عن ثورات الأخطبوط.. تكتب فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 796 مشاهدات 0


الشاهد

ثورات الأخطبوط

د. فاطمة الشايجي

 

يصعب على الانسان العادي أن يتقبل ما سيقرأه، ولكنها الحقيقة، فالثورات التي أطلق عليها الربيع العربي، اسميها »بثورات الاخطبوط« لأنها ظهرت من عقل يهودي واحد ولكنها للأسف طبقت بأذرع عربية، ولا تزال الأذرع تلعب. لقد قدّم الاخطبوط أغنية جميلة لمن يريد أن يسمع واعتمد على القاعدة الموسيقية الذهبية التي تؤمن بالانتشار وليس بالتذوق ألا وهي » أن لكل وتر لحن، ولكل لحن نغم، ولكل نغم اذن تستمتع به « لذلك سعى أن يضرب على أوتار مختلفة لاختلاف الأمزجة والتذوق وهو يعلم في النهاية أن ما يريده سيحدث، ويمكن أن نرى أوتاره المختلفة، ففي القاهرة عزف على الفقر، وسورية على الطائفية، واليمن على الفقر، والبحرين على الطائفية،وتونس على الفقر، وليبيا على الظلم، والعراق على الظلم والطائفية معا، الى أن تكوّن لحن تغنى به العرب باسم الربيع العربي.
لم يكن هذا هو التحرك الأول للأخطبوط ففي السابق صنع الطغاة في الأراضي العربية وهو الآن صانع الثورة لازاحة الطغاة، واذا أردت أن أجيب عن تساؤل أخي العربي عندما تساءل هل يستبق العرب السيناريو المحكم؟ وهل يستوعب العرب الدرس؟ نستطيع أخي العربي أن نستبق السيناريو في حالة واحدة فقط، عندما نتوقف عن قول لماذا وافق الطغاة تسليم أنفسهم من الأساس للاخطبوط؟ وقتها سنستوعب الدرس وسنعرف ونتقبل أن البديل الموجود الآن هو امتداد للطغاة وليس امتداداً للشعوب، والدليل أن ما يحدث من مناورات ومناقشات ومباحثات جميعها تنصب في كيفية تمكين البديل السلطة، وليس في كيفية اعادة بناء الشعوب، ولنا أن ننظر في الأحداث الجارية الآن في المناطق العربية التي أصيبت بداء الاخطبوط.
اما بالنسبة للتنصل العربي من امداد أصحاب الثورة لتأمين اقتصادهم فلا اعتقد أن السبب هو الخوف فقط من المد الثوري، رغم أن المنطقة بأكملها مشتعلة ولا تزال تشكو من داء التقلبات السياسية والتحركات التي نجد أنها في بعض الدول العربية وبصفة خاصة الخليج العربي لم تنجح كما أراد الاخطبوط، وانما هناك سبب آخر أيضا وهو أن الدول عادة تساعد النظم العربية الأخرى بناء على استقرارها السياسي وعلى ارادة شعوبها، والى الآن لا يوجد شعب عربي ثوري ارادته تتوافق مع سلطته الحالية فكيف يمكن المساعدة والى الآن لم تستقر الظروف؟ اذ لا زال العالم أجمع يصرح وينصح بالحكام الجدد أنه يجب على الثورة أن تأتي بثمارها وهي تصريحات لها معنى واحد يشير الى انعدام استقرار السلطة.
يؤسفني أن من تعاون ومهد وساعد وحث على قيام الثورات لم يضع في اعتباره الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها وطنه، وهذا دليل على أن الثورات قامت لأغراض مختلفة عند الثوريين ولكن غرضها الأساسي عند المحرض هو اضعاف الدول العربية الأمر الذي كان يجب أن يضعه الثوريون بعين الاعتبار والاهتمام به. غياب فكرة تأمين الدولة عند الثوار كانت مقصودة من قبل المحرض لتساعده بعد ذلك بالتلاعب بالثوار بالطريقة التي تناسبه ليبني بهم طغاة جدد وهكذا الحال، والى أن نستوعب أن الثورة لم تقم من أجل الشعوب ومن الشعوب وانما قامت بالشعوب فقط نستطيع وقتها أن نحافظ على ما تبقى منا ولا يزال بجعبتنا الكثير من الخير والأمل ولكن ما يحدث من فوضى يسبب عماء لرؤية الحقيقة.

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك