزان الانفاق والتي بينت جميع الدراسات وتقارير الجهات المحايدة بأنها تعاني من خلل قاتل لا يمكن السكوت عنه، وهي أشبه بالسرطان الخبيث الذي ينتشر في جسم الانسان دون ان يفطن اليه او يبادر لمعالجته.
إحصائية عام 2014/2013 بملايين الدنانير تبين بأن ايرادات الكويت ستبلغ 18 مليارا بينما اجمالي المصروفات فسيبلغ - بحسب الميزانية - 21 مليارا، اي بعجز يبلغ اكثر من 3 مليارات دينار.
أما الأشد ايلاما فهو ان إجمالي الرواتب على الجهات الحكومية والجهات المستقلة والملحقة يزيد على 10.3 مليار دينار، اي بما يوازي 57 في المئة من الايرادات، وان مصاريف الدعم المختلفة لجميع الجهات تبلغ 5.6 مليار دينار، بنسبة 30 في المئة من الايرادات.
إذاً فالرواتب والدعم يشكلان مبلغ 16 مليار دينار (88 في المئة من نسبة الايرادات) وما تبقى من الميزانية يتم صرفه على الامور الاخرى.
قد يقول قائل: أين تكمن المشكلة في ما ذكرته ونحن اليوم نحقق فائضا ماليا يبلغ عشرة مليارات دينار سنويا، وسعر برميل النفط يرتفع تدريجيا؟!
الجواب هو ان القائمين او المستأمنين على أموال الدولة لا يقدّرون بأن سياسة الاستنزاف التي يتسابقون عليها ما بين المجلس والحكومة لابد وأن تهوي بالبلد الى الهاوية وقريبا جدا، فبحسب السيناريوات المطروحة فإن الكويت ستواجه عجزا يبلغ 179 مليار دولار عام 2030 وذلك في ظل أفضل السيناريوات المطروحة وهي ان يزداد انتاج الكويت من النفط من 3 ملايين الى 4.5 مليون برميل يوميا، وان يرتفع سعر برميل النفط الى 185 دولارا، وهذا السيناريو شبه مستحيل.
أما السيناريو الأقرب الى الواقع فإنه يفترض بأن انتاج النفط سيزداد من 3 ملايين الى 4 ملايين برميل يوميا في عام 2030 بمعدل سعر 100 دولار للبرميل، ومعدل الانفاق العام يزداد 7 في المئة سنويا، وفي هذه الحالة سيظهر العجز التراكمي تدريجيا ليصل الى أكثر من 624 مليار دولار عام 2030.
إن الحديث عن مبلغ 624 مليار دولار عجز في الميزانية لا يحتاج الى محللين اقتصاديين لتفسيره لدولة لا يزيد عدد سكانها على مليون وربع المليون نسمة، وفي ظل عدم وجود مصادر أخرى لتعويض الانتاج فإنها تعني ليس فقط إفلاس البلد ولكن ملاحقة الديون للكويتيين في كل مكان، ولنضرب مثلا باليونان التي تفوقنا سكانا وعراقة وتمتلك الكثير من مقومات الزراعة والسياحة والانتاج الصناعي وغيرها، ثم هي وقعت في شر الدين الذي وصل الى 350 مليار يورو، وقد عجزت عن سداده بالرغم من وقوف الدول الأوروبية معها، لكن تلك الدول فرضت عليها شروطا قاسية منها: 
1 - إعفاء 150 ألف شخص من القطاع العام من مناصبهم.
2 - خفض المرتبات عموماً والمرتب الأساسي ومعاشات التقاعد.
3 - رفع سن التقاعد.
4 - رفع ضريبة الدخل والضريبة على السلع.
5 - دمج أو حل العديد من مؤسسات القطاع العام.
ورغم ذلك فمازالت اليونان غارقة في مشكلة ديون قد كانت قادرة على تجنبها بسهولة يوما ما، فهل ننتظر مثل مصير اليونان؟!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك